الدعوة التي قدمتها حكومة المؤتمر الوطني الى الأحزاب للمشاركة في الحكومة القادمة بعد انفصال الجنوب، وجدت استجابة من بعض الاحزاب المعارضة مثل الاتحادي الاصل احد الحزبين الكبيرين، بينما ابدى حزب الأمة القومي موقفا واضحا بعدم المشاركة في الحكومة القادمة، بعد حوار طويل مع الحزب الحاكم لم يتكلل بالنجاح.غير أن ظهور نجل زعيم حزب الأمة وامام الانصار عبدالرحمن الصادق المهدي على مسرح التشكيل القادم، أثار شكوكا جمة ليس حول موقف حزب الامة فقط، بل حول موقف امام الانصار ورئيس الحزب. رغم ان الاخير قد بادر بتقديم ايضاحات ز?دت من تلك الشكوك لانها انصبت حول ان عبدالرحمن قدم استقالته من الحزب بعد ان تمت اعادته للقوات المسلحة في العام 2009، وانه حر في اختياره المشاركة من عدمها، لانه لايمثل حزب الامة او يتقيد بموقفه من الحكومة. وهو ما يراه المراقبون غير مقنع، مشيرين الى ان القول بأن عبدالرحمن ضابط فى الجيش وعليه ان يتلقى التكليف مردود، اذ ان هنالك كثيرين من الضباط يمكن ان يشغلوا هذا المنصب، كما ان تصريحات د. نافع على نافع بالامس تشير صراحة الى ان الوطني يتعامل مع مشاركة عبدالرحمن نجل الامام، باعتبارها مشاركة من حزب الامة وكيان ال?نصار. فقد قال نافع صراحة: نأمل ان تكون مشاركة أحد اركان حزب الامة- فى اشارة الى عبدالرحمن- خطوة نحو مشاركة الحزب فى الحكومة. ومضى بعض المراقبين الى افتراض سيناريوهات متعددة حول امكانية ان تكون اسرة المهدي او الحزب قد خططا لاخراج الامر بهذه الصورة، بغرض المشاركة غير المباشرة في السلطة والالتفاق حول قرار المكتب السياسي للحزب، الرافض للمشاركة شكلا وموضوعا.علما بأن مشاركة البعض من اسرة المهدي في سلطة الانقاذ، خلال حكوماتها السابقة مثل د. الصادق الهادي المهدي ومبارك الفاضل، بمبررات مثل التي ساقها الصادق المهدي لابنه» لم تجد الا الرفض القاطع من الامام والحزب». مساعد الامين العام لحزب الأمة والمقرر لملف دارفور الدكتور حسين عمر عثمان اكد ل» الصحافة» ان نجل زعيم الامة عبد الرحمن المهدي قام بتقديم استقالته من المكتب السياسي لحزب الأمة القومي وعاد الي القوات المسلحة برتبة عقيد ويعتبر الآن ضابطا في القوات المسلحة، واي قرار اتخذه يعتبر قرارا شخصيا وذلك بانقطاع صلاته من الحزب منذ عام 2009 ، وزاد: أي قرار بالمشاركة سواء كان قرارا شخصيا او تكليفا من رئيسه الأعلي فى القوات المسلحة يعد شأنا يخصه باعتباره ضابطا في القوات المسلحة،وليست لديه صلة بالحزب كمؤسسة سياسية. لكن مساعد الامين العام لحزب الامة، يرى ان وجود ابن المهدي في منصب سياسي رفيع كمساعد رئيس، يمكن ان يلعب دورا ايجابيا بين الحكومة و الأحزاب المعارضة في مسألة الوفاق الوطني وتقريب وجهات النظر بين الحكومة والمعارضة، غير انه عاد ليقول: يجب عدم ربط هذا المنصب او التعيين بحزب الامة القومي، وذلك ان الحزب له خط سياسي وبرنامجه السياسي المعلن هو تغيير النظام بالطرق السلمية. اما فيما يتعلق بانتمائه لاسرة المهدي التي شارك من قبله افراد منها فى الانقاذ، فيؤكد الرجل ان جميع تلك المشاركات ليست لها علاقة بالحزب كمؤسسة سياس?. وذهب مشرف الولايات وعضو المكتب السياسي بالامة إسماعيل كتير فى حديثه الهاتفي مع « الصحافة» الي ان حزب الامة له قرار واضح وهو عدم المشاركة في الحكومة القادمة، ولفت الى ان هذه الموقف مربوطة بالاستجابة من قبل النظام للاجندة الوطنية واضاف : ليعلم الكافة ان أية مشاركة من أي شخص كان لا تعني حزب الامة في اي شئ. وقال الناطق الرسمي لحزب الامة ياسر جلال ل» الصحافة» هاتفيا ان نجل زعيم حزب الامة عبد الرحمن الصادق المهدي انتهت علاقته بالحزب منذ عام 2009 وانه قبلها يشغل منصب عضو المكتب سياسي ومساعد الرئيس للازمات، الا انه بعد ان تمت إعادة استيعابه في القوات المسلحة تقدم باستقالته من مؤسسات حزب الأمة وأصبح ضابطا في القوات المسلحة ولم تعد لدية صلات تنظيمية بالمؤسسات الحزبية للامة، وبالتالي اي قرار يتعلق بمشاركتة في السلطة، باي شكل من الاشكال، يعود له وللترتيبات المتعلقة به كضابط في القوات المسلحة، واضاف: اي تكليف لنجل زع?