اشارت نشرة بنك السودان الدورية لشهر ديسمبر المنصرم الى ان ارتفاع الضغوط التضخمية وانخفاض سعر الصرف خلال الفترة الماضية كان بسبب ظاهرة عدم اليقينية وتوقع ان تزول بانتهاء فترة الاستفتاء الحالى. واكد المركزى اهمية تحديد اولويات المرحلة المقبلة المتمثلة فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى كاولوية قبل النمو الاقتصادى خلال هذه المرحلة التى تعتبر بالغة التعقيد والتى تتطلب التنسيق بين السياسة المالية والنقدية ومعالجة الاختلالات فى القطاع الخارجى، مشيرا الى ضرورة الاهتمام بفعالية وقوة الاجراءات اللازمة لتقليل معدلات التضخم والمحافظة على استقرار سعر الصرف وتضافر الجهود لزيادة الانتاج المحلى. واقر المركزى بوجود تزايد فى الضغوط التضخمية لمعظم شركاء التجارة الخارجية للسودان فى شهر ديسمبر 2010م، الامارات العربية «1.94%»، كوريا «3.3%»، اليابان «0.1%»، الهند«9.7»، منطقة اليورو «1.9%» الصين، «5.1%» السعودية «5.8%»، و مصر «10.2%» في نوفمبر، ويتوقع ان تنعكس هذه التذبذبات على سعر صرف الجنيه السودانى ومعدلات التضخم فى البلاد. ودعا المركزى الى التحسب من التضخم المستورد ووضع الترتيبات اللازمة لاحتوائه وتحقيق استقرار سعر الصرف، مبينا ان تحقيق الاستقرار الاقتصادى فى ظل التحولات التى تمر بها البلاد يمكن ان يقوى الثقة فى الاقتصاد ويؤدى الى مزيد من تدفقات الاستثمار الاجنبى والتوسع فى الانتاج والتصدير ورفع معدلات النمو الاقتصادى فى المدى البعيد. وقال انه بالرغم من تداعيات الأزمة المالية العالمية وتحديات فترة الاستفتاء فان التقديرات تشير الى امكانية تحقيق السودان لمعدل نمو اقتصادى يبلغ 5.5% فى العام 2010م وبالتالى يتخطى مستوى الناتج المحلى الاجمالى فى العام السابق والبالغ 98 بليون دولار بحسابات تعادل القوى و 65.9 بليون دولار بالاسعار الجارية وهى تعادل 154 مليار جنيه بالعملة المحلية ، كما يقدر مستوى دخل الفرد بحوالى 2200 دولار ، وقال الا ان التحديات قد خلقت ضغوطاً متزايدة على موقف ميزان المدفوعات حيث ارتفعت نسبة عجز الحساب الجارى الى الناتج المحلى الاجمالى من 6% فى العام 2009م الى 6.4% فى العام 2010م، ويتوقع ان تزول الضغوط على موقف القطاع الخارجى بعد انتهاء فترة الاستفتاء مباشرة، حيث ادت حالة عدم اليقينية التى تسود الاسواق حالياً الى انخفاض كبير فى سعر الصرف وارتفاع الضغوط التضخمية مما اثر سلباً على الحياة المعيشية لغالبية السكان، ولذلك يهدف البنك المركزى الى استعادة التوازن لسعر الصرف وتخفيض معدلات التضخم عبر حزمة متناسقة من السياسات النقدية وسياسات سعر الصرف واجراءات تخفيض الطلب على النقد الاجنبى لمعالجة الاختلال فى القطاع الخارجى والسيطرة على التضخم. وقال ان معدل التضخم الكلى قد ارتفع خلال نوفمبر من 9.8 % الى 15.4 % فى شهر ديسمبر بينما ارتفع معدل التضخم الاساسى بدرجة اعلى من 8.2 5 الى 9.9% الا ان معدل التضخم المستورد قد ارتفع من 6.4 % الى 9.1 5 وارجع المركزى ذلك الى انخفاض سعر الجنيه بسبب عدم اليقينية التى تزامنت مع فترة الاستفتاء. واشار الى ارتفاع