قبل ان يجف الحبر الذي كتب به المرسوم الجمهوري القاضي بتعيين حكام لولايات غرب،وسط ،جنوب، وشرق دارفور تباينت الاراء بصورة غير مألوفة في الاقليم، الذي ظل يشهد عدم استقرار منذ العام 2003 ، وقد بدت ملامح عدم الرضا من القرار واضحة بشدة في ولايتي جنوب وغرب دارفور ذلك لأن التوقعات كانت تذهب في اتجاه مخالف للقرار الجمهوري. وبحسب مصادر فان مواطنين وبعض قادة الحزب الحاكم بجنوب دارفور توقعوا ان يتم الابقاء علي عبد الحميد موسى كاشا وذلك لاكمال مسيرته التي يصفونها بالناجحة ، وهذا مع علمهم ان كونه والياً منتخباً بواسطة قواعد لا يمكن الرهان عليها كثيرًا في الابقاء عليه،لجهة أن وضعية الولاية القانونية والدستورية تغيّرت بانشطارها لولايتين،وهو ما دفعهم ايضا للتعويل على ان يكون بديل كاشا في حال اصر المركز علي تغييره نائبه في الحزب محمد عبد الرحمن مدلل. ولم يختلف المشهد كثيرا في ولاية غرب دارفور التي توقع كثير من مواطنيها ان تعاد الثقة في أسرة السلطان بحر الدين، وان يتم اختيار حفيده سعد عبد الرحمن بحر الدين نائبا ، غير ان تمسك حركة التحرير والعدالة بالمقعد كما تشير مصادر حال دون تحقيق تطلعات مواطني الولاية ،واختلف المشهد في شرق دارفور تماما حيث قوبل تعيين ابن المنطقة كاشا بسعادة كبيرة وسيرت امس مظاهرة تأييد للقرار الذي يعتبرونه جاء منصفا ،وكانت ابرز مكونات الولاية السياسية والاجتماعية والقبلية طالبت بكاشا ورفضت مقترحا تم الدفع به يذهب ناحية تعيين وال اخر وحال تمسك مواطني شرق دارفور بكاشا دون استمراريته بولاية جنوب دارفور. ويعتبر مراقبون ان التعيين الذي جاء بعد ان تم استشارة ابناء دارفور النافذين بالمركز لم يلب طموحات مواطني الاقليم، مؤكدين ان المركز اهمل استشارة قيادات الحزب بالولايات الاربع، وبخاصة في ولاية وسط دارفور التي اظهرت انقساما في موقف القوي السياسية والمواطنين بصورة بينة حول تعيين تبن واليا لها. وتقول السيرة الذاتية لوالي جنوب دارفور الجديد حماد إسماعيل انه خريج جامعة أم درمان الإسلامية وانه من أبناء الحركة الإسلامية ، وكان أميناً للمؤتمر للوطني بجنوب دارفور قبل المفاصلة إبّان ولاية الحاج آدم . وحتى قبل ساعات من قرار تعيينه كان مديرا لمركز ثقافة المجتمع وينوب عن الوكيل،ويتوقع مراقبون ان يواجه حماد اسماعيل تحديات كبيرة ابرزها الرصيد الكبير الذي حققه كاشا من نجاحات، وهو الامر الذي يري مراقبون ان من شأنه ان يمثل دافعا قويا للوالي الجديد لتأكيد افضليته او ربما يسهم في عدم نجاحه وتوفيقه في مهمته الجديدة. اما والي غرب دارفور حيدر قالكوما أتيم «نائب رئيس حركة التحرير والعدالة» فيعد الوالي الاصغر سنا في السودان ، وهو من مواليد العام 1975 وعمل لفترة محدودة بوزارة الشؤون الاجتماعية بالولاية في العام 2003م عقب تخرجه في العام 2000 من جامعة القرآن الكريم بكلية الشريعة والقانون ،وكان المسؤول العسكري في أول تشكيلة رسمية لحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، كما كان ناطقا رسمياً لحركة تحرير السودان بقيادة خميس أبكر في غضون العام 2007م، ثم شكّل حركة التحرير «الخط العام» في 2008 وأصبح رئيساً لها، ومنها انضم إلى التحرير والعدالة وأصبح نائباً للرئيس في العام 2010م. ويتخوف مواطنون بغرب دارفور بحسب متابعين من تكرار تجربة ابوالقاسم امام الذي تولي المنصب بعد اتفاقية ابوجا ثم عاد مجددا الى سيرته الاولى. ويعتبر والي وسط دارفور د.