حرص الشيخ الدكتور محمد عبد الكريم رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم القيادي الابرز بالرابطة الشرعية للعلماء والدعاة على الا يستثني احدا في القائمة البريدية التي يحتفظ بها في «ايميله» الالكتروني مرسلا ل «الكل» بيان الرابطة الشرعية المتعلق بزيارة وموقف بعثة الجامعة العربية الى سوريا بقيادة الفريق محمد أحمد مصطفى الدابي وذلك حتى قبل ان يتم توزيع البيان على الصحف ووكالات الانباء والقنوات الفضائية..! وبالطبع فان البيان الذي انتقد موقف وموقع البعثة من احداث سوريا لا يختلف عن الموكب الجماهيري الذي سيرته الرابطة الشرعية منطلقا من عدد من مساجد الخرطوم قبل شهر من الآن والذي خاطبه الى جانب الشيخ محمد عبد الكريم الداعية السوري حسين خالد عشيش الذي تتنقل اقامته بين الخرطوم والعاصمة البحرينية المنامة. وقد يكون كلا الموقفين - البيان والموكب الجماهيري - يعكسان بحسب مراقبين اهتمام الرابطة الشرعية بما يدور خارج السودان اكثر مما بداخله مع ان الاحداث في الساحة السياسية السودانية لا تقل في حراكها وخطورتها وتسارع مجرياتها مما يجري في سوريا او غيرها من الدول العربية الاخرى.. والنماذج هنا اكثر من ان تعد وتحصى في مقدمتها على سبيل المثال انفصال الجنوب وما يجري الآن في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق ومشكلة المناصير بولايتي نهر النيل والشمالية هذا بالاضافة الى ارتفاع اسعار السلع والغلاء الطاحن والصعوبات المعيشية التي تواجه المواطن وما يتردد هنا وهناك عن وجود فساد وتجاوزات في اجهزة الحكم والسلطة ، ومع ذلك لم نرَ او نسمع الا بمسيرة وتظاهرة الرابطة لمنع وحظر نشاط الحركة الشعبية «قطاع الشمال» بل وحينما استهلت جبهة الدستور الإسلامي نشاطها بالمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية والتراضي حول دستور إسلامي دائم لحكم البلاد فان الشيخ محمد عبدالكريم اعلن وصرّح بأن الشريعة الإسلامية لا تحتاج الي تكوين جبهة او لجنة او هيئة...! فماذا تريد الرابطة الشرعية ان تقول الآن بالضبط ولمن تريد ان ترسل رسالتها..؟! تذهب اغلب التوقعات الى ان الرابطة الشرعية تحاول ان تدخل في معركة او حرب باردة غير معلنة وليست مباشرة مع الحكومة السودانية وذلك لسبب بسيط، فالمقصود من البيان كما يتضح من لهجته الحادة والناقدة هو الفريق الدابي بمعنى ان الرابطة تريد ان تطلب من الحكومة السودانية سحب رئيس فريق بعثة الجامعة العربية ليس الا..! وحتى لا يكون الكلام ملقيا على عواهنه، دعونا نقلب بعض صفحات مسيرة وحركة الرابطة الشرعية منذ انشائها في العام 2004م، حيث اعلن عن انطلاقة تأسيسها ونشاطها بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم وشكلت مكتبها القيادي باسناد منصب الرئاسة للشيخ الامين الحاج محمد أحمد وينوب عنه الشيخ سليمان عثمان ابونارو بينما كُلف الدكتور علاء الدين الزاكي بمنصب الامين العام بجانب عضوية الشيخ مدثر أحمد اسماعيل ومحمد عبدالكريم ومحمد الامين اسماعيل وغيرهم كثير.. ومن المعروف ان هناك كيانا ظل قائما ويقوم بذات الرسالة والمهام والاهداف التي اعلنت عنها الرابطة الشرعية وهي هيئة علماء السودان التي تضم داخلها عددا من المكونات والتنظيمات الإسلامية كالاخوان المسلمين وانصار السنة والحركة الإسلامية بل ويشغل فيها الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف منصب الرجل الثاني فيها كنائب للرئيس العام، فما هي اللونية او المدرسة الفكرية الإسلامية التي تنتمي لها الرابطة الشرعية وتختلف فيها مع هيئة علماء السودان؟! المعلوم ان الرابطة الشرعية ليست انصار سنة فانصار السنة في الساحة معروفون بجناحيهما - المركز العام السجانة وجماعة الاصلاح الشيخ ابوزيد - وليسوا هم اخوان مسلمون فالاخوان المسلمون ايضا معروفون.. فالتيار الام يقف على رئاسته المراقب العام البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم والآخر الاصلاح يقوده الدكتور صديق علي بشير وليسوا هم حركة إسلامية او مؤتمر وطني فالحركة الإسلامية امينها العام هو النائب الاول علي عثمان محمد طه وقطعا هم ليسوا حزب تحرير ولا مؤتمر شعبي ...! اذن فالسؤال... ما هو تصنيفهم ولون طيفهم الديني؟!! طالما هم «لا الى هؤلاء ... ولا الى هؤلاء»..؟!! الاجابة على السؤال قد لا تبدو مهمة الآن بقدر ما هو مهم معرفة مدى حرص واهتمام علماء الرابطة الشرعية على «فرز» عيشتهم وتكوين رأي عام في قضية ما كأحداث سوريا مثلا فهناك ايضا الهيئة الشعبية لمناصرة الشعب السوري بقيادة الشيخ الدكتور يوسف الكودة، فكأن الرابطة الشرعية ارادت ان تقول للحكومة «لكم دينكم وليّ دين .. وربما كانت الرابطة الشرعية لا تريد الدخول في مواجهة او معركة مفتوحة ومباشرة مع الحكومة لكنها في ذات الوقت اطلقت سهام نقدها ووجهت «جبخانتها» في اتجاه الفريق الدابي وبعثته لتكون مايزت صفوفها عن الهيئة الشعبية لمناصرة الشعب السوري المتهمة بانها الاقرب الى الحكومة.. وربما تكون القضية في النهاية اقرب الى المثل الجاري والشائع.. ان الرابطة الشرعية عينها في «فيل» الحكومة لكنها ابت الا ان تطعن في «ضلها» وهو بالتأكيد رئيس بعثة تقصي الحقائق التابعة للجامعة العربية الفريق محمد أحمد مصطفى الدابي....!!