(اقرأ .. فكر .. ناقش) هي ثلاثية النجاح التي ميزت مؤتمر الطلاب المستقلين بالجامعات والمعاهد العليا طوال مسيرته المستمرة لثلاثة عقود ونصف والتي ظل ينادي فيها بوطن يحترم التنوع والتعدد ، ولازال رافعا شعار المطالبة بقبول الآخر وبناء سودان ديمقراطي ، تلك الثلاثية نريدها ان تكون رباعية علنا نتجاوز ما يحاصر بلادنا من خطوب ومحن الآن وندفع ب(افعل) للذين يأتمرون مساء اليوم بقاعة الشارقة بالخرطوم على مقربة من مهدهم الاول والارض التي شهدت صرخة ميلادهم في العام 1977م داخل جامعة الخرطوم ولحقت بهم الاسلامية والفرع . يلتقي اليوم اعضاء المؤتمر بالجامعات ليعيدوا ترتيب انفسهم ويقلبوا اوراق منظومتهم الطلابية ، في وقت لا يمكن لكل متابع لمسيرة هذه المنظومة ان يغفل عن التشابه حد التشابك مابين الامس واليوم ، فالدواعي التي دفعت أولئك الطلاب في السبعينيات ليرفع صوتهم جاهرين بالرفض لكل ماهو قائم آنذاك لا تختلف عن ما يدور الآن ، فالحرب ونذرها والفقر وعذاباته والتخبط الملازم لدولاب الدولة والارتباك بالساحة الداخلية للبلاد بجانب وهن قوى المعارضة وفشل الحاكمين في قطف ثمار السلام الموقع من قبل وحينئذٍ (اديس ابابا / نيفاشا) والاستفادة منه لبناء الوطن الذي نريد، كلها اسباب دفعت المؤسسين لقول لا والالآن ذات الاسباب تتوفر بل ويضاف عليها انفصال ربع مساحة البلاد ونذر الانفصال التي تهدد ماتبقى وكان قدر المؤتمرين ان يظلوا يطرقون على المخاطر وينبهون الجميع دون ان يجدوا اذن صاغية لحديثهم ، بل تواجههم اسئلة بلهاء تنتجها عقول العاطلين عن التفكير والواقفون محلك سر فكلما حذر المؤتمرجية من العواقب التي يمكن ان يجنيها الوطن بسبب السياسات الخرقاء يخرج الآخرون عليهم بالحجج المجانية والاتهامات الجوفاء الفاقدة للتفكير ويتهمونهم بالعمالة والارتزاق والآن وبلادنا فقدت ربع مساحتها وتحاصرها الحروب لازال هناك من يتساءلون هل سيبقى المؤتمر بعد ان ذهب الجنوب ؟ هو ما سيجيب عليه اليوم الطلاب المستقلون لادراكهم ان الانفصال الذي وقع ليس بالامر المستغرب ولا المدهش بل هو ما كانوا يحذرون منه ويضعون له الترياق بمنابرهم ومنتدياتهم التي لم تنقطع ، فهم اول من تحدثوا بجرأة عن ضرورة العمل من اجل بناء وحدة متينة تستوعب كل الكم الهائل الذي تزخر به بلادنا من تنوع لغوي وعرقي وديني وتباعد عنه شبح الانفصال قبل ان يكون ضمن قاموسنا السياسي ،لكن وقتها كان لا احد يدري معنىً لتلك الاقوال ، ووقفوا دون ان ترتجف قناعتهم يقارعون الجميع بان الحوار هو طريق خلاص هذا الوطن من مصائبه لذا تلك الاسئلة مردود عليها فالمستقلون لا يمكن ان تهزمهم اخطاء الساسة وقصر نظر الحاكمين لادراكهم التام بان الخطأ لايمكن ان يستمر ولابد ان تعود الاشياء الى وضعها الطبيعي . لكن منظومة المستقلين تلك المدرسة التي خرجنا منها للحياة تحتاج الى التأمل والوقوف مليا امامها فكيف