م حزب الأمة بأية مهمة سياسية لا يرتب أي التزام سياسي للحزب بخلاف ماهو قائم، فحزب الأمة حزب معارض يطرح أجندته الوطنية عبرنامج سياسي للتغيير. ويواصل الناطق باسم الامة ليقول ان حزبه قاد حوارا مع المؤتمر الوطني في سبيل التوافق علي برنامج وطني، وتنفيذ ذلك البرنامج عبر آليه قومية لا تستثني احدا. وفى سبيل ذلك حدث توافق حول بعض القضايا التي طرحت من قبل حزب الامة، غير ان الخلاف حول شكل الحكومة وقف حجر عثرة بين الطرفين. فالمؤتمر الوطني يتمسك بالحكومة العريضة وهي تعني سياسيا المشاركة في الحكومة ببرنامج المؤتمر الوطني، بينما حزبنا يعتقد ان الطريق الوحيد لمعالجة الاحتقان السياسي والقضايا الوطنية المختلفة هو الاتفاق علي آليه قومية لا تتيح هيمنة لاتجاه سياسي?او حزب علي تلك الآلية او برنامجها. وزاد ياسر جلال: عليه فإن تكليف عبد الرحمن فى منظورنا، باي موقع سياسي داخل النظام، هو في اطار الحرية ووجهة النظر الشخصية المكفولة لشخصه. فطالما انه خارج الأطر التنظيمية داخل الحزب لديه مطلق الحرية في ان يتخذ من القرارات والمواقف ما يراه مناسبا. ورأى جلال ان ليس في ذلك بأس علي حزب الامة وقياداته..فحزب الأمة يتخذ قرارته ويعلنها عبر المؤسسات المختلفة ومؤسسات الحزب لم تتخذ أي قرار يسمح بمشاركة أي شخص او مجموعة او مؤسسة في الحكومة القادمة، وبالتالي نحن نعتقد ان محاولة الربط بين تولي أي شخص المسؤولية في موقع لا تعني ان ذلك يرتب التزاما سياسيا على موقفه كحزب معارض يتبني المعارضة السلمية المدنية لتغيير النظام، خاصة وان الامة سيتبع كل الوسائل المشروعة لتحقيق ذلك الهدف . وذهب القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي بدوره الي ان الدعوة كانت عامة لتوسيع قاعدة الحكومة، مشيرا الي انهم لا ينظرون الي ان الدعوة يجب ان تظل محصورة بأحزاب بعينها، وانما على انها دعوة لجميع الشعب السوداني للمشاركة، وقال ل» الصحافة» ان المؤتمر الوطني لا يميز في ذلك بين مجموعة او فرد . وعليه فإن الحكومة ذات القاعدة العريضة هي حكومة تشترك فيها معظم فعاليات المجتمع السياسية والفكرية وغيرها، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات وهو هدف يتوخى منه المؤتمر الوطني الاقتراب من اشراك الكافة. وعد ربيع ذلك صيغة تتجاوز الديمقراطية نفسها لافق أرحب وأوسع ،لان الديمقراطية تفضي ان يشكل الحكومة الذين حازوا علي الأغلبية، ولكن الآن تشكيل الحكومة تجاوز هذا المعني الي مدي أوسع. ويضيف ربيع: نستطيع الان ان نؤكد بأن الحكومة المرتقبة ستشارك فيها معظم القوى السياسية. ورأى مساعد وزير الاعلام انه ليس هنالك معني من بعد هذا للحديث عن ان هنالك حزبا شارك واخر لم يشارك لان التشكيلة ستضم كل انواع الطيف السياسي، مما يجعل من الصعوبة التفريق بين الذي شارك والذي لم يشارك. واكد القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي ان مشاركة افراد ينتمون الى بيوتات معينة خاصة من التي تنتمي الي احزاب، يعني ان هذه الاحزاب قد شاركت وان كان ذلك تم بطريقة مباشرة او غير مباشرة. واضاف ربيع : يمكن ان ننظر الي مشاركة نجل زعيم الأمة ،في هذه التشكيلة على انه التطبيق الحقيقي لمعنى يتجاوز الديمقراطية، ويوفر بعدا ارحب وفقا للممارسة . بيد ان المحلل السياسي د. خالد التجاني النور رأى ان في مشاركة نجل زعيم الامة وامام الانصار عبد الرحمن المهدي» التفافا علي قرار رفض الحزب المشاركة» وقال التجاني: الاكرم لحزب الامة المشاركة بصورة مباشرة. ورغم الجهود الحثيثة التي يبذلها حزب الامة لتبرئة مؤسساته من قرار نجل الصادق المهدي بالمشاركة فى السلطة، فإن الجميع وعلى رأسهم المؤتمر الوطني يعدها مشاركة من الحزب و الاسرة وان كانت غير مباشرة. وهو ما نلمسه بوضوح فى ما قاله مساعد وزير الاعلام وعضو المكتب القيادي فى الحزب الحاكم ربيع عبد العاطي، عندما نوه الى ان الامة سيكون قد شارك فى التشكيل بمجرد دخول عبد الرحمن الحكومة، بينما يحار الرأى العام السوداني من مواقف المهدي الضبابية ازاء الامر، لان اختيار نجله من بين آلاف الضباط له دلالاته السياسية والاجتماعي? الواضحة.