تعتبر السجون هي بوابة الإصلاح لكل إنسان وقع في خطأ او جرم وذلك من خلال البرامج التأهيلية والتربوية لإذكاء نفسه وروحه حتى يعود الى المجتمع إنساناً سليماً ومعافى ،وهكذا ظلت السجون في كل انحاء السودان تعمل إداراتها بكل اجتهاد لتغيير حياة النزلاء الى الافضل عبر برامج ارشادية وتوعوية ،ولكن رغم ذلك يلحظ الزائر لسجن القضارف الاكتظاظ الكبير الذي تضيق به ساحاته من النزلاء الذين يربو عددهم على سبعمائة نزيل يواجهون معاناة حقيقية على الاصعدة الخدمية المختلفة وذلك لافتقار السجن للبيئة التي تحترم انسانية النزلاء الذين يشكون كثيرا من التردي الكبير والواضح في مرافق السجن الصحية وغيرها ،والوضع برغم الاجتهادات الكبيرة التي تبذلها ادارة السجن الا انه يدعو للحزن والرثاء لحال النزلاء الذين لاتتوفر لهم ادنى مقومات الحياة ،بل حتى إدارة السجن في حيرة من أمرها لانعدام السور والبوابة لأكثر من ثلاثة أعوام في ظل ارتفاع حالات الهروب وانعدام أبراج المراقبة سوى برج واحد ومنخفض تتعذر الرؤية منه احيانا ويصعب مراقبة النزلاء لكثرتهم وضيق العنابر وعدم وجود الإضاءة المناسبة ،حيث كشف أحد نزلاء السجن ل(لصحافة) انهم يعيشون في أوضاع مأساوية صعبة في ظل انتشار أمراض الصدر والبرجم والامراض الجلدية بالاضافة الى كل انواع الحساسية لتردي خدمات اصحاح البيئة ،مشيرا الى عدم وجود دورات مياه كافية لقضاء حاجات النزلاء بجانب الصرف الصحي مما جعل إدارة السجن بالتعاون مع النزلاء تعمل على تشييد حمامات داخل عنابر النزلاء ذاتهم ،وقال انه يتم تجميع الفضلات البشرية من السادسة مساء لحظة إغلاق العنابر ليقوموا بنقلها في الصباح الباكر وتجمع في بئر أنشئت بجهد خاص من إدارة السجن وهي تعاني عدم وجود المال الكافي لشفط مخلفات الإنسان. وطالب النزيل بابعاد المعتوهين وأصحاب الأمراض النفسية من السجن لاستخدامهم العنف أحياناً وتهديد حياة النزلاء بالخطر، وانتقد السلطات على ابقاء المرضى النفسيين في السجن دون ابتعاثهم للمصحات النفسية والعصبية ،فيما أكدت الباحثة الاجتماعية فاطمة عمر المصري بان ضعف البنية التحتية والبيئة من اكبر المهددات وتضيف: في ظل وجود عنابر تضم كل الفئات العمرية والجرائم المتنوعة يؤدي إلى تأثير أصحاب الجرائم الكبيرة مثل القتل والمخدرات على بعض أصحاب الجرائم والفئات العمرية الصغيرة ،كما ان بعض النزلاء يعانون من عدم وجود الدعم والمساعدة من جهات الاختصاص بجانب نظرة المجتمع مما جعل الإدارة الاجتماعية تعمل على إعداد الدراسات لبحث كيفية نقل النزلاء من سجن الولاية إلى أي سجن آخر خارج الولاية خشية من الحالة النفسية للجريمة التي ارتكبها والقرب من ذويه فضلاً من اعداد وكتابة طلبات للاسترحامات والاستئنافات لقضايا النزلاء وطلب الدعم للمساعدة، فيما اشارت إحدى نزيلات السجن بانها حكمت بعام في قضية مخدرات بانها لجأت لتجارة المخدرات بعد أن اجبرها أحد المروجين مستقلاً ظروفها الأسرية بعد مرض زوجها وإعاقته ،وقالت انها تعول عشرة اطفال بعد إصابة ابنها الكبير الذي كان يساعدهم في حادث حركة وقالت انها سئمت الحياة ولم تجد ماتسد به رمق أبنائها سوى جني المال من تجارة المخدرات بعد ان ترددت كثيراً إلى الزكاة واللجان الشعبية دون جدوى واستجابة .وأبانت بأن أطفالها العشرة يسكنون في (راكوبة) ويفترشون الأرض والبرد وانهم تركوا الدراسة . من جهته أكد عبد الرحمن الفاضل المدير العام لمنظمة النزيل انفاذ عدد من البرامج الدعوية والتربوية للنزلاء لاعادتهم للمجتمع بعد خروجهم، مشيرا الى تحفيظ النزلاء ل15 جزءً من القرآن الكريم بالتعاون مع ديوان الزكاة ومنظمات المجتمع المدني،عطفا على تنفيذ برامج محو الأمية وبرامج لتعليم العبادات والصلاة ،وقال ان هناك أنشطة رياضية وثقافية ،فيما كشف العميد شرطة بابكر علي أحمد نصر مدير إدارة السجون والإصلاح بالقضارف سعي الشرطة مع حكومة الولاية لتخصيص قطعة أرض لإنشاء سجن جديد بمواصفات حديثة وتهيئته حتى يتناسب مع كرامة الإنسان ،مشيرا الى أن إدارة السجون تعاني كثيراً في عدم إنفاذ برامج الاصلاح الاجتماعي وتهذيب النفوس لضيق مساحة السجن وعدم تهيئة المكان، مؤكداً بان البرامج التي يتم انفاذها داخل سجون الولاية بالتعاون مع منظمة زينب وديوان الزكاة واتحاد المرأة حققت نجاحاً كبيراً وتتمثل في محو الامية والتدريب المهني ،وذلك بعد أن نجحت ادارة السجون في توظيف الموارد المتاحة لتحسين بيئة السجن والنزلاء، وأشاد باستجابة والي القضارف كرم الله عباس الشيخ لخطة شرطة السجون بفتح أربعة سجون في محليات الفاو الرهد القلابات الشرقية الشواك بحسب قانون السجون للعام 2010م الذي يخول للوالي التصديق لإنشاء السجون بالتشاور مع وزير الداخلية .