بات رئيس حزب الامة بين المطرقة والسندان، بحق، بعد ان وضعه شباب الحزب فى زاوية ضيقة امام قيادات حزبه وجماهير الانصار، فقد حاصروا اجتماعا للمكتب السياسي للحزب التأم مساء امس الاول، مطالبين بعدم تلكؤ الرجل اكثر من ذلك، وتقدم الجماهير فورا فى معركة اسقاط النظام. ووضع شباب الحزب، الملح على الجرح المفتوح» مشددين على وجوب فصل نجل الامام المهدي العقيد عبدالرحمن الصادق، لمشاركته في التشكيل الجديد. وليس ذلك فحسب فقد طالب الشباب الثائر بايفاء المهدي بوعوده المبذولة فى يناير من هذا العام بالعمل على اسقاط النظام حال ?فضه الاجندة الوطنية المطروحة. وقال احد شباب الامة للصحافة هاتفيا بالامس: رسالتنا الى الصادق هى عدم ترك المؤتمر الوطني يوظف مشاركة عبد الرحمن فى احداث بلبلة فى القواعد،وتلويث اسم الحزب الذي رفضت جماهيره ومؤسساته المشاركة. وطالب عاطف عبدالرحمن قيادات الحزب بفصل نجل الامام، وابعاده عن مؤسسات واذرع و كواليس الحزب، والعمل على قيادة العمل المعارض وفق الاجندة الوطنية المطروحة، والتصعيد الفوري لاسقاط النظام الحاكم من الشارع. ويرى مراقبون ان شباب الحزب عبروا عن مطالب جماهير الامة، وان اختيارهم لمكان وزمان ايصال رسائلهم للامام المهدي، يرتبط بمواقف مشابهة يجاهر بها اعضاء من المكتب السياسي، ربما ملوا عدم تعجل الصادق لتحديد موقفه من العمل فى الشارع. بيد ان الامانة العامة للحزب سارعت بتعميم صحفي بالامس، جددت فيه تأكيدها على ان مؤسسات حزب الامة ليس لها اية علاقة بموضوع تعيين عبد الرحمن الصادق، وقالت: «ان الذين يتحدثون باسم شباب حزب الامة ليس لديهم اية صفة تنظيمية تخول لهم الحديث باسم الشباب لا داخل المؤسسات او خارجها». واشارت الامانة العامة للامة ان من يتحدثون باسم شباب وكوادر حزب الامة لا يعبرون إلا عن انفسهم و لا يمثلون أي من المؤسسات. ولفت التعميم الصحفي ان حزب الامة قد اوضح رأيه في المشاركة في السلطة وان الجميع يعلم بان المحاولات اليائسة لربط مو?ف عبد الرحمن بحزب الامة « ماهي إلا اجندات شخصية و تصفية حسابات». واشارت الامانة العامة التي يرأسها الفريق صديق اسماعيل الى ان من يعملون في هذا الاتجاه «معلومون ومعروفة اجندتهم ومنطلقاتهم وسوف يرتد عليهم السهم كما ارتد عليهم فيما سبق من مواقف». وجدد التعميم الصحفي على ان حزب الامة لن يشارك في السلطة بأي شكل من الاشكال بصورة مباشرة او غير مباشرة، وسيستمر كحزب معارض يطرح الاجندة الوطنية كخارطة طريق لحل أزمة البلاد السياسية. لكن نائب رئيس حزب الامة اللواء» م» فضل الله برمة ناصر يشير الى ان موقف حزبه من عملية المشاركة واضح وظاهر للعيان، نافيا وجود ما يستدعي القلق من تغيير قرار المكتب السياسي اوغيره بذلك الخصوص. وحمل ناصر على المشككين فى مواقف الحزب، لافتا الى ان الامة هو الحزب الوحيد تاريخيا الذي لم يضع يده فى يد النظام الشمولي، ولم يشارك فى حكوماته او مؤسساته المختلفه منذ انقلاب 89 ، مشيرا الى ان كل القوى السياسية التي تحمل لواء رفض المشاركة « شاركت بشكل ما فى النظام»، وزاد: لا يجب ان يزايد احد علينا، فمواقفنا من الشمولية وا?