من الطرائف المروية عن الحرامية وأساليبهم الفنية في ممارسة السرقة أو المخارجة من «الزنقات»، واحدة تحكي عن ثلاثة حرامية تسوروا أحد المنازل لسرقته ولكن لسوء حظهم وحسن حظ صاحب المنزل أن أحد رجال الشرطة كان لحظتها قريباً من الموقع وشاهد الحرامية عند تسلقهم الجدار فتبعهم إلى داخل المنزل، شعر الحرامية بحركة الشرطي قبل أن يراهم، فسارعوا إلى كومة من الجوالات كانت بالقرب منهم وأخذ كل واحد من ثلاثتهم جوالاً وحشر نفسه داخله وكتم أنفاسه، مسح الشرطي ببصره فناء الدار فلم ير شيئاً غير كومة الجوالات الفارغة وثلاثة أخرى ممت?ئة ترقد إلى جانبها، تحركت داخله حاسة الشرطي فمضى إلى مكان الجوالات الثلاثة ليتحسسها، ركل الأول بقدمه فخرج منه صوت يقول «واق واق»، وما كان ذلك إلا صوت الحرامي الأول الذي اختار أن يقلد صوت البط، خطا الشرطي نحو الجوال الثاني وركله فخرج منه صوت يقول «كا كا كا»، حيث كان خيار الحرامي الثاني للخروج من المأزق أن يحاكي كأكأة الدجاج، استدار الشرطي نصف دائرة وضعته أمام الجوال الثالث الذي كان يرقد خلف الآخرين وركله بمثل ما فعل مع السابقين ولكن هذه المرة لم يصدر من الجوال أي صوت، عاود الكرة وركله بكل قوة ولكن أيضا لم ي?در أي صوت، تراجع الشرطي إلى الخلف بضع خطوات واستجمع كل قواه وركل الجوال ركلة لو أنه سددها لخصم في حلبة مصارعة حرة لفاز بالضربة القاضية ونال الحزام الذهبي، ولم يكد هذه المرة البوت الثقيل يستقر على جسم الجوال إلا وخرج منه صوت يصرخ «بطاطس، بطاطس يا خي».... الآن ومن عجائب هذا الزمان لم يعد الحرامية في حاجة لتقليد أصوات الدواجن أو المواشي ليتخارجوا من الورطات والزنقات، بل على العكس حيث أصبح بمقدورهم تقليد أصوات كبار المسؤولين والمتنفذين لا ليتخارجوا من ورطة كما فعل أولئك الحرامية البؤساء وانما ليمارسوا النهب والسرقة بكل جرأة وباسم السلطة والصولجان، ويكفي أحدهم فقط أن يقلد صوت صاحب سلطة فيكسب من وراء هذا التقليد الملايين، هذه ليست حدوتة أو طرفة مثل التي رويناها، ولكنها حقيقة جرت وقائعها بولاية النيل الابيض، وملخص هذه «الواقعة» أن أحدهم استخدم ذكاءه مستغلاً حالة?السيولة التي عليها الولاية وانفلات «السيستم» فانتحل شخصية الوالي وخاطب مدير إحدى الوحدات الايرادية مقلداً صوت الوالي عبر مكالمة تليفونية وأمره بتسليم المندوب الذي سيصله مبلغا حدده من المال للصرف منه على «عمل سياسي» هكذا، اعتذر المدير بلطف عن عدم توفر هذا المبلغ لديه الآن ووعد وتعهد بتوفيره في الغد وقد كان، هذا غير شيك أحد الاتحادات الذي تسرب من دهاليز وأضابير وزارة المالية إلى السوق وغيره وغيره مما ظل ينقله لنا أبناء الولاية من الصحافيين وغيرهم من تعديات وتجاوزات واخفاقات تشهد كلها على «سيولة» الأوضاع داخل?هذه الولاية وانفلات السيستم وضعف الادارة ومن قبلها الرقابة، وما حكاية النهب عبر تقليد صوت الوالي إلا أحد شهود الاتهام ليس فقط على الأخطاء والخطايا التي باءت بها هذه الولاية، وإنما أيضا على السطوة التي بلغها مقام الوالي للحد الذي جعل أحد كبار موظفيه يقع ضحية هذه السطوة فيسلم المندوب الحقيقي للوالي المزيف المبلغ الذي طلبه خارج الأطر المالية والمحاسبية الضابطة والحاكمة لأي مليم من المال العام، و.... ولكن إذا كان رب البيت «الحكومة الاتحادية» للدف ضارب فشيمة أهل البيت «الولايات» الرقص وارقصوا أيها الحرامية.....