غادر الرئيس الإيرانى احمدى نجاد الى بلاده بعد زيارة قصيرة استغرقت يومين كان هدفها تعميق الصلات بين الخرطوموطهران وفتح آفاق التعاون فى عدد من المجالات الإقتصادية والدبلوماسية، وخلفت الزيارة عدداً من التساؤلات عن مغزاها، وماهية نتائجها وتأثيرها فى الساحة الدولية والإقليمية، خاصة ان طهرانوالخرطوم تواجهان ضغوطاً دولية ونظرات من الغرب تضعهما فى خانة «محور الشر» والقائمة السوداء المغضوب عليها من قبل اوربا والولاياتالمتحدةالأمريكية. عدد من الخبراء تحدثوا عن زيارة نجاد الى الخرطوم فى هذا التوقيت تحديداً واروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة تشهد عراكاً دبولماسياً حاداً بين الدول الأعضاء فى القضية الفلسطينية، فى ظل إنقسام البلدان وتكتلها بين معسكرين احدهما يسعى الى عرقلة الاعتراف بالدولة الفلسطينية تقف خلفه اسرائيل وتسانده امريكا وبعض الدول الاوربية واصدقائها، وفى الجانب الآخر تقف حكومة عباس وخلفها الدول العربية والإسلامية على رأسهما «ايران والسودان»، ومن النتائج المهمة للقاء البشير ونجاد التأكيد على الموقف الداعم للقضية الفلسطينية والوقف?خلفها، واعلنا عن رؤيتهما الثابتة لتحرير القدس من الاحتلال الإسرائيلي بإعتبار ان القضية هي قضية الأمة الإسلامية بأكملها، ما يتطلب دعم الجهود الرامية لوحدة الشعب الفلسطيني وقيام دولته المستقلة والاعتراف بها عضوا اصيلاً يمتلك السيادة ضمن منظومة الأممالمتحدة، وفيما يتعلق بمجمل العلاقات العربية والإسلامية وتطورات الأوضاع فى المنطقة أعلن الجانبان تطابق وجهات النظر فى مجمل القضايا فى الشرق الاوسط. قبيل مغادرته البلاد تحدث الرئيس الإيرانى فى مؤتمر صحفى بمطار الخرطوم عدد فيه نتائج الزيارة وأكد على متانة العلاقات بين البلدين، وتعهد بتقديم العون للسودان فى مختلف المجالات واعلن عن جاهزيتهم للتعاون الاقتصادي والسياسي لما فيه مصالح الشعبين، وقال «إنها مناسبة لنعلن لكم تأييد إيران ودعمها للسودان في وحدته ورفضها لكل الأشكال والضغوط التي تمارس عليه»، ومن جانبه قال الرئيس البشير ان الزيارة اوضحت للوفد الرئاسى الإيرانى المزيد من الحقائق عن الأوضاع التي يعيشها السودان بعد قيام دولة الجنوب وتداعيات الأحداث في ول?يتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقال ان السودان يواجه العديد من التحديات و التعقيدات السياسية، بالإضافة الى تكالب الأعداء ومخططاتهم التي تعمل على وضع العقبات فى طريق التنمية بخلق الفتن فى البلاد، وفى ذات الإتجاه، اطلع نجاد حكومة الخرطوم على الأوضاع التي تعيشها إيران في ضوء الحصار المعلن وغير المعلن من قبل قوى الشر الصهيونية على حسب قوله. ومن نتائج الزيارة المهمة التحالف الإستراتيجى بين الخرطوموطهران وتعاونهما فى الساحة الدولية والتناصر فى القضايا التى تهم البلدين ومواجهة الضغوضات الدولية، المفروضة عليهما من قبل الغرب وهذا ما اكده الرئيس البشير فى خطابه الموجه للضيوف وقال «نؤكد لكم حرصنا الدائم على استمرار التفاهم والتنسيق بيننا على المستوى الثنائي والتشاور في المنابر الدولية لخدمة قضايا بلدينا والأمة الإسلامية ونقطع الطريق أمام أي أعمال تستهدف عقيدتنا ووحدة وسيادة بلدينا ونؤكد تأييدنا لحق إيران في اكتساب وتطوير قدرتها العلمية والتكنلوجي? في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية»، وكان الرئيسان تناولا خلال مباحثات ثنائية، العلاقات في مجالات النفط والصناعة والاستثمار، إلى جانب