تحظى ذكرى رحيل الطيب صالح بحفاوة بالغة من الجميع، ولا عجب، فالرجل يستحق الحفاوة حيا وميتا، وأكثر، واليوم يحتفل مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بذكرى مرور عام على رحيل الكاتب الكبير ويفرد برنامجا حافلاً يحتوي على معارض كتب وتشكيل وفعاليات تحوي اوراق علمية تتحدث عن الطيب صالح ناقدا وصوفيا واعلاميا ومعلما وفقرات شعرية وموسيقية، وبمشاركة عربية يتقدمها الوزير والمثقف المغربي محمد بن عيسى بكلمة تحمل عنوان (مع سيدي الطيب) ومداخلات للروائي خيري شلبي والاستاذ حلمي النمنم. وعبقري الرواية العربية الطيب صالح الذي يقول عنه الروائى المصري خيرى شلبى انه ولد كبيرا (أول مرة أشوف كاتب يتولد كبير) وذلك عند حديثه عن روايته «موسم الهجرة إلى الشمال» التي كنست فى طريقها العديد من الروايات الجيدة، كتب أعمالا ادبية تتساوق مع انجازاته الأخرى في الحياة الثقافية والانسانية، ويحصي البروفيسور أحمد ابراهيم ابو شوك كتب الأديب الطيب صالح طوال مسيرته الحياتية في (خمس روايات، هي: «دومة ود حامد» (1961م)، و»عُرس الزين» (1964م)، و»موسم الهجرة إلي الشمال» (1966م)، و»ضو البيت» (1978م)، و»مريود» (1978م)، ومجموعة قصصية قصيرة، شملت «حفنة تمر»، و»نخلة على الجدول»، و»هكذا يا سادتي»، و»الرجل القبرصي»، و»رسالة إلي إيلين». وذلك فضلاً عن المقالات التي نشرها في بعض المجلات والصحف، وجمعها مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بالتعاون مع دار رياض الريس البيروتية للطباعة والنشر في تسعة أجزاء عام 2004م، ونشرها تحت عناوين جاذبة، منها: «منسي: إنسان نادر على طريقته!»، و»المضيئون كالنجوم: من أعلام العرب والفرنجة»، و»للمدن تفرد وحديث: الشرق»، و»للمدن تفرد وحديث: الغرب»، و»في صحبة المتنبي ورفاقه»، و»في رحاب الجنادرية وأصيلة»، و»وطني السودان»، و»ذكريات الموسم»، و»خواطر الترحال»). ويشير ابو شوك الى انه في يوم رحيل الطيب صالح أفاد الأستاذ رياض الريس الصحافية سوسن الأبطح بأن الجزء العاشر من مختارات الطيب صالح سيرى النور قريباً، وبين دفتيه ثلة من الرسائل الرائعة التي تبادلها المؤلف مع رهط من الأدباء والنقاد. وتميزت حياة الطيب صالح بالمحبة سلوكا ونهجا ويقول عنه صديقه الاديب والفنان التشكيلي السوداني الكبير ابراهيم الصلحي (المحبة كلمة طيبة جامعة، كثيرا ماتتردد علي فم الطيب صالح، وهي كلمة كبري لايلقيها في حديثه جزافا، وفي اعتقادي انها المدخل الحقيقي النافذ مباشرة الي جوهر شخصه وادبه، عبر عنها كثيرا في كل ماكتب كلمة اصلها ثابت وفرعها يعانق الهواء والانسان والسماء. ويقول المثقف والاديب المغربي محمد بن عيسي الذي يشارك في فعالية اليوم عن صديقه الطيب (الطيب صالح هو رمز الاعتدال في كل الامور.. في افكاره السياسية ومواقفه العلمية والادبية واحكامه علي القادة والزعماء والمفكرين والمبدعين. اسميه ( سيدي الطيب) كما نسمي في المغرب الاولياء الصالحين.. اجالسه كلما التقيت به مجالسة المريدين، نتحدث عن انفسنا في حميمية ولطف وحنان. الطيب صالح لطيف حنون تشعر به وهو يحدثك كما لو كان في كل مقطع من كلامه يذيب جزءا من نفسه). ولكن انجاز الطيب صالح القائمة حياته على المحبة يتجلى في هذه القلوب الذي تهوى اليه، فهو يكسب ثقة جميع الناس على نسق ما جاء عند ود الرواسي (يا محيميد.. الحياة يا محميد ما فيها غير حاجتين اتنين: الصداقة والمحبة.. ما تقول لي حسب ولا نسب، لا جاه لا مال، أبن آدم إذا كان ترك الدنيا وعنده ثقة انسان واحد يكون كسبان) ولذا نجد مراكز ثقافية تنشأ باسمه ومسابقات تقام على شرفه وجوائز تُرصد نذرا له، فمرحبا بكل ذلك، ومرحبا بمركز عبد الكريم ميرغني يفرد أشرعة الاحتفال بالكاتب العظيم راحلا بعد أن كان حفيا به مقيماً، فالمساحات متاحة للتنافس في وعلى حب المريود، (وليت انا بقدر الحب نقتسم).