أبلغت الحكومة السودانية الأممالمتحدة رسميا بإنهاء وجود بعثة الأممالمتحدة «يونميس» في السودان في التاسع من يوليو 2011م، وقد بعث وزير الخارجية بخطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يخطره فيه بقرار السودان بإنهاء عمل قوات «اليونميس». وجاء قرار السودان بعد المقترح الذي كان قد قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في خطابه لمجلس الأمن، ويتضمن الاقتراح بقاء قوات «يونميس» البالغ تعدادها «10» آلاف، وإرسال قوات إضافية إلى الجنوب تبلغ «7» آلاف مزودة بكل المعدات القتالية الثقيلة والرادعة تحت البند السابع، على أن تمكث القوات ثلاثة شهور قابلة للتجديد، مهمتها كما حدد مقترح الأمين العام للأمم المتحدة حفظ السلام وإنهاء المشكلات العالقة في اتفاقية السلام الشامل، والتي تتركز في قضية الحدود ومشكلة أبيي والنفط والمشورة الشعبية في كل من النيل الأزرق وجنوب كردفان. كان سلفا كير مارديت رئيس حكومة الجنوب قد طلب من أعضاء مجلس الأمن مساعدة ودعم جنوب السودان تجاه السياسات الداعية للحرب التي يقوم بها نظام الإنقاذ، والحركة الشعبية ظلت تدعو مجلس الأمن باستمرار لحماية دولة الجنوب من السياسات العدائية للشمال، ليس باعتبارها رد فعل لدخول القوات المسلحة لمنطقة أبيي، وإنما قبل ذلك، وكانت آخرها في أواخر العام الماضي عندما خاطب باقان أموم وزير السلام في حكومة الجنوب مجلس الأمن، وقال إن دولة الشمال مازالت تمارس عدائيات على جنوب السودان، وهي تعرقل المحادثات بين الجانبين للوصول لحل للمشكلات المعلقة. وأكد أن جنوب السودان في حاجة لقوات إضافية لحفظ السلام لكي تحمي الدولة الجديدة التي سوف تصوت لها الأغلبية العظمى من شعب الجنوب، وكانت عبارة عن دعوة للتحرش ودفع المجتمع الدولي لكي يضغط على حكومة السودان لكي تتنازل عن أراضيه وحقوق أبناء المسيرية في منطقة أبيي إرضاءً لقيادات الحركة الشعبية. وفي اللقاء الأخير الذي جمع رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ومندوبة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة سوزان رايس بشكل منفرد دون بقية أعضاء مجلس الأمن، طلب السيد كير من الولاياتالمتحدة الضغط على حكومة الخرطوم لكي تسحب قواتها من منطقة أبيي، وأن ترسل الأممالمتحدة قوات أخرى لكي تمنع القوات الشمالية من غزو الجنوب، وقال إن منطقة أبيي تمثل العمود الفقري لدولة الجنوبالجديدة، وإن القوات السودانية تريد أن تغير ديمجرافيا المنطقة وتوطين قبيلة المسيرية في المنطقة تحسبا لعملية الاستفتاء، وهذا الذي دفع سوزان رايس إلى أن تصرح للصحافيين حينما قالت يجب على حكومة الخرطوم أن تسحب قواتها من منطقة أبيي وتعيد الوضع إلي طبيعته، وإلا فإن مجلس الأمن له من الآليات ما يعيد الوضع وفقا للبند السابع لميثاق الأممالمتحدة. في عام 2008م كانت جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية قد نشرت جزءاً من تسريبات موقع ويكليكس يتضمن وثيقة تكشف عن عمليات نقل أسلحة إلى جنوب السودان منذ عام 2008م، وفي ذات الوقت كان قراصنة صوماليين قد