تضاربت الأخبار الواردة بصحف الخرطوم في الأيام الماضية حول ولاية الخبير المستقل المعني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان، القاضي محمد عثمان تشاندي، فبعض الصحف حملت في عناوينها البارزة خبراً مثل: «مجلس حقوق الإنسان يُنهي ولاية الخبير المستقل للسودان» «الإنتباهة/ الجمعة 30 سبتمبر»، و «مجلس حقوق الإنسان ينهي ولاية الخبير المستقل في السودان» «الرائد/ الجمعة 30 سبتمبر»، و«إنهاء ولاية الخبير المستقل لحقوق الإنسان بالبلاد» «السوداني»، بينما أوردت صحيفة الأحداث: «مجلس حقوق الإنسان يمدد مهمة شاندي»، وتحت عنوان: «إنهاء ?لاية خبير حقوق الإنسان الرقابية بالسودان» أجرت الإذاعة السودانية عدداً من الحوارات مع إبراهيم المفتي وممثل لوزارة الخارجية كانت محل اهتمام نشراتها الإخبارية ليوم الجمعة. ولا أدري ما إذا كان هذا التضارب المخل بالمهنية هو نتيجة جهل بما دار في جنيف حيث عقدت اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، أم أنه جاء عمداً بنية التضليل الذي يقود إلى الاعتقاد بأن أوضاع حقوق الإنسان في السودان قد تحسنت؟. أيضاً لا أعتقد أن هنالك من يظن برغم زخم التضليل الإعلامي أن أوضاع حقوق الإنسان في السودان قد تحسنت أو ستتحسن، وكلنا يرى يومياً بأم عينيه ويشاهد عن طريق الإعلام غير الموجه الذي أتاحه الإنترنت عشرات المآسي. الحقيقة التي لا جدال حولها أن مجلس حقوق الإنسان بجنيف لم «ينهي» ولاية الخبير المستقل المعني بأوضاع حقوق الإنسان بالسودان، ولا حتي ولايته الرقابية كما أوردت وكالة السودان للأنباء الوكالة الرسمية لدولة بل أن المجلس «مدد» ولاية الخبير المستقل لمدة عام آخر، وهذا انتصار للنشطاء الحقوقيين السودانيين يجب تهنئتهم عليه. المجلس مدد ولاية الخبير المستقل لعام آخر تحت البند العاشر، وكان الخبير المستقل يضطلع بمهامه في السابق تحت البند الرابع، وهنا قد يسأل سائل: ما الفرق بين الولايتين؟ هذا ما سأكرس هذه الكتابة لشرحه وتوضيحه. البند العاشر الذي تم بموجبه تجديد ولاية الخبير المستقل، هو بند يعني بالمساعدات الفنية لمساعدة الدول على تحسين أوضاع حقوق الإنسان على الأرض، كما يحتوي في نفس الوقت على ولاية مراقبة أوضاع حقوق الإنسان على الأرض، وتقديم تقرير دوري حول التقدم المحرز والانتهاكات التي ترتكبها الحكومات. وفي حالة السودان هذا الأمر يعني أنه «فنياً» هي نفس العملية، ولكن قد يكون لذلك مدلولات «سياسية»، وهذا الأمر قليل الأهمية بالنسبة للمعنيين فعلياً بتحسين أوضاع حقوق الإنسان. أما البند الرابع فهو يُعني بالبلدان ذات الأوضاع الخاصة، أو الدول ذات السجل الأسوأ في مجال حقوق الإنسان. ومعروف أن السودان ظل مقيداً بهذا السجل لمدة «17» عاماً. الأمر الذي دفع بالدول الأخرى، في دورة اجتماعات المجلس الثامنة عشرة وتحديداً أمريكا إلى أن تقترح على السودان أن تتم مساعدته فنياً بخبير مستقل يساعده في تحسين أوضاع حقوق الإنسان التي كانت ومازالت محل تجاهل الحكومة السودانية. وأن يمنح فرصة عام يقدم بعدها الخبير المستقل تقريره حول الأوضاع وتعاون الحكومة، فإذا لم يتحسن شيء علي الأرض فمن المؤكد أن ه?الك إجراءات أخرى سيتم اتباعها. ومن المهم أن نشير إلى أن مشروع قرار تمديد ولاية الخبير المستقل قد طرحته أمريكا على الحكومة السودانية، وتمت مناقشته مع مجموعة الدول الأفريقية بحضور مصر وقطر، وفي البداية رفض السودان مشروع التمديد إلا أنه عاد ووافق على التمديد تحت البند العاشر. ويجب أيضاً أن نشير إلى أن هذا التغيير في الولاية ليست له أية مدلولات من النواحي الفنية، وهذا محل اهتمام المعنيين فعلياً بأوضاع حقوق الإنسان من النشطاء السودانيين وأصدقاء الشعب السوداني.