فاز الكوتش جمال الوالي برئاسة نادي المريخ الرياضي لدورة ثالثة دون أن ينازله أو ينافسه علي مركز الرئاسة مرشح آخر عبر «التزكية» وهي مصطلح أو عبارة مرادفة لكلمة « الاجماع السكوتي » التي ابتدعتها الانقاذ أثناء وبعد سن قانون التوالي السياسي الذي أنجز في العام 1998م .... وفوز أو نجاح جمال الوالي في انتخابات رئاسة نادي المريخ يعني أن الرجل جمع بين « الاخوات الثلاثة الرياضة السياسة والبزنس» وربما أضيف لهم الاعلام من خلال امتلاكه لقناة الشروق الفضائية وشرائه لصحيفة «السوداني» من مالكها وناشرها ورئيس تحريرها الا?تاذ محجوب عروة ... فالرجل ورغم انتمائه المبكر للحركة الاسلامية ثم ظهوره ككادر منظم في الجامعات المصرية خلال دراساته العليا إلا أنه لم يعرف له نشاط أو حركة معلنة فكان يعمل بهدوء وبعيدا عن صخب «أركان النقاش» وزخم «انتخابات الاتحادات الطلابية» الامر الذي أتاح له فرصة خلق علاقات واسعة مع كافة ألوان الطيف السياسي لكونه معتدل المزاج ولم يتعامل مع الاخرين وفقا لبرنامجه السياسي أو ما يسمي ب« نظرية الولاء».. حسنا .. لكن السنوات الماضية جعلت جمال الوالي يظهر علي السطح وبشكل سافر وواضح في الميدان الرياضي والسياسي والاعلامي فاق الكثير من أقرانه وأنداده في المؤتمر الوطني ... ويعرف عنه اتجاهه للعمل في القطاع الخاص مكونا لنفسه وضعا ومركزا ماليا مرموقا جعله في قائمة رجال الاعمال السودانيين فهو صاحب شركات أفراس للنقل السياحي بجانب شركات تجارية اخري وهي كانت بوابته للوصول لرئاسة نادي المريخ وجلس علي مقعد الرئاسة لثلاث دورات كأطول فترة يقضيها رياضي علي قيادة ناد رياضي بالبلاد... ويبدو ان هذه رغبة مريخية لجماهير ومشجعي ا?احمر الوهاج ومحبي النجمة وكان شعارهم: «جمال الوالي رئيس طوالي» لكن الشعار أو الهتاف تحول حاليا إلي واقع... والشاهد ان جمال الوالي زحف من دنيا المال والاعمال الى عالم الاعلام والميديا وهي النظرية الحديثة لادارة التجارة والبزنس فالناظر للدول من حولنا يدرك ان ميدان الرياضة لا يدخله إلا رمز من رموز الاسر المالكة والحاكمة كما هي الحال في المملكة العربية السعودية ودول الخليج عموما مثل الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة والبحرين فظهر على سبيل المثال الملياردير السعودي الوليد بن طلال والذي يصنف كأكبر المستثمرين في مجال الاعلام خاصة القنوات الفضائية والعمل التلفزيوني .. أو ان يكونوا من أركان النظام الحاكم ومسنودين با?دعم الحكومي مثل الحال في جمهورية مصر العربية فكل قادة العمل الرياضي والاعلامي من قادة الحزب الحاكم المصري ... فالمهم ولج جمال الوالي الى المجال الاعلامي بتأسيسه لقناة الشروق الفضائية التي اتخذت من دبي مركزا لانطلاقة بثها وتم تقسيم الاستوديوهات ما بين الخرطومودبي وفاوض محجوب عروة حتى نجح في شراء صحيفة السوداني بعد تعثر استمراريتها ومواصلة مسيرتها ونظم لها حفلا فاخرا بمناسبة تدشينها في فندق السلام روتانا العام الماضي وما حمد للرجل أنه لم يشرد العاملين فيها بل استمروا ضمن طاقم الجريدة «القديمة الجديدة» وأ?بح جمال الوالي مالكا للصحيفة ورئيسا لمجلس ادارتها وهو عرف في أغلبية الصحف السودانية المحلية التي يقف علي مجالس إداراتها رجال الاعمال ... بل أشاعت مجالس المدينة أن جمال الوالي بصدد شراء فضائية «قوون الرياضية» من صاحبها رمضان أحمد السيد ليحولها لاسم «الشروق سبورت» جنبا الي جنب مع قناة الشروق الفضائية وبوابتها الالكترونية «الشروق نت» بل وقيل ان جمال الوالي يخطط لشراء كامل اسهم موقع «سودانايل الالكتروني» لمواجهة الحملة التي يقوم بها موقع سودانيز اون لاين دوت كوم ضد الحكومة لان الومقع مصنف كواجهة اعلامية معارضة?ضد الانقاذ !... والشاهد ان طموح جمال الوالي لم يتوقف وتطلع للوصول الي ردهات البرلمان كنائب من قبل المؤتمر الوطني في دوائر المجلس الوطني وترشح وفاز ممثلا لحزبه في الدائرة «11» مدني الشمالية الغربية الجغرافية وسط أهله وبلده «قرية فداسي» الواقعة علي الطريق الاسفلتي المؤدي لمدني من الخرطوم .... ومن المعروف ان المؤتمر الوطني لم يكن صاحب اهتمام كبير بالرياضة أو المنافسة في انتخابات الاندية على مستوى ضباطها الثلاثة أو مكاتبها المتخصصة «الامانات العامة» وترك القضية للعسكريين المرتبطين بفرع الراياضة العسكرية أمثال اللواء ابراهيم نايل إيدام وغيره كاللواء يوسف عبدالفتاح فهو صاحب ميول رياضية وله معجبون أطلقوا عليه اسم «رامبو»... وحتي الكوادر التابعة للمؤتمر الوطني لم تكن متحمسة للدخول في المجال الرياضي فقد سبق ان اعتذر الدكتور أمين حسن عمر عن تولي منصب رياضي أسند له من قبل وربما لعدم استلطافه له أو ربما ?