استولوا على سفينة شحن أوكرانية محملة بأسلحة إلى حكومة الجنوب عبر كينيا بها «67» دبابة وقاذفات وأسلحة مضادة للدروع والطائرات، وتؤكد المعلومات الصحفية في الولاياتالمتحدة أن صفقة الأسلحة تقدر بمبلغ «600» مليون دولار دفعتها الولاياتالمتحدة خصما على ديون الولاياتالمتحدة على دولة أوكرانيا. ومنذ عام 2007م بدأت الولاياتالمتحدةالأمريكية وتحت غطاء تقديم الدعم لقوات الشرطة والقوات الخاصة للحركة الشعبية من أجل لحفظ الأمن، بدأت في تدريب أعداد كبيرة في أوغندا ويقوم بذلك القسم الخاص في الإدارة العسكرية الأمريكية لإفريقيا لمعروفة باسم «الأفريكوم»، وهي التي تشرف على تدريب وإعداد قوات الحركة، كما أن القوات المسلحة الأوغندية قد فتحت معسكراتها لعدد من حركات دارفور، وقد بدأت قوات الحركات تدرباتها تحت إشراف من القوات الأوغندية، إضافة لخبراء من الأفريكوم وهي قوات لها مهام خاصة. وفي الدعوة التي كانت قد قدمتها الولاياتالمتحدة لقيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال التي التقوا فيها مع عدد من الإدارة الأمريكية في كل من وزارة الخارجية وأعضاء في الكونجرس، تناولت الحوارات انتخابات جنوب كردفان، وقد أكدوا أن فوز الحركة الشعبية في المنطقة سوف يؤدي إلى استقرار المنطقة بين الشمال والجنوب، وأن الحركة الشعبية في جنوب السودان تعوِّل على نجاح جسمها في الشمال بهدف تحقيق أهدافها في المنطقة، وسهولة الوصول إلى حل. وغير مستبعد أن تكون الحركة الشعبية قد وجدت الدعم المالي لخوض الانتخابات، وكانت الزيارة جزءاً من الترتيبات التي تقوم بها قيادات الحركة الشعبية وخاصة أبناء أبيي أهل زوجة وأبناء السيد ياسر عرمان مسؤول قطاع الشمال في الحركة الشعبية، كل هذا يؤكد أن الحركة الشعبية كانت تسعى من أجل السيطرة الكاملة على منطقة أبيي واحتلال كل المناطق المختلف عليها في الحدود، بمعاونة المجتمع الدولي، وتسخير مجلس الأمن لتحقيق أهداف الحركة الشعبية. إن رفض حكومة السودان التجديد لقوات «اليونميس» وإنهاء عملها في التاسع من يوليو، يعد قراراً يسابق الزمن، وتريد به الحكومة وقف مخطط يقوم به مجلس الأمن برعاية الولاياتالمتحدةالأمريكية لاحتلال جنوب السودان وتقديم كل الأراضي والمناطق المختلف عليها إلى الدولة الجديدة في جنوب السودان، باستخدام البند السابع للأمم المتحدة، وبعد ذلك تقدم تسهيلات لعدد من حركات دارفور وقوات من جنوب كردفان بعمل مسلح ضد الحكومة، لكي يتم انشغالها بمعارك داخلية تتفجر في كل من دارفور وكردفان، مع ضغوط سياسية خارجية وداخلية تنسي فيها مطالبتها بالمناطق المختلف عليها مع الحركة الشعبية، بعد ما يكون قد اعترف العالم بالدولة الجديدة بالحدود التي تقف عليها قوات الأممالمتحدة، ويكون السودان قد خسر أراضيه. وهذه هي المخططات الدولية التي يريد المجتمع الدولي أن يحتل بها الأراضي السودانية. وللأسف الشديد بمعاونة من أبناء الوطن الذين يساهمون في تنفيذ مخططات تآمرية على الوطن، ويجب على المجتمع السوداني وكل قواه السياسية الانتباه لها ومعرفة أبعادها. ٭ صحافي سوداني سويسرا