لقد اطلعت على مقال بروفسير عبد الملك محمد عبد الرحمن مدير جامعة الخرطوم الاسبق حول انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم نوفمبر 2011،تحت عنوان: مرة أخرى لم يكتمل النصاب ... ما المخرج؟، وذلك في التيار بتاريخ 26 نوفمبر، وأرجو ان يجد تعليقي هذا حظه في النشر في صحيفتكم الغراء تعميما للفائدة. بدأ ب. عبد الملك تعليقه بأن نظام الانتخاب الحر المباشر للقوائم أصبح حكرا للتنظيمات السياسية الكبيرة ما يؤدي لانتخاب التنظيم الذي يحصل على أغلبية الأصوات، ولو بصوت واحد. و غالبا ماتكون مجمل أصوات تنظيم الاغلبية أقل من مجمل أصوات التنظيمات المنافسة. وبالرغم من ذلك لا تمثل هذه التنظيمات ولو بمقعد واحد في مجلس الاتحاد أو لجنته التنفيذية. وضرب مثلا بانتخابات 2009 التي أوضحت، ، أن الاتحاد الذي ينتخب بهذا النظام لا يمثل أغلبية الطلبة، ما يدل على انه، دون أدنى شك، نظام غير عادل وغير ديمقراطي. وعزا عدم اكتمال النص?ب في هذا العام والأعوام السابقة لزهد الطلاب فيها لأن الاتحاد مواليا كان أو معارضا للحكومة لا يعير قضاياهم غير السياسية الاهتمام الذي تستحقه. لذلك اقترح نظاما يسمح بالترشيح على أساس فردي في الكليات بهدف كسر احتكار التنظيمات السياسية لتمثيل الطلاب. غير أني اعتقد أن النظام المقترح لن ينجح في تحقيق هذا الهدف. لأنه أولا لن تقبل التنظيمات الطلابية فكرة تعديل نظام الانتخابات ليصبح على اساس فردي في الكليات، وثانيا حتى ولو فرض عليها يمكنها ترشيح منسوبيها في هذه الكليات وستفوز بنفس نسبة المقاعد. ومن ناحية أخرى فإن ا?تنظيمات السياسية داخل الجامعة هي امتداد طبيعي لنفس التنظيمات السائدة في المجتمع خارج الجامعة، فهي إرث ضارب في أعماق التاريخ امتد لأكثر من نصف قرن وصمد عبر كل المراحل التاريخية التي مرت بها البلاد، رغم ما تعرضت له الحركة الطلابية من صلف وعنت النظم الشمولية. فإذا صمدت الحركة الطلابية بكل تنظيماتها تحت نير النظم الشمولية كلها «17 نوفمبر 1958، و مايو 1969، و1989 ماقبل نيفاشا»، هل تختفي و ينكسر احتكارها لتمثيل الطلاب في مرحلة التحول الديمقراطي؟ لا أظن ذلك. ثم لماذا اصلا نسعى لكسر احتكار التنظيمات السياسية لتم?يل الطلاب؟ وكلنا يعلم بالدور التاريخي الذي قامت به الحركة الطلابية في بناء الوطن. فهي التي فجرت ثورة أكتوبر 1964، ولعبت دورا محوريا في انتفاضة 1985، و دفعت بقيادات المجتمع السياسية والفكرية والعلمية. وفي اعتقادي يرجع السبب الأساسي لعدم اكتمال النصاب لزهد الطلاب في التصويت وفق نظام الانتخابات الحر المباشر للقوائم لأن منسوبي التنظيمات الصغيرة والمتعاطفين معهم يدركون تماما قبل بداية الانتخابات إنهم لن يفوزوا فيها مهما اجتهدوا في استقطاب زملائهم. كما نما إلى علمي أن هنالك مقاطعة غير معلنة من الطلاب لانتخابات 2011، لأنهم يدركون تماما أن المؤتمر الوطني سوف يفوز ويحتل المجلس واللجنة التنفيذية ولذلك اختار الطلاب عدم قيام الاتحاد من و جود اتحاد على رأسه المؤتمر الوطني. ولكن إذا طبق نظام الانتخابات النسبي فهنالك?