«حل الخريف حل أهلا به وسهلا » «نزل المطر وبرد الجو» «القطر القطر بأبي فاطمة هوي تجيب المطر» «ويا مطيرة صبي لينا» أهازيج تلهج بها ألسنة الصغار وناشئة الصبيان ما أن يقترب موعد حلول موسم الأمطار لا سيما في الريف والبادية لما للخريف من ارتباط وثيق بحياة الناس وأسباب معيشتهم المتعلقة بشقي الزراعة النباتي والحيواني فكلاهما يعتمد نجاحه على توفر المياه فكلما هطل المطر في مواعيده زادت بهجة الصغار قبل الكبار به فتراهم يلعبون ويمرحون مرددين «حل الخريف حل أهلا به وسهلا » «نزل المطر وبرد الجو» «ويا مطيرة صبي لينا» ولكن عندما يتخلف عن موعده فتراهم يرفعون أكف الضراعة للخالق متوسلين إليه بمكانة خير البرية عنده بترداد أهزوجة «القطر القطر بأبي فاطمة هوي تجيب المطر» بعد خروجهم بعيدا عن حمى القرية وانشغالهم بطهي البليلة المكونة من مختلف ضروب الحبوب فلا يستطيع كائن من تحديد ملامحها أو التعرف على هويتها لكونها هجين من مختلف صنوف الذرة من فتريتة ومحيسي ودبر وود أحمد وطابت وود فحل بخلاف القمح والدخن واللوبيا العدسي واللوبيا مصران البلاد وكل ما يمكن أن يخطر ببال إنسان من صنوف الحبوب وأكثر ما يدهش في أمر بليلة الكرامة لنزول المطر طعمها المميز والتفاف الصغار حولها وحرصهم عاى توزيعها دون أن يبقى منها شيء على كل سكان القرية فلا يأنف أحد من قبولها والإقبال على تناولها تبركا وطمعا في قبول المولى عز وجل لدعاء الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم وربما إيمانا أن الأطفال الرضع والشيوخ الركع من أسباب نزول القطر كما جاء في الأثر وعلى ذكر الشيوخ الركع يكون مصاحبا لطهي أو «شد» كرامة البليلة ظاهرة تعليق أو رفع الكتاب أمام خلوة الشيخ أو الفكي بالقرية عشما في نزول المطر حيث يعلق المصحف على شعبتين بينهما عود متعارض فيزور الناس مكانه ويضعون ما يستطيعون من صدقاتهم بجانبه أوبة للخالق وإقرارا بالبعد عن طاعة الخالق كما يرفع الكتاب «المصحف» حال نزول بلاء بالقرية أو المنطقة مثل انتشار مرض معين بكثافة وسط السكان . ما حفزني على التطواف عاليه تأخر هطول الأمطار هذا الموسم لدرجة انصرمت عينة الضراع دون أن تمطر السماء إبانها مرة الأمر الذي يشيء بأن الناس في حاجة إلى الأوبة إلى الخالق ومراجعة نفوسهم عبر الاستغفار لكونه سببا في نزول المطر «وقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا » هذا بخلاف كونه سببا للمد بالمال والبنين وازدهار الجنات وجري الأنهار . فأين صغارنا من كرامة البليلة وشيوخنا من تعليق الكتاب ؟