حركت قضية وفاة ثلاثة مواطنين في مستشفى الخرطوم بحري، المياه الساكنة في بركة اللامعقول في القطاع الصحي، وقد اهتم وزير الصحة بولاية الخرطوم الدكتور مأمون حميدة بالأمر، وشكل لجنة تحقيق في الحادثة لتحديد المسؤولية فيما جرى من تقصير ،ولكن هناك قائمة طويلة تحتاج الى تحقيق من وزاتي الصحة الولائية والاتحادية، بل وآلية مكافحة الفساد وكل الجهات المعنية بحماية المال العام والشفافية في البلاد. وهناك مئات الملايين من الدولارات اهدرت في ما عرف بتوطين العلاج من الداخل حيث استجلبت أجهزة ومعدات طبية لم تعمل غالبيتها ولا يعرف هل صالحة للاستخدام أم انها "كذبة كبرى" بعد ما عرضت أمام الصحفيين في معرض الخرطوم ووزعت على مستشفيات من دون تدريب على استخدامها وصيانتها ،وقال مأمون حميدة الخميس الماضي لدى مخاطبته حفل تدشين أجهزة طبية بالمركز القومي لجراحة الأنف والأذن والحنجرة، إنهم عثروا خلال جولاتهم الليلية على المستشفيات على أجهزة ومعدات طبية غير مستخدمة وموجودة في صناديقها تقدر قيمتها بسبعة ملايين دولار، ونوه إلى وجود مخاطر كبيرة مترتبة على الإهمال والتخزين بحسبان أن مدة تأمين بعض الأجهزة لا تتعدى العام. وهذا رأس الجليد يا حميدة. وملف آخر مفخخ يحتاج الى مراجعة لتحديد مسؤولية ما جرى ومن المستفيد من وراء الصفقة الكاسدة ،ففي العام 2008 وقع مستشفى الخرطوم عقدا مع شركة خاصة لايجار المستشفى الجنوبي والاستفادة من ريعه في تطور المستشفى الأم، وكانت قيمة الايجار الشهري 220 ألف جنيه، على ان يتكفل مستشفى الخرطوم بدفع الرواتب الاساسية للعاملين بالمستشفى الجنوبي بمعدل 58 ألف جنيه، وفي مايو من عام 2009م حصلت تعديلات في العقد نسبة لعدم ايفاء المستشفى التعليمي بدفع الرواتب الاساسية للعاملين، وعدلت قيمة الايجار الشهري الى 160 ألف جنيه، ولكن المستشفى الجنوبي تعثر وبلغت ديونه 880 ألف جنيه،كما تهرب في المرحلة الاولى من دفع قيمة الكهرباء،وأخيرا انفضت الشراكة ولكن لا يعرف بأية صيغة وهل عاد المال من الشركة المستأجرة الى مستشفى الخرطوم ومن المسؤول عن الفشل الذي حدث..أسئلة حائرة؟!. حققوا في ملف مجمع عمليات مستشفى الخرطوم بحري الذي كلف10.7 مليون جنيه، الذي شيد على أربعة طوابق بدلا عن خمسة متفق عليها في عقد الانشاء ، وذلك لعدم فحص التربة قبل تصميم المبنى مما أدى إلى تغيير نوع الأساس، كما أن هناك بنودا أساسية غير مضمنة بجدول الكميات، منها المصاعد وإكمال التكييف ومكافحة الحريق والسقف المستعار، قيمة الأعمال التي لم تنفذ 1.347مليون جنيه، وقيمة الأعمال المنفذة (1.955مليون جنيه)، وكان ينبغي فتح المجمع قبل أكثر من عام ولكنه ينتظر حتى الآن من المسؤول؟. أما مباني مجمع عمليات مستشفى أم درمان، فالقيمة الإجمالية للعقد 11.1 مليون جنيه، وقد شيد على ثلاثة طوابق بدلا عن خمسة طوابق كما ينص العقد، وذلك لإجراء تعديلات في الهيكل لعدم صلاحية القواعد المنعزلة عن بعضها نسبة لطبيعة التربة، ولم تضمن جداول الكميات لبعض البنود المهمة التي منها المصاعد ومكافحة الحريق وتكييف غرف العمليات وبعض أعمل الكهرباء، يؤخذ على الاستشاري عدم فحص التربة قبل تصميم المبنى، قيمة الأعمال التي لم تنفذ 2.7 مليون جنيه، وقيمة الأعمال المنفذة 2.8 مليون جنيه. و أطراف المسؤولية شركة عماد الهندسية جهة استشارية جاءت بها وزارة الصحة الاتحادية، وشركة إنجاز الهندسية جهة منفذة وشركة السودان للخدمات المالية جهة ممولة، تلك الأطراف هي المسؤولة عن الأطلال المسماة بمجمعي بحري وأم درمان للعمليات، وكان تشغيلهما قبل عام ونيف، والدكتور أبو قناية يعرف ذلك منذ أن كان وكيلا للمالية، والآن صار رئيسا لآلية مكافحة الفساد فأمامه تقرير لجنة المراجعة وما عليه الا تحديد المسؤولية والتوصية بمحاسبة المقصرين والمهدرين للمال العام ولا أظن أنه لا يعرفهم.!!. وملف آخر أشار اليه الزميل الطاهر ساتي يتصل بأعمال شينكو التجارية - التي يمتلكها شقيق المسؤول الكبير السابق بوزارة الصحة الإتحادية - كانت تبيع وحدة الغاز الطبي (أوكسجين)، طوال فترة المسؤول السابق، لمشافي الخرطوم، بمبلغ قدره 75 جنيها ،ولكن اليوم، تباع ذات الوحدة، من ذات الغاز الطبي، بواسطة شركات مختلفة، لمشافي الخرطوم بمبلغ لايتجاوز قدره 36 جنيها، على الرغم من ارتفاع سعر صرف الدولار وكل السلع، نعم إنخفض سعر الأوكسجين بمشافي الخرطوم بعد توقف تلك الشركة عن مد مشافي الخرطوم بالأوكسجين.. تأملوا فرق السعر، ومن هنا يجب أن يبدأ التحقيق والمحاسبة.. حققوا ايضا في ملف المعدات والأجهزة الطبية التي كانت تستجلب لمشافي ولاية الخرطوم وبعض الولايات، ومن وراء شركة كابكو التي كانت تورد كميات من تلك الأجهزة،وهل كانت هناك شفافية ومنافسة وهل الأسعار كانت حقيقية أم أنها كانت مثل سابقتها شركة شينكو وما العلاقة بين الشركتين..؟؟ افتحوا كل الملفات وحققوا ستصلون الى الحقائق المرة، وسننتظر لنرى ولا يزال الطريق طويلا ووعرا والقوائم أطول ..!!.