شكا عدد من المغتربين في المدن السعودية من ظاهرة ارتفاع الأسعار بالسودان بصورة لم يسبق لها مثيل، وطالبوا الحكومة بوقفة جادة لاطفاء «نار» الأسعار المشتعلة. وأكدوا في إفاداتهم ل «الصحافة» أن ارتفاع الدولار والريال لا يصب في مصلحتهم مطلقا، في ظل مطالبات الأسر داخل السودان بزيادة «الغلة». وأشاروا الى أن المغترب الذي كان يحول الى أسرته مبلغ ألف ريال مطالب الآن بمضاعفة هذا المبلغ، وهو للأسف لا يفي بأدنى الاحتياجات. وقالوا إن من واجب الحكومة ان تتصدى الى ارتفاع الأسعار بالأسواق، والتي في أحيان كثيرة تبدو غير واقعية. وقال محيي الدين محمد علي «معلم»: حقيقة أن ارتفاع الأسعار بالسودان أصبحنا نشكو منه نحن في ديار الاغتراب أكثر من الذين لم يغادروا السودان، ففي كل مرة يطلب منا ذوونا ان نزيد المبالغ التي نحولها لهم شهريا، نظرا لارتفاع الأسعار، وحتى ارتفاع أسعار العملات الأجنبية لم يخدمنا باي حال، فقد كنت احول مبلغ ألف ريال لمصاريف أسرتي الصغيرة ، والآن يطلب مني تحويل الفي ريال، وهي بالكاد تغطي قلة من الاحتياجات. وأضاف: نرفع معدل التحويلات لإعاشة أسرنا، فيما لم يطرأ أي تغيير على رواتبنا التي تعاقدنا عليها منذ قدومنا الى السعودية، مؤكدا ان استمرار الوضع على هذا الحال يعني اننا سنبح في وضع لا نحسد عليه حينما نعجز عن تدبير أمور الأسرة بالسودان، ونحن الذين نضحي من أجلهم بغربة لم تعد مجزية. وأكد د. شيخ الدين صابر «مندوب مبيعات» أن ارتفاع الأسعار بالسودان يحتاج لوقفة صارمة من قبل الحكومة، لأن ارتفاع أسعار كثير من السلع لا يجدد التبريرات المنطقية، فكيف ترتفع اللحوم ونحن نتحدث عن فتح أسواق الصادر، وكيف ترتفع الطماطم ونحن من أكبر البلدان في المجال الزراعي. وقال: ربما نكون أكثر حظاً ونحن في الاغتراب من المواطنين داخل السودان الذين يعجزون تماما عن شراء اللحوم لمحدودية دخلهم، وهو أمر يستوجب ان تعمل الحكومة على اغلاق صادر المواشي الى الخارج لمدة عام، وسوف ينعكس هذا الأمر على الاسعار، مشيرا الى ان المقاطعة ربما تنجح لوقت قصير، غير انها لن تبقى سلاحا ماضيا لايام قادمات، لذلك يبقى الخيار منع تصدير المواشي. وشكا محمد الصادق عمر من صعوبة الواقع الذي تعيشه اسرته الممتدة والتي تعتمد على ما يرسله لهم من مصاريف، مؤكدا انه أصبح يعمل فقط من اجل إعاشة أسرته بالسودان، دون التفكير في ادخار أية مبالغ. وقال: ان ارتفاع العملات الصعبة لم يخدم المغترب، فغول الأسعار بالداخل اكبر من أية عملة أجنبية، فاذا زادت العملات الأجنبية عبر التحويل البنكي أو السوق الموازي، فهي لا يمكن أن تصمد أمام الزيادات الممنهجة بالسودان، وتساءل هل سوف يستمر هذا الوضع كما هو الآن، ام ان جهود الحكومة سوف تصل الى الحد من المبالغة في ارتفاع الأسعار. وتساءل عز الدين خالد «محاسب» لماذا هذه الزيادة الآن قبل أي وقت مضى، هل هي مفتعلة أم حقيقة، وإذا كانت مفتعلة ما هو دور الحكومة في ذلك؟ وقال: إن في يد الحكومة الكثير الذي يمكن ان تفعله في خفض الأسعار، فيمكن لها ان توقف صادر السكر والمواشي بشكل مؤقت، وحينما يستقر السوق يمكن ان تفتح الصادر. وأكد أن كثيراً من التجار الجشعين الآن يخزنون السكر والذرة والقمح، وكل ضروريات الحياة، ويخرجونها الى الأسواق بقدر ما يحققون من أرباح مبالغ فيها، كما ان الذين يتاجرون في المواشي لا هم غير زيادة أرصدتهم حتى ولو كانت بتجويع الشعب. وأضاف الضو النعمة «عامل في بقالة» انه يصرف 1500 ريال، وكان يرسل من قبل الى اسرته 500 الى 700 ريال شهريا، اما بعد اشتعال نار الاسعار فهو يرسل مبلغ 1300 ريال ويبقي فقط 200 ريال ليعيش بها على ادنى حد، وعندما يحل موعد قسط الإيجار ضمن المجموعة التي يسكن معها يقول لأسرته في السودان «تصرفوا بمعرفتكم». وأشار الى انه لا يعرف الى متى سيستمر هذا الوضع، وطالب الحكومة ان يكون لها دور فاعل في التصدي لطاحونة الأسعار.