أضاءة تفوت على أم درمان وهناك تكون أجمل لو بس تطول يا ليل وتزيد جمال النيل تذكرت هذا المقطع من اغنية «جمال النيل» لفرقة عقد الجلاد الغنائية وانا في منتصف كبري أم درمان القديم، حيث كنت في طريقي الى قصر الشباب والاطفال، المهم عندما وصلت ودخلت من البوابة وجدت الصمت قد ارتدى المكان، وبالرغم من ذلك صعدت ادراج القصر، ورويدا رويدا تصاعدت الى مسامعي دوزنات جيتارات واصوات شابة آتية من الطابق الرابع، يبدو اننا وصلنا وجهتنا المقصودة، « شاكر جيتار سكوول»، دخلنا القاعة فوجدنا وجوهاً نيرة، نضرة يشع من عيونها الامل، شباب واعد يعيدون الجمال الى النفس، ووجدنا الاستاذ يراجع مع الطلاب بعض الجمل ال?وسيقية، وعندما رأنا نهض ورحب بنا بألفته المعهودة، انه الجيتاريست شاكر عبد الرحيم، الرجل الذي تمسك بحلمه الذي كاد ان يضيع لولا عزيمته المرنة، ونيته الصادقة في توصيل غيض من فيضه الموسيقي الى الاجيال القادمة، وضعنا امامه وبعض دارسيه حزمة من الاسئلة وكانت هذه الحصيلة من الافادات. ٭ شاكر جيتار سكوول نبذة تعريفية؟ هي مدرسة لتعليم العزف على اله الجيتار، اسستها عام 1991م، وصديقي الفنان التشكيلي صديق البلوم هو الذي اطلق عليها اسم شاكر جيتار سكوول، ولكن نسبة لبعض الظروف توقف نشاطها لفترة من الزمن، واعدت افتتاحها في مارس الماضي بعد شراكة مع الدكتور عبد الله صالح مدير قصر الشباب والاطفال، وفكرة الفصول الموسيقية ليست جديدة في السودان، اذا كانت هنالك تجارب سابقة لبعض الرواد الموسيقيين من امثال «احمد مرجان، محمد اسماعيل بادي، اسماعيل عبد المعين، عبد الفتاح الله جابو واحمد تاور». ٭ ما هي الأسباب التي دفعتك لإعادة افتتاح المدرسة بعد كل تلك السنين؟ انا احمل لآلة الجيتار الكثير من الحب منذ الطفولة، ولدي حلم بأن تكون هذه الآلة الجميلة متوفرة للجميع، وأن يكون استخدامها بشكل جيد ومتقن، وهذه المدرسة هي احد اهدافي الكثيرة في مجال الموسيقى، بالإضافة الى اصدار كتاب عن آلة الجيتار، وبالنسبة لي النظرة ليست مادية، كما ان المدرسة تخلق لي نوعاً من تواصل الاجيال، وانا أستفيد منهم بقدر استفادتهم مني، وتمثل لي نوعاً من الاستذكار. ٭ ماذا عن طريقة التدريس؟ بما أن الموسيقى تعتبر من الفنون الراقية التى تسمو بالانسان وغذاءً للروح، فلا بد ان تكون طريقة تدريسها مبسطة، ولا بد ان يشعر الطالب انه يتعامل مع المويسقى بدون حواجز، واولا نحن نخلق علاقة بين الطالب والآلة، ومن جانبي انا اعامل كل الطلاب عندي معاملة الاصدقاء، والتعامل بيننا سلس، ونحن بندرس اصل الموسيقى «الكلاسيك» ونشتغل عملياً ونظرياً في نفس الوقت، ومن خلالها نعلم الطالب المبتدئ الاشياء الاساسية مثل طريقة الجلوس ووضع الجيتار الصحيح، وفي نفس اللحظة نوصل له المصطلحات والمعلومات الموسيقية. ٭ وماذا عن المنهج المستخدم في التدريس؟ لدينا مجموعة كبيرة من المناهج، ومكتبة حديثة لآلة الجيتار، عن أساليب مختلفة لموسيقى الجاز، وعندنا بعض المراجع لموسيقيين سودانيين امثال «الموسيقار الراحل جمعة جابر، والبروفيسور الراحل مكي سيد احمد، والبروفيسور الفاتح الطاهر، ودكتور الفاتح حسين»، وكل تلك الكتب والمراجع متخصصة في آلة الجيتار، ولدينا تواصل وتوأمة مع بعض الجهات الثقافية مثل المركز الثقافي البريطاني، وسوف نقوم بعمل عروض دورية في مسرح قصر الشباب والاطفال، كما قمنا بعمل اتصالات مع مدارس لتعليم الجيتار في كل من الارجنتين وامريكا واسبانيا، وسوف تك?ن لنا عروض مشتركة في الفترة المقبلة إن شاء الله. ٭ كيف كان اقبال الطلاب وكيف تتعاملون معهم؟ انا سعيد بقدرما أنا أتفاجأت بالإقبال على تعلم العزف على آلة الجيتار الذي هو في تزايد، وهذه المدرسة فرصة لكل من يحب الجيتار، والمدرسة متاحة لجميع الاعمار، فالمدرسة مكان للتعامل مع الموسيقى بشكل مرتب، والطلاب الجدد يأتون الى المدرسة وقدراتهم متفاوتة، وبالتالي تعاملنا معهم يكون وفق قدرات كل واحد منهم. ٭ ما هي قصة الصورة الكبيرة للراحل أحمد تاور الموجودة في القاعة؟ الموسيقار أحمد تاور هو دفعتي، ونحن اول من أسس فرقة لموسيقى الجاز في مركز شباب ام درامان، وكان معنا المرحوم اسامة الجاك وحيدر الشيخ، وانا وضعت هذه الصورة تكريما وتخليدا له بصفته فناناً صاحب مبادرات وأفكار جميلة، وكان له دور كبير في تعليم الشباب الموسيقى منذ زمن بعيد. ٭ وماذا عن باقي الآلات الموسيقية؟ بالنسبة للمدرسة نحن حاليا نقوم بتعليم العزف على آلة الجيتار فقط، ولكن في الفترة المقبلة سوف نضيف فصولاً لتعليم آلات موسيقية اخرى ان شاء الله. ٭ ما هو نظام الالتحاق بالمدرسة؟ المدرسة مفتوحة للجميع، والتسجيل يتم عن طريق المسجل العام بقصر الشباب والاطفال، اذ يقوم القصر بكافة النواحي الادارية باعتباره شريكاً في المدرسة. ٭ ماذا عن الأهداف والمشاريع المستقبلية للمدرسة؟ أولاً من هذا المنبر أعلن عن حفل كبير سوف نقيمه على مسرح قصر الشباب والاطفال يوم 15/1/2012م تحت اسم «جيتار نايت فاستيفال»، وفيه عروض لكل عازفي الجيتار في السودان، وعروض للطلبة الدارسين في المدرسة، وهذا الحفل سوف يكون مقدمة لمهرجان كبير لموسيقى الجاز في السودان، به فرق وعازفين للجيتار من دول مختلفة من العالم، وسوف نفصح عن المزيد من تفاصيل هذا المهرجان يوم الحفل، كما اننا نسعى الى خلق تواصل بيننا وبين كل الموسيقيين في العالم، وتوصيل تراث السودان الموسيقي من خلال آلة الجيتار، والمساهمة الفعلية في ترقية الذو? الفني والموسيقي في السودان، وتكوين فرقة لتقديم موسيقى بحتة فيها أفكار موسيقية مختلفة بعضها قديمة والاخرى جديدة، وتقديمها بشكل وقالب جديد ومواكب. ٭ ثم انتقلنا لبعض الطلاب الدارسين، اذ وجدنا ياسين عبد الرحمن يدوزن جيتاره، فسألناه عن علاقته بالجيتار، فقال: «أنا من زمان بحب الجيتار، وعندما سمعت بالمدرسة التحقت بها فوراً ، وفي الاول كانت عندي رهبة من استاذ شاكر، لكن بعد المحاضرة الاولى زالت تماماً، فالاستاذ اصبح لنا في مقام الصديق، واستفدت كثيراً خلال فترة وجودي هنا»، كما التقينا بالطالبة اكرام حسن والتي تقول إن الموسيقى بشكل عام هي مصدر الهام لها في كتاباتها، وكان من امنياتها تعلم العزف على آلة الجيتار، لأنها آلة هادئة، وهي بطبعها تحب الهدوء. وتضيف اكر?م: «كنت في زيارة مع صديقتي لقصر الشباب والاطفال، فوجدت بعض الشباب يحملون جيتارات وسألتهم ماذا تعملون هنا، فقالوا لي نحنا بندرس آلة الجيتار هنا في شاكر جيتار سكوول، وبعد شهر حضرت والتحقت بالمدرسة». وفي ركن قصي من القاعة وجدنا مصطفى سليمان وهو يحتضن الجيتار، فأقتربنا منه وسألناه عن سر هذه الحميمية التي بينه وبين الجيتار فقال: «الجيتار ده عندي مهم شديد، وانا رفضت الزواج بسبب الجيتار، وكنت اعزف على آلة العود ، ولكن بعض اصدقائي داعبوني بأن «أنت عامل راستا وشايل عود، ماجايا معاك، تعال اعزف معانا جيتار»، وكنت بقول ليهم انا بكتب شعر واتعلمت عزف العود لكي الحن كتاباتي، فقالو لي حتلقى العود ده جوه الجيتار، وعندما بدأ عزف الجيتار لقيت فيه نغمة حنينة، وانا حبيت الجيتار وجرى في دمي، وما حأخليه تاني». ٭ ثم التقينا بمساعد التدريس عمر حسن وهو ابن الشاعر الفذ الراحل حسن الزبير، اذ قال: «انا كنت طالباً مع استاذ شاكر في عام 91م، وتوقفت عن عزف الجيتار فترة من الزمن، واستفزني شاب يسكن معنا في الحي، جاب لي جيتار ونوتات موسيقية وقال لي انت زمان كنت بتعزف جيتار، اعزف لي المقطوعات دي، ومن ديك لقيت نفسي رجعت لعزف الجيتار، واستعدت ما تعلمته، وبحثت في النت وجبت مقطوعات عالمية مشهورة اشتغلت عليها وعزفتها، ثم جيت الاسكوول لأستاذ شاكر، وبعد ان وقف على مقدراتي ، عينني مساعد تدريس في الاسكوول، وحقيقة استفدت من أستاذ شاكر ?لكثير، وللأمانة هو زول بيعلمك وبيوصل ليك المعلومة بأسهل وسيلة وأسرع طريقة ممكنة».