٭ دخل الطفل الى جدته وهو يبكي ويتألم فسارعت الى احتضانه بحنان وشرعت في تهدئته وملاطفته (مالك يا ضناى يا عشاى يا حبيب قساى) مالك بتبكي، من بين نهنهاته قال الطفل، لقد ضربني الاستاذ، قالت (يضربوا الضريب شقاق العناقريب) ولماذا ضربك هذا القاسي عديم الاحساس، قال لم استطع الاجابة عليه عندما سألني من الذي حفر قناة السويس، هنا إرتاحت الحبوبة وانفرجت أساريرها وقالت (تلقاك حفرتها إنت دا يا ابو رويس أنا عارفاك حريموني بتعملها)، هذه النكتة يبدو انها صارت منهجاً تؤمن به وتطبقه بعض الجهات الرسمية وخاصة الأمنية لدرجة موغل? في التعسف يمكن معها ان تتهمك بجرم جلل وخطير لا تقل عقوبته عن الاعدام شنقاً بالحبل أو رمياً بالرصاص، ولكنك رغم هذه التهمة المهولة قد لا تلبث في الحبس إلا قليلاً لتخرج بعدها بريئاً كما تخرج الشعرة من العجين تماماً مثل براءة ذاك الطفل الغرير من (تهمة) جدته له بحفر قناة السويس التي تضافر على حفرها آلاف العمال واستغرق بناؤها عشرة أعوام بالتمام والكمال وكان أول من ضرب فيها معولاً هو الفرنسي فيردناند دي لسبس نائب القنصل الفرنسي بمصر وقتها وليس هذا الطفل المسكين الذي (بهتته) جدته، وتحفل أضابير الصحف وأراشيفها بال?ثير من مثل تهمة (حفرتها إنت يا أبو رويس) التي تبدأ كبيرة وخطيرة ثم لا تنفك تتفكك حتى تتلاشى تماماً ليخرج المتهم من الحبس الى المنزل رأساً دون المرور على أى محكمة بل احياناً حتى من غير توجيه تهمة، وحسبنا من مثل هذه التهم التي طالت سياسيين وعسكريين ومدنيين من مهن مختلفة ان نذكر فقط تلك التي يحلو لنا الاستشهاد بها لما فيها من مفارقة مدهشة وهى تلك التهمة التي بدلاً من أن تودي بصاحبها الى الموت أو على الاقل تذهب به الى السجن إذا بها وعلى طريقة بساط الريح تحمله على كفوف الراحة الى القصر نائباً للرئيس بينما من كا?وا معه ( راحوا في الكازوزة).. الآن وعلى ذات منهج (إنت يا أبو رويس) يواجه قياديان سياسيان تهمتين مختلفتين ومتقاطعتين، الاولى دمغ بها الشيخ ابراهيم السنوسي القيادي بحزب المؤتمر الشعبي الذي أعتقل بالمطار عقب عودته للبلاد من زيارة خارجية شملت دولتي جنوب السودان وكينيا وأودع الحبس في مكان غير معلوم لرفقائه متهماً بعقد إجتماعات تآمرية بتينك الدولتين لاسقاط النظام، والأخرى وللمفارقة لم يكن صاحبها وهو ابراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني في زيارة خارجية لدول متآمرة او توجد بها عناصر متمردة وإنما كان الرجل ورهطه يجوبون صياصي وفيافي كردفان يل?حمون بالناس البسطاء في عمل سياسي سلمي ومكشوف في الهواء الطلق ورغم ذلك منعوهم واتهموهم بممارسة أعمال تهدد الأمن وتزعزع الأمان، فتأمل هدانا الله وإياك في مثل هذا الكيل الذي يضعك في خانة التآمر في كل الاحوال.. بالله عليكم واستحلفكم صادقاً أليس هو منطق (حفرتها إنت يا أبو رويس)..