التنسيق والتعاون في المواقف في المنابر الدولية والإقليمية، كما بحثا آلية تطوير وتعزيز العلاقات السياسية لتكون أرضية لتوحيد المواقف في مواجهة القوى الغربية، وتحقيق تطلعات الشعبين في السودان وإيران والأمة الإسلامية. ومن النتائج اتضاح رؤية البلدين وموقفهما من التغيرات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حيث اكد الرئيسان دعمهما للثورات الشعبية في الدول العربية واتفاقهما على تعزيز علاقات التعاون المشترك وتنسيق مواقفهما في كافة المحافل الاقليمية والدولية، واتخاذ مواقف مشتركة لمواجهة المنظمات الدولية والاقليمية، واقرا بأن يشمل التعاون بين الطرفين مجال مكافحة الارهاب وضرورة الفصل بين الاجراءات الارهابية عن حق الدفاع المشروع، وشددا على اهمية الحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل وحظر السلاح النووي لدى اسرائيل، ومن جهته اعتبر نجاد ا? الثورات الشعبية في الاراضي الاسلامية تبشر بظروف افضل للبشرية جمعاء وقال «عندما نرى ان الشعوب في اسرع وقت تؤثر في المعادلات وتدافع عن تطلعاتها فإننا ندعمهم في هذه المسيرة وندعم تونس ومصر وليبيا وغيرها من دول العالم»، وتابع «نعلن ان ايران والسودان سيقفان جنبا الى جنب مدافعين عن الكيان الاسلامي وعزة المنطقة وتحقيق مصالحها المشتركة. وذكر عدد من المراقبين ان زيارة الرئيس الإيرانى الى السودان فى هذا التوقيت واعلانهما عن مواقفهما الواضحة تجاه اسرائيل وامريكا ستقود البلدين الى مزيد من المواجهات مع المجتمع الدولى، خاصة بعد رسائل النصح التى اطلقها الرئيس الإيرانى وصوبها نحو الولاياتالمتحدةالامريكية والدول الكبرى بسحب الكيان الصهيوني من المنطقة كما جاؤوا به وتهديده بأن «الشعوب ستأخذهم من آذانهم وتقذف بهم إلى قعر جهنم»، بالإضافة الى وصفه لدولة اسرائيل بالأقلية الفاسدة وقال ان شعوب المنطقة الاسلامية لن تخضع لسلطة الصهاينة، وشدد على أن ايران ?السودان سيظلان عصيين على دول الاستكبار، ولن يخضعا لها. وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسى صديق تاور، ان النظام الإيرانى على المستوى الداخلى ليس بأفضل حالاً من نظام الخرطوم ويشهد ايضاً حالة تململ داخلى، وانه يشابه السودان بإرتكازه على «التدين السياسى» ويستخدم نفس التكتيكات فى شعبه وفى الساحة الدولية، وقال تاور ان النظام الإيرانى ظاهرياً فى وضع معادى للإدارة الأمريكية ولكن علاقاتهم وثيقة مع امريكا ووصفه الحالة ب «التقارب الحقيقى والتباعد الظاهرى»، وتابع تاور ان موقف ايران من القضية الفلسطينية موقف تضليلى للرأى العام والإعلام وذلك لإمتصاص الضغوط الإقتصاد?ة التى يواجهها بالإضافة الى حفظ التوازن فى المنطقة. وفى حديثها ل «الصحافة» قالت رئيسة قسم العلوم السياسية بجامعة الزعيم الازهرى أسماء حسين ان زيارة الرئيس الإيرانى الى الخرطوم لاتترتب عليها اى نتائج سالبة فى نظرة المجتمع الدولى تجاه البلاد بإعتبار ان السودان له مشاكل اصلاً مع هذه المؤسسات وان ذلك لن يغير فى سياساتها المرسومة اصلاً، وإعتبرت اسماء ان الزيارة تؤكد على مواقف الحكومة وإرادتها السياسية ومواقفها الثابتة والداعمة للقضية الفلسطينية، وإستبعدت ان تكون اهداف زيارة نجاد الى الخرطوم بغرض البحث عن حلفاء جدد فى المنطقة بعد التغيرات التى شهدتها الخارطة الس?اسية فى منطقة الشرق الاوسط، وقالت ان السودان اصلا صديق لايران وان الزيارة تأتى لتأكيد العلاقات القديمة وتنسيق الادوار والدعم المتبادل فى الساحة الدولية.