«الذهب الذهب يكاد عقلي يذهب » مقولة جرت بها الألسن ردحا من الزمان والى عهد قريب كان أهل السودان بعيدين عن فضائها غير أنه بعد انتشار ما عرف بالتعدين الأهلي مؤخرا تفيأ كثير من السودانيين ظلال ونعماء التعدين عن الذهب في بقاع مختلفة من السودان . «الصحافة» جلست الى شيخ الصاغة بمجمع الذهب بالخرطوم محمد مصطفى تبيدي لمعرفة آثار التعدين الأهلي على الاقتصاد والأوضاع الاجتماعية بالبلاد فكانت الحصيلة التالية . * ما مدى دور التعدين الأهلي في تغيير ملامح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد ؟ لا شك أن للتعدين الأهلي لاسيما عن معدن الذهب له تأثيراته الايجابية في تغيير الخارطة الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد على مستوى الصعيد العام للدولة أو على مستوى الأفراد اذ ساهم العائد من التعدين الأهلي في رفد الخزينة العامة للدولة بايرادات مقدرة تصل في متوسطها الى 50 مليون دولار في السنة الأمر الذي ساعد في تجسير هوة فقدان عائدات نفط الجنوب بعد الانفصال علاوة على مساهمة التعدين الأهلي في توفير ايرادات مقدرة من العملات الحرة وتكوين احتياطي من الذهب بالبنك المركزي بعد دخوله مشتريا للذهب من المعدنين الأهليين . أما على مستوى الأفراد فقد ساهم التعدين الأهلي في تحسين أوضاع كثير من الأسر بل المناطق بزيادة دخول الأفراد وانعاش الحركة الاقتصادية والنشاط التجاري بالمناطق بجانب خلق فرص للعمالة وبالتالي تخفيض نسبة البطالة وسط العاطلين فضلا عن كون التعدين الأهلي أضحى موردا مهما لتغذية خزائن الولايات والمحليات الموجود فيها . * وماذا عن شرائه وتسويقه ؟ ليس هناك إشكال في شراء وتسويق الذهب من المعدنين فالمشتري الأكبر له هو البنك المركزي بغرض تقليل تهريبه الى الخارج . * لكن هل الأسعار التي يشتري بها البنك المركزي مجزية للمعدنين؟ ان أسعار الذهب عموما تخضع لأسعاره عالميا وفقا لما هو موجود في البورصة العالمية التي تعلو وتهبط بعلاقة طردية مع سعر صرف الدولار فكلما انخفض سعر صرفه زاد سعر الذهب والعكس صحيح فالأسعار الآن تتراوح بين «190-214» جنيها للجرام ولا ننسى أن أسعار الذهب تتغير ساعة عقب أخرى . * ألا تتفق معي أن الوضع عندنا معكوس بخصوص الأسعار فعلاقتها طردية مع سعر صرف الدولار فما السبب برأيكم ؟ هذا صحيح والسبب في ذلك الوضع الاقتصادي بالبلاد اذ تزداد الحاجة للعملات الحرة . * ما هي أكثر مناطق التعدين الأهلي ايراداً وانتاجا للذهب ؟ ان أكثر المناطق ايرادا للذهب هي شمال السودان وشمال كردفان والبطانة والشرق . * ما هي أكبر كمية أوردها معدن واحد ؟ ان الكميات تتفاوت من وقت لآخر بيد أن أكبر كتلة أوردها معدن واحد قابلتني بلغت 20 كليوغراما «منذ عام ونصف العام» غير أن آخرين يعرضون العشرة كيلوغرامات وما فوقها وما دونها . * نما الى مسامعنا انتشار نشاط للتعدين الأهلي عن الذهب بمنطقة الفولة فما صحة ذلك ؟ نعم ان ثمة نشاط للتعدين الأهلي بدأ بمنطقة الفولة وبالفعل ورد منها انتاج من الذهب وأن أناسا كثيرين«60-70»% من المعدنين شدوا الرحال ويمموا شطر الفولة وليس غريبا أن تتجه الأنظار نحو محط الفتوحات الجديدة . * هل صحيح أن ما يميز ذهب الفولة أنه سطحي ؟ ان الذهب الذي ينشط فيه التعدين الأهلي كله سطحي بسائر بقاع السودان والفولة ليست استثناء فالذهب الذي ينقب عنه بالآبار قليل في السودان ويحتاج لتقنيات وامكانيات عالية لا تتوفر للتعدين الأهلي . * على ذكر التقنيات ماذا عن أسعار الكشف عن الذهب ؟ لقد شهدت أسعارها ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة لاسيما بعد دخول منطقة الفولة حيز الانتاج اذ قفز سعر الجهاز من «13-14» ألف جنيه في السابق الى أكثر من 20 ألفا هذه الأيام . * ما رؤيتكم في السياسة الحكومية تجاه التعدين الأهلي ؟ في رؤيتنا أنها جيدة وأن سمتها الرشد اذ عملت على تقنين وتنظيم التعدين الأهلي وحولته من باحة العشوائية الى خانة التنظيم بالسماح لكافة المواطنين النشاط فيه دون حجر على أحد بعيدا عن أدنى المضايقات لايمان السلطات أن التعدين الأهلي نشاط عالمي وبامكانه المساهمة في تحسين أوضاع المواطنين . * ما تقييمك لحركة بيع وشراء الذهب ؟ ان حركة البيع والشراء يمكن وصفها بالضعيفة جراء ضعف القوة الشرائية فغدت المعارض محافظ للنقود ولا يوجد نشاط تجاري بها يوازي حجم المعروض بها من الذهب فمعظم المشترين يفضلون تجهيزاتهم الذاتية من الخارج من واقع عقدة صارت ملازمة للمستهلك المحلي حيال المنتج الوطني فالعيار هو العيار فهناك تصنيع بالسودان يوازي التصنيع الخارجي فالسودان صاحب ريادة في صياغة الذهب . * الى أي مدى يسهم انشاء مصفاة للذهب بالبلاد ؟ ان انشاء مصفاة للذهب بالسودان له اسهامه الفاعل في زيادة العائد من الذهب لجهة وجود معادن مصاحبة للذهب قبل تصفيته يمكن أن يستفيد منها صاحب المصفاة بالخارج دون أن يعود منها شئ للبلاد أو التاجر فالذهب قبل تصفيته عادة يكون مصحوبا بالفضة والبلاتين وغيرها يمكن الاستفادة منها بعد تصفيته محليا . * لكن هناك همس يدور عن ضعف القدرة الفنية بالسودان ؟ هذا زعم غير صحيح اطلاقا فبالسودان خامات فنية وكوادر مؤهلة تقوم الآن بتصنيع وتحليل الذهب وتسييحه ولها القدرة على معرفة كمية الذهب الموجود في السبيكة ومقدار المعادن الأخرى ومن ثم صهره وبيعه في شكل سبائك . * الى ماذا يرجع الفرق بين الذهب ؟ الفرق بين أنواع الذهب مرده الى التصنيع فالذهب المعروض كله عيار 21 الذي يوازي «875» سم . * بما تفسر زيادة الاقبال على الذهب واقتنائه ؟ لأن الذهب ملاذ آمن للنقود فسبيكة الذهب ليست مثل العقار أو المحاصيل . * ما هي توقعاتك لأسعار الذهب ؟ أتوقع مواصلة ارتفاعها في ظل الاضطرابات الاقتصادية التي تكتنف العالم . * ما هي مشاكل تعدين وتجارة الذهب ؟ ان المشاكل التي كان يعاني منها التعدين الأهلي بدأت في الاختفاء غير أن التجار يعانون من كثرة الرسوم المفروضة عليهم .
