يستعد السودان هذه الأيام لصياغة أول موازنة بعد الانفصال، وهي موازنة تواجه تحديات كبيرة، تتمثل في كيفية تحقيق الاستقرار الاقتصادي بتخفيض معدلات التضخم والمحافظة على استقرار سعر الصرف. وفي هذا الإطار، أكد مسؤول في بنك السودان المركزي أن هناك جهودا مقدرة بذلت من أجل توفير التمويل المصرفي لسلع إحلال الواردات الرئيسية الأربعة، التي تشمل القمح والدقيق، والسكر، والأدوية، وزيوت الطعام، ومن المتوقع أن يسهم توفير السلع المذكورة أعلاه في تخفيض الضغوط التضخمية من ناحية، وتقليل الطلب على النقد الأجنبي من ناحية أخرى. وقال الدكتور مصطفى محمد عبد الله، كبير الباحثين ببنك السودان المركزي، ل»الشرق الأوسط«: »إن البنك المركزي يستهدف ترقية صادرات السلع الرئيسية الأربعة وهي الذهب، منتجات الثروة الحيوانية، الصمغ، القطن، وتم فتح خطوط تمويل خارجية، وكذلك إنشاء محافظ وصناديق تمويلية محلية من أجل توسيع قاعدة الإنتاج المحلية«. وعن رأيه في ما يتعلق باتجاهات الاقتصاد العالمي وشركاء التجارة الخارجية للسودان، أكد الباحث عبد الله أن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات متواصلة للتعافي من الآثار السالبة من الأزمة المالية العالمية، إلى جانب بعض القضايا في بعض البلدان، مثل تدني معدلات تشغيل العمالة، وارتفاع المديونية، وهشاشة القطاع المالي، ويمكن أن تقود إلى أزمة مالية جديدة إذا لم تتخذ التدابير اللازمة. وفي ظل انفصال الجنوب يعتبر الباحث الاقتصادي عبد الله، أن معدل نمو نقدي بلغ 11.7 في المائة عال نسبيا، كما إن جزءا كبيرا من السلع والخدمات، على رأسها البترول، قد أصبحت خارج دورة الاقتصاد السوداني. وهذا برأيه يفسر أيضا جزءا من الضغوط التضخمية التي يشهدها السودان حاليا، مبينا أن ارتفاع حجم الكتلة النقدية دون ارتفاع حقيقي في الإنتاج سيتسبب في ارتفاع معدلات التضخم، ولذلك كما يعتقد فإن سياسات الإصلاح الاقتصادي، أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى. وشدد على ضرورة الاتجاه نحو بذل جهود متكاملة بين السياسة المالية والنقدية وسياسات التجارة الخارجية، وإجراءات محددة لإعادة هيكلة الدولة، وتصحيح مسار الاقتصاد الكلي، بحيث تهدف السياسات الكلية إلى حشد الموارد في القطاعات الإنتاجية وتخفيض معدلات التضخم.