يوسف تبن موسى من الكوادر المعروفة بالحزب الحاكم والدولة، حيث تولي مناصب مختلفة بولاية الخرطوم كان اخرها منصبه الحالي رئيسا للمجلس الاعلي للبيئة والنظافة بدرجة وزير بالولاية. وتخرج تبن في كلية الهندسة المدنية جامعة الخرطوم ونال الماجستير في مجال المنشآت، وعمل أستاذا بكلية الهندسة بجامعتي الخرطوم والسودان، وله خبرة واسعة في تصميم المباني وشبكات المياه والأعمال المدنية . ولم يواجه قرار تعيين الولاة الجدد في دارفور بتباين في المواقف من مواطني الاقليم فقط، فقد تعاطت معه قوى سياسية اخرى بالانتقاد والتشكيك في قدرات من تولي مقاعد الولاة. فالمسؤول السياسي لاقليم دارفور بحزب الامة القومي اسماعيل كتر يسخر من قرار تعيين الولاة الاربعة، ويقول «الناس في شنو والحسانية في شنو»، مشيرا الى ان المؤتمر الوطني يتحدث عن تقصير الظل الاداري وضبط وتقليل الانفاق والعمل علي توفير الخدمات للمواطنين، ثم يأتي ويخالف الاطروحات السابقة بزيادة ترهل الجهاز التنفيذي للدولة باقليم دارفور. ورأى كتر ان الانقاذ لم تستطع مواكبة متطلبات المرحلة الحالية وماتزال تعمل بعقلية سنواتها الاولي التي تعتبر ان التقسيمات الكثيرة هي الحل النهائي للمشكلات، مؤكدا ان سياسة الترضيات التي ظلت تنتهجها الحكومة لن تضيف جديدا علي الوضع في دارفور، بل من شأنها ان تؤزم الوضع بأكثر مماهو عليه. واعتبر المسؤول السياسي لحزب الامة بدارفور في حديثه ل«الصحافة» بالامس ان القرار لم يكن موفقا لانه لم يعالج المسألة كليا، بل قد يقود الي خلافات بدأت نذرها تلوح في ولايتي غرب وجنوب دارفور برفض الشعبي للولاة الجدد الذين تم تعيينهم من قبل الحكومة، موضحا ان التعيين لم يأت حسب رغبات القواعد، وجاء عن طريق مراكز ضغط بالمركز. ولم يختلف حديث الامين السياسي للمؤتمر الشعبي ورئيس كتلة المعارضة بتشريعي جنوب دارفور عبد الرحمن عبد الله الدومة عن سابقه، اذ يشير الرجل في حديثه ل«الصحافة» بالامس الي ان القرار لم يكن موفقا وذلك لأنه جاء ضد رغبات مواطني ولاية جنوب دارفور تحديدا، والذين يرون مثلنا ان عبد الحميد موسى كاشا وال منتخب كان يجب ان يكمل فترته بجنوب دارفور، ويقول الدومة ان الجميع توقعوا ان يذهب الوالي الجديد الي الولاية الجديدة «شرق دارفور »، وان يتم الابقاء علي كاشا من اجل المصلحة العامة، وذلك لأن الرجل بات يعرف كافة تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، بل نجح والحديث لازال للدومة في كسب رضا مختلف مكونات الولاية الاجتماعية والسياسية، مضيفا: ان القرار غير موفق لذلك تم اسناده بقانون الطوارئ ، وذلك حتي لايعترض عليه احد. ويري المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر ان القرار جاء تلبية لاتفاقية الدوحة التي اعتبرها الامل الاخير لانقاذ دارفور، مشيرا في حديثه بالامس ل» الصحافة» الي ان وثيقة السلام اذا لم تحدث اضافة علي واقع الاقليم تصبح غير ذات جدوي، ومعتبرا ان قرار التعيين طبيعي في ظل تقسيم ولايتي جنوب وغرب دارفور، وقال خاطر ان المرحلة القادمة هي الاصعب في تحدي انزال الاتفاقية علي الارض ، مما يعني انها تحتاج لان تكون الحاكمية للبرامج وبنود وثيقة الدوحة.