أمل للفوز ولو بمقعد واحد في المجلس الأربعيني. وفي اعتقادي أن هذا النظام له مزايا كثيرة، على نقيض النظام الحالي، أذكر منها الآتي: عادل وديمقراطي ويؤكد تمثيل أغلبية الطلاب حسب أصواتهم التي منحوها للمتنافسين. إزالة التناقض الذي ذكرناه سابقا في الانتخاب الحر المباشر للقوائم الذي يؤدي لانتخاب اتحاد لا يمثل أغلبية الطلاب «مثال انتخابات 2009». يؤمن على مشاركة التنظيمات الكبيرة والصغيرة على السواء في المجلس الأربعيني، ما يؤمن على وجود المعارضة والممارسة الديمقراطية. ولنضرب مثلا رقميا: إذا كان عدد الناخبين 12000، ومجلس الأتحاد به أربعين مقعدا تصبح قوة المقعد الواحد 300 صوت. فإذا حصلت ستة تنظيمات على الأصوات الآتية: 4800، 2700، 2100، 1500، 600، و 300 صوت، يكون لهذه التنظيمات 16، و 9، و 7، و5، و2، و1 ممثلا في المجلس الأربعيني. يؤمن مشاركة التنظيمات الكبيرة في اللجنة التنفيذية. يؤمن على تداول رئاسة الاتحاد بين التنظيمات الكبيرة ففي الستينات تداول الأخوان المسلمين والجبهة الديمقراطية في قيادة الاتحاد. يعطي أملا للتنظيمات الصغيرة للنمو والاجتهاد لكسب المزيد من الأصوات. أما عدم اهتمام الاتحاد بقضايا الطلاب غير السياسية فليس له علاقة بنظام الانتخابات. فبالعكس يجب على التنظيمات السياسية عامة والاتحاد خاصة أن يهتم بمشاكل الطلاب ويسعى لحلها مع جهات الاختصاص «الصندوق القومي للطلاب مثلا» و لا يضطر جمهرة الطلاب للتصدي لها وحدهم بصفة جهوية. والحقيقة هنالك مسالب أخرى كثيرة لابد أن يتصدى لها اتحاد الطلاب ويضع لها حلا حضاريا وأكبرها مشكلة العنف الطلابي. وحل هذه المشكلة في رأيي عند قيادات الأحزاب خارج الجامعة. إلى ذلك سعت جامعة الأزهري في عام 1998 بموافقة وزير التعليم العالي والبحث ?لعلمي «بروفسير/ ابراهيم أحمد عمر» تنظيم منتدى « تصحيح مسار الحركة الطلابية» حشدت له قيادات اتحاد جامعة الخرطوم التاريخية لوضع حل لهذه القضية من ضمن مجموعة قضايا أخرى كثيرة، حيث وافق الأساتذة الآتية أسماؤهم و أساتذة جامعة الأزهري وآخرين كثر على كتابة أوراق ورئاسة سبعة جلسات: الأستاذ دفع الله الحاج يوسف و الاستاذ حافظ الشيخ الزاكي والاستاذ / فاروق كدودة والاستاذ اسحق القاسم شداد والاستاذ عبد الماجد بشير الأحمدي والدكتور/ محجوب الحارث والاستاذ / عوض أحمد والاستاذة امال عباس. والحقيقة لم يتم هذا المنتدى لاسبا? خارجة عن إرادة الجامعة. وفي رأيي يجب أن يتم هذا المنتدى للتوصل لميثاق وعهد لوقف العنف الطلابي وتعزيز السلوك الديموقراطي الحضاري الذي يتقبل الآخر. مدير جامعة الأزهري الأسبق