أتابع بإهتمام المقالات التي كتبتها الأستاذة رباح الصادق المهدي في الذكرى الخمسين للسيد الصديق المهدي طيب الله ثراه، والردود التي سطرها السيد إبراهيم أمير عبد الله خليل حفيد عبد الله بك خليل رحمه الله ولابد في البداية الإشادة بالكاتب والكاتبة فهم خيار من خيار وأسرتيهما العريقتين لعبتا دورا كبيرا في تاريخ السودان الحديث فلهما التحية والشكر في التبصير بإرث أجدادهما الذي يعد ملكا لجميع السودانيين. إن ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع أمران الأول هو دعوة إبراهيم لمن يعرف معلومات عن موضوع تسليم السلطة للجيش أن يدلو بدلوه ولعله كان يعني بالدرجة الأولى من عاصروا تلك الحقبة، والأمر الثاني هو وقوفي على معلومات من خلال الإطلاع على الوثائق البريطانية عن تلك الحقبة والتي أصبحت متاحة للجمهور نهاية تسعينات القرن الماضي وإلا فأنا أبعد مأكون شاهدا فقد ولدت بعد ثلاث سنوات من تسلم الفريق عبود السلطة. المصادفة وحدها قادتني للإطلاع على تلك الوثائق فقد قدمني صديق سعودي في لندن للأستاذ عبد الرحمن الراشد رئيس تحرير مجلة المجلة للعمل بها وقد إستقبلني الراشد ببشاشة يخص بها السودانيين وطلب مني كتابة مواضيع مقترحة للمجلة الشيء الذي فعلته وقد تم نشر موضوعين منها في عدد واحد، وحينما قابلته بعد النشر إعتذر لي بأدب جم قائلا بالحرف الواحد نحن في مجلة المجلة لانوظف أحداً مالم يستقيل أو يموت حد فتمنيت للجميع طول العمر وإنصرفت في حال سبيلي، إلا أن صلتي بالمجلة لم تنقطع وقد طلب مني مدير تحريرها آنذاك الأستاذ عبد اللطيف ?لمناوي المصري الجنسية أن أقوم بعمل بحث في دار الوثاثق البريطانية لمصلحة المجلة في الوثائق المتاحة من عام 46 وحتى 1967 عن مصر والسودان وليبيا. كانت هذه المقدمة لازمة لصدد ما أود أن أذكره وقد كنت أركز في مسح الوثائق ورصدها على تقارير السفراء البريطانيين لوزارة الخارجية البريطانية في لندن وتسمى Dispatches إضافة لبعض الوثائق الأخرى وسأحكي لكم من الذاكرة ما قاله السفير البريطاني في تلك الفترة أواخر عام 1958 والوثائق موجودة لمن أراد النص الأصلي. قال السفير البريطاني في التقرير الأول إن الأستاذ مبارك زروق كان لديه في حفل عشاء أقامه السفير وكان عائدا للتو من زيارة للقاهرة قال زروق إن المصريين وعدوهم بدعم غير محدود أي للحزب الوطني الإتحادي، في اليوم التالي قام السفير البريطاني بطلب مقابلة قيادة حزب الأمة وقد قابل بالفعل السيدين عبد الله خليل والصادق المهدي وأخبرهم بما قاله له مبارك زروق في جلسة شاي عصر ذلك اليوم. وإذا أخذنا في الإعتبار الصراع الذي كان دائرا بين مصر وبريطانيا حول النفوذ في السودان هل يعتبر ما قاله السفير البريطاني جعل عبد الله بك خليل يعجل بتسليم السلطة للجيش ليقطع الطريق على التحالف المصري الإتحادي . المثل السوداني يقول كبال العسل مابقش يدو في التراب فقد قمت بتسليم نسخة كاملة من تلك الوثائق لمكتب مولانا السيد محمد عثمان المرغني في لندن ليد الأخ مزمل فزع ولي رجاء في أن يوجه مولانا بإعادة هذه الوثائق للسودان حتى يتم ترجمتها وتبويبها لفائدة الجميع.