مدينة الابيض ثاني مدينة سودانية من حيث التاريخ القومي بعد أم درمان أطلق عليها المهدي (أبيض البقعة) و يعتبرها بعض المؤرخين في مرتبة واحدة مع مدينة أم درمان ، ففي أرضها شبت وترعرعت الثورة المهدية، ودارت فيها أهم المعارك الحربية الفاصلة بينها وبين المستعمر موقعة شيكان 1883م حيث سيطرت بعدها الثورة المهدية على بقية أنحاء البلاد. و اسم الابيض يرجع الى قصة اكتشاف الحمار الأبيض الذي تمتلكه امرأة عجوز تسمى (منفورة)، لمورد ماء وبعدها هاجر سكان القرى المجاورة وكانوا يقولون: (نحن ذاهبون لنسكن في مورد الحمار الابيض) وأصبح الاسم السائر بمرور الأيام مع اختلاف التشكيل وفقاً للهجة السكان المحلية. وتتميز الابيض بتعدد الاسواق مثل السوق الكبير وكريمة شمال وسوق ابوجهل الا ان الاخير يمثل نكهة اسواق الابيض ويعتبر مسك ختام الا بعد مشاهدة سوق ابوجهل والذي يعتبر موزايك للحياة الاجتماعية والثقافية لولاية كردفان وتعرض فيه منتجاتها من التبلدى والمليل والقضيم ولالوب والكركدى. فى سوق أبو جهل تجد وبكل سهوله منتجات كردفان من ديار الكبابيش و حمرة الشيخ وسودرى والنهود غبيش ود بنده الخوى و بابنوسه و المجلد و بارا وأم روابه والرهد والسميح وخور طقت وماجاورها من القرى التقينا بالفاضل سليمان عبدالعال تاجر قطاعي وقال انهم يشترون المحاصيل من التجار في معظم ايام السنة بينما يبيع لهم المزارعون بعد موسم الحصاد و ان الاسعار في الموسم تكون منخفضة لوفرة الانتاج واشار عبدالعال الى ان زبائنهم من مدينة الابيض والعدد الاكبر من خارج المدينة واشهر الاصناف التي تباع في السوق الويكة والقنقليز والدوم والفول والشطة الدخن واللالوب والليف ، واوضح عبدالعال ان الطلب يزداد علي بعض الاصناف في رمضان مثل القنقليز وتباع زنة الملوة منه ب 12 جنيها ويباع رطل الكركدي ب 5 جنيهات والقضيم تباع ملوته من 32 الي 35 جنيها . واثناء تجوالنا في السوق اقتربت منا امرإة في الخمسينات من العمر وتحمل قفة بها زجاجات من السمن والحت علينا بالشراء وقلت لها « ناس البيت اشتروا بالامس « لكنها عاجلتني بالقول « انت ليس من سكان الابيض « واضافت قائلة : لان رجال الابيض لا يرتادون سوق ابو جهل بل تفعل نساؤهم « ، وفي الجانب القصي للسوق يوجد باعة الصناعات اليدوية من البروش والزعف وادوات الطهي التقليدية كالمفراكة والقرقريبة وهناك التقينا مع رقية حسن والمتخصصة في بيع بعض الصناعات الزخرفية وسألناها عن الشيء الذي امامها وقالت : انه (الشتم) طبلة موسيقية صغيرة ، واشارت انه يصنع من الطين وجلد الغنم وتتعدد انواعه من الصغير الي الوسط والكبير ويستخدم بعد موسم الحصاد في افراح الزواج.