حسناً ماقامت به وزارة تنمية الموارد البشرية من برنامج زمالة الإدارة العليا لقيادات الخدمة المدنية بهدف إصلاح ما أفسده الدهر بالخدمة .. وبالرغم من أني حرمت جزءا لايستهان به من حضورها بسبب الام ضعف العصب الطرفي والجلوس لفترات طويلة وظروف علاجي الطبيعي الذي أحرص عليه إستكمالاً للعلاج ولكن مانلته كان كبيراً جداً ومفيداً جداً... شعور مختلف فى كل يوم وفى كل محاضرة ... كم هى المصاعب التي تحتدم بوطننا ... كم عقول يلتوي بها العقم وتجود بها الأطماع فيه .. كم حزب تديره حزبيته تارة وتسخره عاطفته تارة أخرى .. أوضاع ضاق بها الوزير كمال عبداللطيف ذرعاً امتلأ بحملها هماً فأراد بهذا البرنامج الكبير سهماً يصيب به بعض الغرض ويعالج به الداء ... فكرة وبرنامج يتطلع من خلاله إلى سبيل يقطع دابر الفساد والمحسوبية ويكشف الغشاوة عن الأبصار . لا أستطيع أن أخفي إندهاشي من الدرك والحضيض الذي وصلت إليه الخدمة المدنية فى بلادنا بما سمعته ورأيته فى برامج الإصلاح فى الزمالة وبين حالات الصمت المطبق وعدم الاكتراث والموات فى قضية الصمت على هذه الأحوال والخوض فيها واللامبالاة هل هذه قصر نظر أم تلذذ بالسير تحت ظلال ثقافة الفساد .؟ إذا كنا نعاني الترويع والتزوير الظاهر والباطن فهل من المنطق أن نطلق للناس الحرية كاملة وإذا كنا نعاني من الكسل والتراخي وضعف الإنتاجية لدى الموظف فهل من المنطق أن نطلق له العنان ليمارس مزيداً من التثاوب حتى نخسر الدقائق المعدودة التى يقضيها الموظف يومياً فى العمل .؟ الجميع على إختلاف مشاربهم ومقار عملهم بالزمالة يقولون إن أوضاع الجهاز الإداري للدولة متدهورة الأداء ولاتحظى بالقبول والرضا من المواطن وأنا أقول أن مهمتنا أمام وضع سئ كهذا ليس جلد ذاتنا ليل نهار بل العمل على التغيير .. نحن بحاجة إلى بيئة مناخية جديدة للعمل تتاح على نطاق واسع تتمتع بالإستقرار وإلى ثقافة عمل جديدة لدى القائمين على أمر المؤسسات والمنشآت وبحاجة إلى تغييرات متنوعة العمق متفاوتة الشمول تجرى على الهياكل التنظيمية الداخلية لمؤسسات الدولة وعلى دورات العمل بها ونحتاج إلى معالجة واقعية لفاتورة الإنتقال للعمل الجديد يمكن الوفاء بها إذا توافرت لقيادات هذه الدولة إرادة قوية وترجمة هذه الإدارة إلى إلتزام صريح بالعمل بجدية . نعم، الخدمة المدنية تحتاج إلى وقفة وإلى دقيقة حداد فهى مشكاة ولكن مشكاة فى زجاجة والزحاجة فى سرداب والسرداب فى ظلمات والظلمات فوقها ظلمات كلكم فى مكة ومكة ادرى بالشعاب . برنامج الزمالة هو البداية ولكن يجب النظر إليه بنظرة تختلف عن من ذهب يستصلح أرض صحراوية جديدة وهو أسير ثقافة زراعية قديمة فيتملكه الخوف من صعوبة المداواة ولكن عليه أن يتفاعل مع التربة الجديدة وأن يفكر بفكر مختلف .. علينا أن نعرف أننا وطنن جدير بالثقة وأمة أثبتت دوماً قدرتها على الإبداع والتفوق إذا منحت الفرصة وحظيت بالإحترم الذى تستحقه .. لترتفع فوق تضارب المصالح المباشرة وغير المباشرة لكثير ممن بيدهم إتخاذ القرارات الخاصة بالتغيير أو ممن ستقع على أكتافهم تبعات التغيير .. لنجعل من الزمالة كائنا تربويا متحركا يواكب الزمان ويعايش العصر تتفاعل داخل المجتمعات التي تستمد منها قوة المؤسسات وثقة الناس فيها وقدرة الأفراد على التوثيق تجاه تطوير مؤسساتهم. المؤسف سادتي إننا لانلتفت لما هو جاد بل نحرق أنفسنا فى عراك وصراخ لاينتهى حول الفساد ونضرب حول عقولنا طوقاً من الصراع حول مباريات الكرة وسيل المسلسلات والأغاني الضحلة الأشبه بالمخدرات والخناقات الصغيرة التي لاتنقطع وسنستمر على هذه الحالة فيتساقط عليها الأعداء ونحن لانشعر فنصبح مهلهلين مكشوفين عراة الفكر والخطط، ولاندري كيف التصرف وساعتها نكون فى مشكلات وأزمات دون أن نجد لها تفسيراً نحن كدفعة أولى للزمالة علينا أن ندرك أن مراحل التحول لمن يتصدون لهذا العمل خاصة لمن تتوافر لديهم النوايا الحسنة وإرادة التعبير فهي أشبه بفترة البرزخ التي تجعلهم في وضع لايحسدون عليه، وأنهم إن أكتفوا بالنصف الأول من الطريق الممهد سيحكم عليهم الجميع بالعجز عن الإنجاز والعطاء، وستكون الجهود أشبه بأرض أستصلحت ولم يزرعها أحد وإذا واصلوا التقدم والتغيير فيواجهون لامحاله صخور الطريق وخفافيش الظلام . إن مهمتنا سارة ولكن ليست يسيرة ولكننا بالعزم والإيمان والسند والمساندة سنبني الخدمة المدنية وسنوجد جواً مستقراً ومناخاً صالحاً للعمل، ونسعى ونتطلع إلى شروط أفضل للعاملين وإزالة التفرقه فى التوظيف فإننا لسنا وطناً ضعيفاً يخشى التغيير ولا مجتمعاً جاهلاً يرفض العلم . وأخيراً الشكر والتقدير كلمتان لاتتسعان لما أنوى أن أقول لك سيادة الوزير كمال عندما نكتب سطور هذه الزمالة له ولمن قاد معه السفينة كلمات العرفان . التحية والتقدير لأكاديمية الشرطة العليا رأس الرمح فى المواجهه الأمنية والفكرية والحضارية، إثراءً للعقول وحثاً للقلوب المستمسكة بزادها الروحي وراياتها الخفاقه .. حقيقة لم أجد فيهم الحجاج الذى يهدد أهل الكوفه بضرب غرائب الأبل وجدناهم أخوانا يسبق صفحهم تجاوزاتنا والاختلاف جزء من الحياة وكثرة الوفاق نفاق والنقاش الهادي لايستحم الإ فى مياه الموضوعية .. فقد تغيرت عندي النظرة للشرطة بصورة عامة والتهيب من ملاقاتهم والنظرة القاتمة تجاهم. شكراً لكم جميعاً نحن بكم نزهو ونفاخر .. دعونا نتزود من تفضلكم وعطفكم، وأبدوا زمالتكم الثانية بسم الله الرحمن الرحيم. * زمالة الإدارة العليا أكاديمية الشرطة العليا