حفزني للكتابة إليكم خبر صغير ورد في جريدة «الصحافة» في الصفحة الثالثة في العدد «6003» بتاريخ 29 مارس 2010م تحت عنوان «بحث استغلال المياه المستخلصة من البترول في الوقود الحيوي». وردت في ذلك الخبر بعض العبارات غير الدقيقة التي ينبغي أن يُشار إليها حتى لا تصير خطأً شائعاً. سأرسل إليكم قريباً مقالاً وافياً عن المياه المصاحبة للبترول. عنوان الخبر يتحدث عن «المياه المستخلصة» من البترول. وما بهذا تعرف تلك المياه في أوساط المهتمين بصناعة النفط ولا الباحثين في المراكز العلمية بل تسمى «المياه المُنْتَجَة» أو «المياه المصاحبة للبترول». المياه المنتجة لا «تستخلص» من البترول وإنما السائل الذي يصل من جوف الأرض للسطح يستخلص منه خام النفط وتنزع منه المياه المصاحبة للبترول، وتسمى المياه المنتجة التي تصنف باعتبارها فضلات مثل فضلات مصانع النسيج والسكر والأدوية والصابون والأغذية إلخ التي ينبغي التخلص منها. والمياه المصاحبة للبترول تحمل تركيزات عالية من المواد الملوثة السامة التي ينبغي التخلص منها قبل تصريف تلك المياه في مناطق استخراج النفط، أو قبل الاستفادة منها في الري، ومن المواد الملوثة في المياه المنتجة «1» المواد الهيدروكاربونية السامة التي تبقى بعد استخلاص خام النفط، «2» المعادن الثقيلة السامة والأملاح ذات التركيزات العالية التي تضر بالانسان والحيوان والنباتات والتربة، «3» مواد كيميائية أضيفت لتسهيل خروج البترول من جوف الأرض، «4» المواد المشعة التي يتوقف وجودها على طبيعة جيولوجية المنطقة. وجاء في الخبر أن اجتماعاً برئاسة وزير الطاقة والتعدين وبحضور وزير الزراعة والدكتور يحيى حسين وعدد من المسؤولين بوزارة الطاقة والتعدين، قد استمع إلى عرض مفصل عن الفوائد الاقتصادية الناتجة عن الاستفادة من المياه «المستخرجة من البترول» في زراعة النباتات التي تمتص المياه، سيما النباتات المنتجة للزيوت للاستفادة منها في الوقود الحيوي. وقد فات على فطنتي ما المقصود بالنباتات التي تمتص المياه وأية نباتات تلك التي خصها الخبر بالقدرة على امتصاص المياه دون غيرها. ويقيني أن أي حديث عن الفوائد الاقتصادية من استخدام المياه المنتجة لا بد أن يسبقه وضع استراتيجية لمعالجة الملوثات بتحويلها إلى مواد أقل سميَّة أو عديمة السمية. إن استخدام المياه المنتجة في الري من غير معالجة المياه يحمل مخاطر بيئية جمة للتربة والنباتات والحيوانات الأليفة والحيوانات البرية والمواطنين. ويقيني أن المجتمعين قد فطنوا إلى خطورة المياه المصاحبة للبترول وسميَّتها، فتعرض الاجتماع للاستفادة من المياه المصاحبة للبترول في ري النباتات المنتجة للزيوت للاستفادة منها في الوقود الحيوي. ولم يذكر الخبر ري نباتات تتغذى عليها الحيوانات البرية والأليفة والإنسان لما قد يعود بالضرر على تلك الحيوانات والإنسان إن تغذت على نباتات سُقيت بماء غير معالج. ونذهب مع ما أكده وزير الطاقة من أهمية المشروع من الجوانب البيئية والاقتصادية، ونؤمن معه على ضرورة الاستفادة من المياه المصاحبة للبترول. لكن لا يسعنا إن فعلنا ذلك، إلا أن نشترط معالجة المياه المنتجة قبل استخدامها. قسم النبات كلية العلوم جامعة الخرطوم