حة وكفاحنا من اجل الديمقراطية مستمر وبكافة الوسائل. غير ان نائب رئيس حزب الامة عاد وقال ، فى اشارة لمشاركة نجل الصادق، ان الممارسة الديمقراطية والحرية الشخصية تكفل لكل شخص ان يختار طريقه، قاطعا بان لاعلاقة على الاطلاق بين قراره الشخصي بالمشاركة وبين موقف الحزب او موقف المهدي شخصيا، لان «الامة» لا يتنازل عن مبادئه ولا يتراجع عن مواقفه الوطنية ولا يساوم ابدا فى اجندة البلاد الملحة. لكن ما الذي دعا شباب الحزب الى تصعيد غضبهم من تعيين عبدالرحمن فى الحكومة، وما الدوافع الحقيقية لتجمهرهم الرافض للمشاركة والمطالب بالتصعيد. فالمكتب السياسي للحزب برئاسة سارة نقدالله بتشددها المعروف ازاء مجرد التصالح مع النظام يرفض المشاركة، واعلن عن ذلك مرارا. لكن المكتب السياسي اعلن ايضا ان دخول عبدالرحمن القصر» ضار بحزب الأمة «. ويرى المكتب فى بيانه الاخير ان الكثيرين سيظنون ان تعيين نجل الامام « نوع من المشاركة لحزبنا نظرا لماضيه القريب كقيادي بالحزب وكابن لرئيسه». ولم يبين المكتب السياسي فى ذلك ما هو بائن للرأي العام الذي يتعامل مع دخول العقيد عبدالرحمن فى التشكيل الحكومي على انه دخول للحزب والكيان والاسرة المهدية قبلا. بخاصة وان الحزب الحاكم على لسان د. نافع على نافع قال بوضوح تعليقا على مشاركة نجل المهدي: نأمل ان تكون مشاركة أحد اركان حزب الامة، فى اشارة الى عبدالرحمن، خطوة نحو مشاركة الحزب فى الحكومة. ويبرر نائب رئيس حزب الامة ما اقدم عليه شباب الحزب عشية اول من أمس ب» الحماس المفرط» ، وقال ناصر ان الشباب يريد بهذا التجمع ان يؤكد على تمسكه بقرار الحزب الرافض للمشاركة،ويجدد تأييده له ولسياسة حزب الامة التى لا تؤمن الا بالديمقراطية وترفض التعاطي مع الشمولية. ورأى ناصر ان تصرف شباب الامة واحتشادهم بهذه الطريقة عشية اجتماع المكتب السياسي»لايعد مصدرا لاحراجهم كقيادات،ولا يزعج رئيس الحزب»، لانهم بينوا بجلاء بهذا المسلك ان مؤسسات « الامة» نجحت فى تربيتهم بصورة مثلى. غير ان لشباب الحزب هواجس اخرى ربما لم يعبروا عنها بشكل واضح، فعاطف عبدالرحمن يقول ل» الصحافة» ان اوساط في الحزب تعاملت مع تعيين عبدالرحمن باريحية وبادر البعض بتهنئته بالتعيين فى منصبه بالقصر، وان بعضا اخر يستعد للاحتفاء به بشكل علني. واشار عبدالرحمن الى ان الامر تعدى ذلك لاشراك عبدالرحمن بالتوسط لدى الجهات الامنية لانهاء اعتقال مجموعات من اعضاء حزب الامة فى الخرطوم والنيل الابيض، مبديا تساؤله عن معني اعلان رفض الحزب لقرار عبدالرحمن بالمشاركة والتبرؤ عنه، فى حين يعامل داخل الاروقة والكواليس كما لم يحدث شئ.