عندما تكون الكتابة في الشأن العام نابعة من أغراض وأمراض فانها تحمل في طياتها أسباب نفور الناس عنها . ولست أدري كيف يتحول من كان يكتب في أوائل التسعينات في صحيفة اخبار اليوم مقالات من شاكلة « برنامج الميرغني لحكم السودان اواخر سورة النمل » حتى يأتي الان ليكتب مقالا كالذي نشر بالثلاثاء « المهدي والميرغني مشاركة في الحكم ام مفارقة » وليس فيه من المنطق الا القليل وجله همز ولمز وطعن وقد زعم الكاتب الاطلاع على النوايا والحكم على الضمائر . ان جمع الميرغني والمهدي سويا واطلاق اسهم الكاتب عليهما معا يوهم ان الرجلين يتشابهان في كل شئ وهذا خطأ . بل ان الجمع بين الختمية والأنصار باعتبارهما وجهان لعملة واحدة خطأ كبير كان ينبغي الا يغفل عنه الاستاذ المثقف وهو ينتمي الى احدى الطرق الصوفية المعروفة . ان الفوارق بين الختمية والانصار اكثر بكثير من اوجه الشبه بينهما وتبيين ذلك ليس هذا محله . كما انه ليس من الضرورة ان تكون مساهمات الميرغني والصادق الدينية معروفة لديك حتى تتكرم بمنحهم اكثر من الصفر على الشمال الذي تكرمت به عليهما ، فانت تعلم ان كليهما محارب اعلاميا بينما غيرهما يجد المجال واسعا في مختلف اجهزة الاعلام حتى يشهر اعماله بين الناس. انه مهما اختلف الناس مع الختمية والانصار فان الحقيقة التي ظهرت الان هي ان الاسلاميين قد عرفوا الخطأ التاريخي الذي وقعوا فيه باستبعادهم هاتين الطائفتين الكبيرتين تماما من المشهد السياسي والديني. والنتيجة في المشهد السياسي ما نشاهده اليوم اما في المشهد الديني فقد حل محل الشدة الانصارية تطرف تنظيم القاعدة وحل محل الوسطية الختمية طرق ومشيخات ضعيفة تستغل من قبل النظام الحاكم لتشويه صورة التصوف السليم ، وقنوات واذاعات مائعة وراقصة لوثت المديح القديم الأصيل، دع عنك الميرغني والمهدي فهما -على الاقل - خارج النظام الان وليس لهما من الامر شئ، وانما الحل والربط بيد من تعرف والذين يقودون البلاد اقتصاديا واجتماعيا ودينيا نحو الهاوية. ان الاختلاف يجب بأي حال الا يفسد ما بين المسلمين من الالفة والمودة . اما الفكر الاقصائي فلم ولن يقود الناس الا الى مزيد من الاحتقان . وان المرء ليعجب اذا كان هذا حال الممارسين للسياسة من المنتسبين للقوم فكيف يكون حال غيرهم ؟. والله المستعان