٭ عندما تتداخل وتتشابك مفاتيح الدخول لمناقشة الهم السياسي والاجتماعي في السودان تسوقني خواطري الى ما يشبه التحايل على تغيير الموضوع كأن الجأ لديوان شعر.. أو الى قصة قصيرة أو ابحث عن اسلوب آخر. ٭ بالامس وجدت نفسي في هذه الحالة التي ادخلتني فيها كتابات الذين يختالون بأن الديمقراطية هى فوز المؤتمر الوطني في معركة انتخابية يدخلونها والآخرون كتبت عليهم الهزيمة. ٭ امامي كتاب في (صالون العقاد كانت لنا ايام) لانيس منصور.. قرأته كثيراً منذ ان نشر في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي بمجلة اكتوبر المصرية.. قلت لنفسي اختار وبطريقة عشوائية استراحة لي ولقراء (صدى) من ملاحقة اخبار الحكومة ذات القاعدة العريضة واخبار نجلي السيدين والبحث عن اسباب اعتقال الشيخ السنوسي.. ومشاكل الجامعات المتزايدة.. وبالفعل فتحت الكتاب.. وجدت نفسي امام عنوان (حكمت المحكمة غيابياً) ولنقرأ معاً. قبل ان يتوقف المترو بلحظات فاجأنا الكمساري.. تذاكر تذاكر يا افندية.. وكان في نيتنا ان نغادر المترو دون ان ندفع.. ولكننا لا شعورياً مددنا ايدينا الى جيوبنا واعطيناه ودون اتفاق فيما بيننا ظللنا راكبين محطة اخرى كأننا اردنا ان نقول له انه لم يكن في نيتنا ان ننزل دون ان ندفع وانه لم يضبطنا انما هو ادركنا ونحن نقترب من الباب استعداداً للنزول في المحطة التالية. ٭ وفجأة وجدتني اقول لصديقي انا قلت لطه حسين ولكنه لم يصدقني طه حسين؟ من هو طه حسين؟ عندما اختلفت معه في تفسير كتابه الشعر الجاهلي وكان من رأيه هو ان هذا الكتاب هو اجرأ اعماله الادبية وان لم يكن اعظمها.. ولكن قلت له بل انت شخصياً عمل ادبي جريء لأنك لست كاتباً ولا متحدثاً فقط.. بل انت نموذج لما يجب ان يفعله المفكرون الاحرار في مصر. ماذا تقول؟ ................ ماذا تقول؟ ولما لاحظ اني لم ارد عليه ادرك انني كنت اداري خجلي من الكمساري بأن اوهمه بأنني مثقف وانني اعرف طه حسين شخصياً واني جلست معه واختلفت في الرأى.. أى انني لست من هذا الطراز الذي يهرب من الكمساري. ٭ ومضيت اهزي واقول اما أنا فعندما سمعت الباب يدق.. قلت ادخل فلم يدخل احد فصرخت بأعلى صوتي ادخل.. قلت لك ادخل ياحمار وكانت المفاجأة لقد كان لطفي السيد باشا وفي يده عبد الرحمن الجبرتي وفي يد عبد الرحمن الجبرتي مؤرخ الاغريق هيرودوت.. بالاحضان يا رجاله.. يا محاسن الصدف. ٭ لقد كان يقاطعني بالسخرية ولكن لم اكن على استعداد لذلك مضينا على اقدامنا الى بيت الاستاذ دون ان نتكلم وذهبنا متأخرين عن الموعد اكثر من نصف ساعة ولما دخلنا صالون الاستاذ كان ممتلئاً ووجدنا لنا مقعدين متجاورين.. احد المقعدين مكسور فاسندته الى الحائط واحسست ان احد ساقي هي في نفس الوقت الساق الرابعة للكرسي ولاحظت شيئاً غريباً فقد كان وراء المقعد قفص كبير به نسناس وقبل ان اسأل الوجوه عن صاحب القرد وعن المعنى وجدت واحداً من الزملاء من كلية الزراعة.. لن تصدقني لقد اتيت بهذا القرد لأنه شاهد في قضية.. الاستاذ يقو? ان هذا النوع من القرود يجب ان تكون له بقعة بيضاء عند ذيله وانا تحديت الاستاذ قائلاً لابد ان تكون اصابعه هى البيضاء ولما عدت الى البيت وعدت الى المكتب.. لم اصدق عيني فقد كان الاستاذ على صواب ولما ذهبت الى حديقة الحيوان وانت تعرف ان والدي هو احد أطباء الحديقة وناقشت والدي اكد لي ان الاستاذ على حق واثبت بهذا النسناس برهاناً حياً على انني غلطان. هذا مع تحياتي وشكري