كانوا أربعة جمع بينهم حب رياضة المشي، تآلفت قلوبهم بشارع الڤلل الرئاسية الذي اعتادوا على ممارسة رياضتهم المحببة فيه فأصبحوا أصدقاء على السراء والضراء، يلتقون عصراً عند بداية الشارع وحين يكتمل جمعهم يبدأون المسير إلى نهايته ثم عوداً على بدء إلى أوله، وذات عصرية من ذات «العصاري» وبينما كان أربعتهم على حالهم المعتاد على هذا الشارع الذي أخذ اسمه من الڤلل الفاخرة التي بنتها الحكومة إذا بوجه مألوف لديهم كثيراً ما طالعوه على صفحات الصحف أو شاهدوه على شاشات التلفزة المحلية تتقدمه كرش مكوّرة يتجاوزهم وهو «يجك ويناهد» ووقع أقدامه الثقيلة يحدث صوتاً مزعجاً «دُل دُل دُل»، كان منظره وهو يرتدي تي شيرت رياضي ضاق كثيراً على جسده المترهل وأبرز بشكل سافر كل ما يختزنه من شحوم ونتؤات يعيد إلى الذاكرة تلك «الجكات» التي ابتدعها أهل الانقاذ على أيام «الهوجات واللهوجات» الأولى لا ينقصها شيء سوى أرجوزة «كل شيء لله والجكة دي لله»، وبمناسبة أيام الهوجة واللهوجة تلك تحضرني طرفتان للمبدعين الدكتور عوض دكام رحمه الله والفنان زيدان متعه الله بالصحة والعافية، يقال حين فرضت الحكومة على قطاع الأطباء الانضمام لمعسكرات الدفاع الشعبي لأغراض التدريب العسكري كان أول رد فعل طريف للظريف دكام انه قال تعليقاً على الأمر «أنا السوق الشعبي ما مشيت ليهو كيف أمشي الدفاع الشعبي»، أما طرفة الفنان زيدان ابراهيم فتقول ان هذا الفنان المترع بالفن والابداع كان عائداً ذات مرة في وقت متأخر من الليل من حفل أحياه بأحد الأحياء وكانت حرب الجنوب وقتها على أشدها وفي قمة ضراوتها، فاستوقفت الحافلة التي كان يستقلها زيدان في معية العازفين دورية عسكرية من تلك الدوريات التي كانت تنتشر بكثافة، كان داخل الحافلة يعج بمختلف الآلات الموسيقية وعلى سطحها يرقد جهاز الساوند سيستم وكان التعب والارهاق قد بلغ بركابها أعلى سقوفه، بدأ بعض العسكر يجولون ويدورون ويطوفون حول الحافلة وبعضهم الآخر يجوس داخلها وبعضهم اعتلى سقفها، فما كان من زيدان إلا أن علّق على هذا المشهد العجيب والرهيب قائلاً بسخرية هي أقل ما يمكن أن يقال عنه «يعني جون قرنق دا لو جاييكم حيكون شايل معاهو ساوند سستم»، وعودة إلى صاحب الجكة والأصحاب الأربعة، فما إن تجاوزهم الرجل حتى صرخوا جميعاً «دا ما فلان داك الما بغبانا» وبعد أن تداولوا أمر «جكته» وقلّبوا حولها مختلف الآراء اتفقوا على أنها جكة ليست لله وإنما للكليسترول والضغط وأوجاع القلب.... الآن وإذا ما قُدّر «لأصحاب المصلحة» المؤتمرين بالدوحة أن يخلصوا إلى شيء «نجيض» بحسب تعبير الأستاذ نقد سكرتير الحزب الشيوعي فإننا لا ندري في أي خانة أو تصنيف نضع «الجكة» التي وعدنا بها من الدوحة إلى دارفور، فرغم انها جكة ستقطع أكباد الطائرات إلا انها ستظل بلا مرجعية أو نسب، فهي ليست للكليسترول والضغط بالنظر إلى حجم نقد وضآلة جسده التي تؤشر إلى انه خالٍ من الكليسترول ومعافى من أي ضغط، كما أنها بالقطع لن تكون لله بعد أن قطع السيد مصطفى عثمان اسماعيل بأن المعارضة لا تذهب إلى المساجد لأداء صلاة الجمعة، ولا يهمنا هنا أن نعرف أين يؤدي الامام الصادق المهدي ومولانا الميرغني وشيخ الترابي وكل الأنصار والختمية صلاة الجمعة أو إن كانوا يؤدون صلاة أخرى غير المكتوبة أو حتى لو كانوا لا يصلون أصلاً بقدر ما يهمنا أن نعرف هوية الجكة التي وعدنا بها نقد وسننتظر لنرى....