فى عرض النقود من 34560 فى نوفمبر الى 35536 مليون جنيه فى 27 ديسمبر الماضى وقال ان نتيجة ذلك توسع نقدى من 27934 مليون جنيه فى بداية العام بمعدل تراكمى 22.5 %. واكد ان مصدر التوسع النقدى يرجع الى نمو صافى الاصول الذى يعكس الالتزامات على الحكومة والبنوك والقطاع الخاص مما يعنى التوسع فى تمويل الحكومة والقطاع الخاص ، واضاف انه بالرغم من ضغوطات سعر الصرف التى ادت الى اعادة تقييم العملة بانخفاض كبير خلال العام الا ان هنالك استقرارا واضحا فى بند صافى الاصول الاجنبية والذى يعكس ضغوطات موقف ميزان المدفوعات. وارجع المركزى ذلك الى سياسة الضخ السيولى التى ادت الى امتصاص السيولة بالعملة المحلية من ناحية وزيادة عرض النقد الاجنبى لمقابلة احتياجات البلاد المختلفة. وقال يلاحظ ارتفاع حجم النقود المتداولة خلال العام من 8251 مليون جنيه يناير 2010م الى 9871 مليون جنيه بنهاية ديسمبر 2010م ، وارتفعت القاعدة النقدية من 12636 مليون جنيه الى 16335 مليون جنيه، وارتفعت احتياطيات البنوك من 3836 مليون جنيه الى 5753 مليون جنيه لنفس الفترة ايضاً يلاحظ استقرار المضاعف النقدى فى متوسط 2.2 خلال العام حيث بلغ ادنى مستوى له 2.05 فى فبراير مقارنة ب 2.25 كاعلى مستوى فى اغسطس 2010م. واكد ان السياسة التمويلية الجديدة اخذت فى الاعتبار اهمية توفير حوافز للبنوك التى تقدم تمويلا للزراعة والصناعة ويشمل ذلك تخفيض الاحتياطى القانونى للبنوك الملتزمة بذلك ووضع ودائع لاكثر البنوك نشاطاً فى هذا المجال، بالاضافة الى عمليات التدخل فى سوق النقد الاجنبى، وهناك محفزات للبنوك التى تتوسع فى التمويل الاصغر والتمويل ذي البعد الاجتماعى بعد تحديد النسب المفصلة لذلك فى السياسة التمويلية الجديدة لغرض دعم القطاعات الضعيفة فى المجتمع وتوفير فرص العمل ومحاربة الفقر. وبلغت نسبة التمويل بصيغة المرابحة 48.1% ،والصيغ الاخرى 35.9% ، المشاركة 7.8% ، المقاولة 4.7% ، المضاربة 3.1% ، السلم 0.3% ،الاجارة 0.1% من اجمالي تدفق التمويل المصرفي بالعمله المحلية لشهر ديسمبر2010م ، ودعا الى التركيز فى تطبيق صيغ التمويل الاسلامية الاخرى والابتعاد عن التركيز على صيغة المرابحة. وقال المركزى ان تركيز الاستيراد يأتي بنسبة 24.65% للغذاء فى بلد يمكن ان يكون سلة غذاء العالم، وزاد المركزى قائلا لابد من التفكير ملياً فى كيفية استغلال الموارد الزراعية والاستفادة من فرص أزمة الغذاء العالمى، وهذا يتطلب ايجاد آليات تساهم في تشجيع الانتاج المحلي من اجل التصدير خصوصا وان السودان به امكانيات زراعية متعددة وميزات مطلقة ونسبية فى انتاج الكثير من السلع الزراعية والصناعات التحويلية. واشار الى ان اسعار الذهب السودانية بلغت 40 دولارا للجرام الواحد خلال شهر ديسمبر 2010 وبالتالي يمكن لمعدن الذهب ان يغطي العجز المتوقع في الميزانية حال الانفصال كمصدر ايرادى حديث وكذلك تغطية العجز فى القطاع الخارجى . ومن المتوقع ان تساهم اجراءات البنك المركزى في تنظيم تجارة الذهب وبناء احتياطيات منه وبالتالي توفير مزيد من موارد النقد الاجنبى بالبلاد خلال المرحلة المقبلة.