٭ الموضوع الوحيد الذي ظلت نوافذ الضوء مسلطة عليه منذ ان وجد الانسان على ظهر الارض.. هو معنى الاخلاق والحرية الفردية وطريقة ممارستها.. ومتى تبدأ واين تنتهي.. وظلت التساؤلات العديدة تثار على مر الحقب وبشتى الطرق والصور ومن مختلف الزوايا والمنطلقات. ٭ ومنذ الازل ظل الانبياء والرسل والفلاسفة والعلماء والادباء يناقشون ويحاولون الوصول الى الاجابات على التساؤلات التي شغلت وما زالت تشغل البشرية.. وقد وصلوا الي اشكال كثيرة من الاجابات تتمثل في مسميات عديدة لمعنى الفضيلة والحق.. الاستلطاف والاعجاب والحب والكراهية والبغض والحسد والشجاعة والشهامة والكرم والبخل.. وناقشوا معنى الانسان نفسه.. هل هو حيوان؟ هل هو جماعة؟ هل هو فرد؟ ٭ وفوق هذا ظلت علاقة المرأة بالرجل تأخذ حيزاً كبيراً ومؤثراً في معنى الاخلاق والاحكام التي تطلق على المجتمع المعين. ٭ فالإنسان ليس بحيوان وإلا كان يفر من الاذى حين يمسه ويلتمس اللذة ويبحث عن الاكل والشرب او بمعنى يآخر واكثر وضوحاً يحيا ويعيش بغرائزه ولغرائزه.. والانسان ليس فرداً لذاته بمفهوم الحيوان او الجماد.. وهو بالمثل ليس جماعة في جسم واحد.. فهو جزء من جماعة افراد قد توثقت الوشائج بين وجوده ووجود تلك الجماعة في الزمان والمكان المحددين. ٭ كل هذا يعني ان الانسان هو الوسيلة التي تعلن بها الاشياء عن نفسها.. كل الاشياء فهو الكائن الوحيد الذي يستطيع ان يعبر.. ان يتحدث ان يرسم ان يرقص.. ان يضحك.. ان يبكي.. فحضور الانسان الى العالم هو الذي يحدد العلاقات وينشئ المجتمعات وينظم كيفية التعايش مع هذه الجماعات. ٭ الاسلام سيد الرسالات السماوية والمذاهب الوضعية يؤمن على ان الدين المعاملة.. والمعاملة معايشة بين الناس.. والتفكير المنظم صفة من صفات الانسان السوي وهذا التفكير لا يمارسه حيال غرائزه وحسب وإنما يستخدمه فيما يخص غيره من الناس.. فالإنسان السوي هو الكائن الوحيد الذي يتخذ من ذاته وذوات غيره فكرة.. فيفكر فيما يعمل ثم يفكر في اعماله ذاتها.. اخير هى ام شر؟ جمال ام قبح؟ عدل ام ظلم؟ صدق ام نفاق؟ ٭ وبمعني ادق، فالإنسانية وحدها قابلة للاخلاق والحقائق فإننا لم نسمع بأن تورع ذئب عن افتراس حمل او طفل.. او ساورته رحمة او احس بأن ذلك ظلم أو اعتداء.. أو ان مجتمع وحوش حكمته قيم او مثل. ٭ دارت بذهني هذه الافكار البديهية وانا اتابع والاحظ ما يجري في العالم بين علاقات الناس ومفهوم الاخلاق واتابع ما يجري في المجتمع السوداني من خلخلة اجتماعية وجهجهة اقتصادية واناس نصبوا انفسهم أوصياء على معنى الاخلاق. ٭ وضحكت على نفسي ومن نفسي عندما شمخت امامي مجموعة من مقولات وامثال اهلنا في السودان.. جعلتني اتيقن بأن المسألة محتاجة الى وقفة طويلة.. وقفة ليست مع النتائج وإنما مع الاسباب حتى تتغير النتائج من مقولات وامثال أهلنا..(الفيك بدربو والعليك اتناسى) ( الفي قلبو حرقص براه برقص) (الماعون الملان ما بجلبق) (الصرمان ما عاقل) (الجوع كافر) (الماعندو حيل ما بتب بلحيل) (عيب الزاد ولا عيب سيدو). ٭ بعدها رحت في غفوة صغيرة ما معنى الاخلاق والقيم التي نتحدث عنها ونبحث عنها؟. سؤال يحتاج الى اجابة سريعة مع مستجدات العولمة المرعبة. هذا مع تحياتي وشكري