لطلاب تزاحمهم واجبات الدرس الجامعي وتحاصرهم متاعب الحياة ان يبنوا مثل هذه المنظومة ويحافظوا على كيانها دون ان تصيبها كل الامراض التي المت بالمنظومات السياسية بالبلاد القديمة والحديثة منها ، فالانشقاقات والخلافات حول الزعامة والتمترس في كراسي القيادة لا يعرف لها مكان داخل اروقة المؤتمر وهو ذات النهج الذي يمضي عليه الآن حزبهم السياسي (المؤتمرالسوداني) ولمن لا يعلم فان سر الطبخة ليس بالامر الصعب فالديمقراطية التي تغيب عن بلادنا واحزابها ولا تكون حاضره الا في خطب الساسة هي سلوك يكتسبه المؤتمرجي ليتعامل به في مجمل حياته وليس لحسم اللعبة السياسية كما يعمل الكثيرون ، وهناك امر آخر يعطي هذه المنظومة بريقها فهي تختلف عن نظيراتها الطلابية فلم تكن رافدا طلابيا لحزب بالخارج بل خرجت من الجامعات الى الشارع واسست حزبها الجماهيري وهو ما يتسق الآن مع تحولات الحياة التي باتت تعترف بالعلم والمعرفة قبل الزعامة والطائفة وهو ما يعطي المؤتمرجية قوة البقاء والعمل من اجل بناء السودان الذي يسع الجميع رغم حالة اليأس التي تحاصر الكل الالآن وتغطي مساحات وطننا الا ان اعضاء المستقلين اعلم انهم يدركون كل تلك المصاعب والاهوال ويعرفون ان طريقهم شائك وملئ بالتحديات ولن يكون بافضل مما كان عليه من قبل ، لكن من قدموا ارواحا شابة وفتية يقيني انهم قدر التحدي فهناك دماء عبدالحميد عثمان في ثمانينيات القرن الماضي ونصرالدين الرشيد وميرغني النعمان ودكتور ايهاب طه في التسعينيات وبداية الالفية تبقى شاهدة على قدرتهم في التضحية من اجل مشروعهم وبناء سودان الحرية الذي يحلمون به . الآن بلادنا تحاصرها جملة من السيناريوهات المظلمة وهو ما لايغفل عنه المؤتمرون اليوم لكن نحن الذين عبرنا من بوابتكم وتشربنا منها معنى العمل من اجل الوطن والتراب ، نريد من تظاهرتكم هذه الكثير فالوسطية التي تميزيكم هي ما يفتقدها السودان الآن ويحتاجها لتعبر به الى الضفة الاخرى من النهر وتحافظ على ماتبقى وتدفعكم لتحقيق ما ظللتم ترددونه بانكم من سيعيد وحدة هذا الوطن وهو ليس بالمستحيل ، اعلم تماما بانكم مدركون لما ينتظركم من دور لكن لابد من التنظيم والبناء حتى تتلازم مقومات النجاح فالتفكير السليم والديمقراطية الحقه لا خلاف عليها داخل المنظومة التي تمتلك من الارث والتجربة ما تفتقر له اغلب المنظومات بالبلاد وهو سر البريق ايضا ، لذا اجعلوا من مؤتمركم هذا بداية لتحويل كل ذلك التراكم الفكري والمعرفي الى عمل وافعلوا بجد لتضعوا هذا الوطن المظلوم في طريقه ومكانه الصحيح فالفعل وتحويل التفكير الى برامج عمل هو المطلوب الآن قبل ان يمضي الوطن الى الانهيار احد السيناريوهات التي تحذرون منها ، نعم نحتاج ان نقرأ تاريخنا وتاريخ الشعوب ولابد من التفكير ايضا والنقاش والحوار لكن كل ذلك لن يجدي ان لم نطرق قوالب الفعل لكل ما قمنا به فالبلاد أبوابها مشرعة فهلا ولجتم.