عدم المامه الكافي بدهاليزه وكواليسه لان العمل الرياضي يسرق وقت من يشغله بصورة كبيرة كما تردد من قبل ان الوزير الحالي أسامة عبد الله كان يريد التقدم لرئاسة نادي الهلال بعد نهاية فترة القطب الهلالي «الارباب» صلاح ادريس كما ان الدكتور الفاتح عزالدين المنصور رئيس لجنة الحسبة بالبرلمان الاتحادي كان مسئولا عن منشآت نادي المريخ بعد إعفائه من منصب المعتمد لمحلية غبيش بولاية غرب كردفان سابقا ... وعندما كان النائب الاول لرئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه وزيرا لوزارة التخطيط العمراني والتي تعتبر الجهة الموكل ?ليها الحفاظ علي المشروع الحضاري بضمها لاربع وزارات هي «الشئون الدينية والاوقاف الشباب والرياضة الثقافة والرعاية الاجتماعية» حاول الرجل ان ينحي في الرياضة منحي تأصيليا أي رد الامر الي اصله الشرعي فاصدر قرارا وزاريا بعدم اطلاق الالقاب علي اسماء الرياضيين واللاعبين مثل جمال الثعلب ليقال له «جمال محمد خميس» أو كندورة «هاشم تيّا كرتون» ... وهكذا لكن الالمر لم يصمد أمام مشجعي الاندية الرياضية وجماهير كرة القدم ... ربما فان أسياد الرياضة في فترة من الفترات كان لصالح الحزب الاتحادي الديمقراطي حتي في ظل حكم الانقاذ فمر علي نادي الهلال علي سبيل المثال في كراسي القيادة حسن عبد القادر هلال وحكيم الكرة السودانية طه علي البشير وصلاح إدريس والفريق فاروق حسن محمد نور وعبد المجيد منصور فقد كان الي جانب رئاسته لنادي الهلال مديرا عاما للبنك الاسلامي السوداني «مصرف الطريقة الختمية» وكان رئيس مجلس إدارته الراحل مولانا «أحمد الميرغني» والان في الاتحاد العام لكرة القدم نجد رئيس الحملة الانتخابية للحزب الاتحادي الديمقراطي هو محمد سر ?لختم الذي تولي من قبل رئاسة نادي المريخ الحصاحيصا ثم الاتحاد المحلي لكرة القدم بمحلية الحصاحيصا وفي البحر الاحمر علي سبيل المثال هناك مولانا عوض الله إبراهيم وكان وزيرا ومحافظا لمحلية بورتسودان هو في ذات الوقت رئيسا لنادي مريخ الثغر ... كما لا ننسي ان في ولاية كسلا ناديا رياضيا يحمل اسم الطائفة الختمية وهو نادي الميرغني كسلا الذي تقع مبانيه علي الضفة الشرقية لنهر القاش، اهتمام الاتحاديين بالرياضة وصل لدرجة مطالبتهم في الحكومة الجديدة بمنصب وزير للشباب والرياضة ضمن حصة الحزب في حكومة القاعدة العريضة وبا?فعل نالوا ما طلبوه حيث جاء للوزارة القطب الاتحادي الفاتح تاج السر خلفا للوزير السابق حاج ماجد سوار... حسنا ... يأتي هذا في مقابل عدم اهتمام آل المهدي بكرة القدم مثل الحال لدي الختمية فلم يعرف ان قياديا أنصاريا تولي رئاسة ناد رياضي أو ترشح لانتخابات احد الاندية الرياضة منافسا للاتحاديين أو المؤتمر الوطني ... ولكن عرف عن أسرة المهدي اهتمامها برياضة الفروسية وركوب الخيل بجانب لعبة التنس والبولو والجولف وهي من ضروب الرياضة الارستقراطية وليس لها جماهير مثل « المدورة » .... والطريف فان ما يعرف في الاوساط الرياضية بالنسبة لقادة البلاد فان الرئيس البشير لا يخفي ولاءه لنادي الهلال بينما يميل النائب الاول لرئيس الجم?ورية الاستاذ علي عثمان تشجيعه لنادي المريخ وسبق ان صرّح بانه «مريخابي من منازلهم»... ولان السياسة في البلاد أصبحت تتداخل مع الرياضة والاقتصاد والاعلام ومدي ثأثير ذلك علي تشكيل الرأي العام السوداني وتغيير ميوله واتجاهاته واشباع أمزجته وهواياته فان الريّس جمال الوالي كان جاهزا للعب هذا الدور ليتكامل مع أدوار أخري تؤدي في نهايتها للصب في نهر الحكومة أو الدولة ولهذا كان منزل جمال الوالي مكانا أريحيا لاستقبال شركاء نيفاشا حينما «يتشاكسون» ويجلسون في فطور عمل صباحي لينتهي الخصام الي تعانق وكان من أشهر هذه اللقاءات في أعقاب إعلان الحركة الشعبية تعليق مشاركتها في الحكومة قبل 3 سنوات ولعل آخر عشاء?بين قادة الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني بعد ظهور وإعلان نتيجة الاستفتاء بمنزل جمال الوالي .... ولهذا يصبح شعار المريخاب جمال الوالي رئيس طوالي هو المطلب ليس لمشجعي المريخ ولكن حتي للسياسيين خاصة قادة المؤتمر الوطني ... !!