٭ ظل الوضع السياسى فى حالة انتظارٍ ، وصفه البعض بأنه انتظارٌ مفتوح، وهؤلاء هم الذين يستعجلون النتائج ويودون أن يكون المنتج فورياً بالقفز فوق إجراءات التصنيع، وقد لا يعلم من يعتقد ذلك أن تجاوز المراحل قد يأتى بنتيجة، غير أنها ستكون غير ناضجة، أو على الأقل ذات طعم فطير ولا لون لها أو رائحة أو مذاق. ٭ والأجواء السياسية تشبه الأجواء الطبيعية إلى حدٍ بعيد، فهى قد تكون ملبدة بالغيوم فى فترة، وقد تكون سماؤها صافية، مما ينعكس على المزاج السياسى قلقاً فى الحالة الأولى وارتياحاً ممزوجاً بالتفاؤل فى الثانية. ٭ ويتجه الأمل حالياً بالتفاؤل لتسوية سياسية حول مآلات الأوضاع فيما يعد اجتماع الجمعية العمومية للحوار والذى ضرب له موعد السادس من أغسطس القادم، لتصبح نهاية المطاف التئام المؤتمر العام، وانعقاده فى فترة أقصاها الأسبوع الأول من شهر أكتوبر. ٭ وكانت متابعة المراقبين للجماعات المنضوية تحت ما يسمى نداء السودان قد كشفت بأن نسبة غالبة من أطراف ذلك التجمع، قد أوشكوا على التوقيع على خريطة الطريق التى أعدها الوسيط الإفريقى ثامبو أمبيكى، لكنهم رهنوا ذلك بضرورة الالتقاء به، الأمر الذى لا يمكن التنبؤ بما سيسفر عنه، وذلك لعدم الإطلاع على ما فى جعبتهم من ملاحظات حول الخريطة، وعما إذا كانت تلك الملاحظات قابلة للقبول، أم أنها تصب فى اتجاه خريطة غير قابلة للتعديل. ٭ ولكن فيما يبدو أن جماعة نداء السودان قد أقتنعوا بالتوقيع، وأن مسألة التقائهم بالآلية الإفريقية رفيعة المستوى، لا تعدو أن تكون إلا لتجميل الوجه بمساحيق فيها ما يدعو للجذب، وتحويل مناسبة التوقيع على الخريطة إلى احتفالٍ له موضوع. ٭ وغير بعيدٍ من الوضع السياسى فإن الحالة الاقتصادية بالبلاد قد شهدت أخيراً ارتفاعاً غير مبرر لسعر الدولار، وأحدث هذا الارتفاع إرباكاً فى الأسعار، وخاصة للسلع المستوردة، مع شح العملات الصعبة للمسافرين والمرضى، ومدخلات الإنتاج الصناعية والزراعية، وهذا الوضع لا يمكن عزله عن القلق السياسى بشأن ما ستسفر عنه مخرجات الحوار الجارى. ٭ وما يتوقعه المحللون والمراقبون أنَّ ثيرمومتر الأوضاع السياسية ورصيفه الاقتصادى يسيران فى اتجاه موازٍ ، فإذا انحسر أحدهما بانخفاض منحناه، فإن ذلك سيؤدى إلى التقاء السياسى بالاقتصادى، وبالتالى يحدث الانفراج، إذ لا فرق بين اقتصادٍ سياسى وسياسة اقتصادية، ولا مجال للقول بأن السياسة وأوضاعها تدخل من باب والاقتصاد يلج من باب آخر. ٭ وقراءة الأوضاع فى مجملها لا تنسجم قصتها بالاكتفاء بمطالعة فصل واحدٍ من هذا الكتاب، بحكم أنه كتابٌ تختلط فيه مختلف الشؤون. ٭ وأملنا ألا يكون إرجاء المحصلات بنية تتجه نحو المماطلة، لأن أى اتجاه من هذا النوع سيجعل من التشابك أمراً معقداً، كاللغز الذى لا يمكن فك شفراته، والتعرف على ما يكمن وراءه من أبعادٍ ومضامين، ونسأل الله الستر والعافية وفتح المغاليق، وتمهيد الطرق لتكون سالكة، وفقاً للرغبة الجامحة وما نتطلع إليه ونريد.