إذا صحّ الحديث الذي أدلى به الدكتور قطبي المهدي رئيس القطاع السياسي بحزب الحكومة حول مشاركة من أسماهم بعض الشخصيات المهمة في حزب الأمة في التشكيلة الوزارية المرتقبة بصفاتهم الفردية، في الوقت الذي أعلن فيه الحزب على رؤوس الأشهاد وبأقوى العبارات عدم المشاركة، إذا صحّ ذلك ولم يكن مجرد بالونة إختبار وحديث للاستهلاك السياسي وتم بالفعل توزير فلان وعلان وفلتكان من حزب الأمة، فانه يصح جداً إطلاق مسمى "الحركة القردية" على هذه المشاركة التي تأتي تحت عنوان فرعي داخلي هو "الصفة الفردية"، بينما يظل العنوان الرئيس هو هو?"حزب الأمة القومي" فيختلط حابل الحزب بنابله فلا تدري هل هو مشارك أم مقاطع أم هو في برزخ بين هذا وذاك، ولا تدري كذلك ماذا تفعل إزاء هذه "الشربكة" غير أن تضحك كما تضحك على الحركات البهلوانية التي تأتي بها القرود، وستضحك أكثر حتى تستلقي على قفاك وتستغفر الله من مهارة هذا "القرداتي" الذي هو المؤتمر الوطني والذي استطاع بمكر ودهاء ترويض هذا الحزب حتى جعله يأتي بهذه الحركات القردية، جسم الحزب وأساسه ورأسه في جهة بينما بعض أعضائه في جهة أخرى، الحزب كله في المعارضة وبعض أعضائه في الحكومة، هذه فزورة لن يحلها حتى من ?نشأها، هذه ظاهرة جديدة في الممارسة السياسية، أن يكون قلبك مع حزب وسيفك مع حزب آخر ليس منافساً فحسب بل من أشد الغرماء، وهذه "لولوة" عجيبة أن تصلي خلف الإمام الصادق في القبة ثم تغادر مجلسه لتصطف خلف المشير البشير في القصر، على رأي من قال الصلاة خلف علي أفضل ولكن طعام معاوية أدسم.. هذه الحركة القردية إذا صدقت فانها تذكرني بما فعلته إحدى الأسر الرأسمالية التي كان جميع أفرادها إبان حكم مايو مايويين حتى النخاع لا يبغون عن الاتحاد الاشتراكي حِولا الى أن هبّ الشعب في انتفاضة ابريل وحلت الأحزاب محل الاتحاد الاشتراكي المباد فما كان من أفراد هذه الأسرة إلا أن يتقاسموا الولاء والانتماء على الأحزاب الكبيرة بالتساوي والسوية ليضمنوا استمرار استثماراتهم وتجارتهم وأرباحهم عملاً بمقولة هارون الرشيد للسحابة امطري أنّى شئت فسوف يأتيني خراجك، فصار بعضهم حزب أمة وبعضهم اتحاديين وبعضهم جبهة اسلامية حتى ?ذا ما كانت الغلبة لأحدهم كان لهم وجود ونصيب في كيكة السلطة وخيراتها وحقوقها المجاورة، فهل هذا هو التكتيك الذي يلعب به الحزب الاتحادي الأصل ومن بعده حزب الأمة عبر بعض عضويته التي قيل انها ستشارك بصفة فردية، ونحن هنا لا نتساءل بقدر ما نستنكر أن تنحط اللعبة السياسية إلى هذا الدرك من التفكير الإنتهازي الآني قصير النظر والأمد والذي لا يعدو أن يكون تفكير "جلابة" في سوق الله أكبر.. فهلاّ جلس هؤلاء الراغبون في الاستوزار "بصفة فردية" في بيوت آبائهم وأمهاتهم لينظروا إن كانوا سيستوزرون أم لا، أما إذا كان المؤتمر الوط?ي جاداً في توزير شخصيات "بصفة فردية" فما أكثر الرجال الوطنيين المستقلين خارج الأحزاب..