وقعت الخرطوم وجوبا مذكرة تفاهم تتعلق بعودة المواطنين الجنوبيين الموجودين بشمال السودان والمقدر عددهم بنحو «300» الف الى دولتهم، التي انفصلت في شهر يوليو من العام (2011)، وقد ورد في جوهر مذكرة التفاهم التي وقع عليها عن جانب الحكومة السودانية وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعى اميرة الفاضل، و وقع عن حكومة جمهورية جنوب السودان وزير الشؤون الانسانية الاستاذ جوزيف ملوال، (ان العودة حق مشروع يجب ان ينبع من رغبه حرة لكل مواطن جنوبي يرغب في العودة الي دولة جنوب السودان دون شروط مسبقه). وقال الاستاذ محمد مصطفي السناري الامين العام للمركز القومي للنزوح والعودة الطوعية ل(الصحافة) عبر الهاتف امس ان مذكرة التفاهم التي وقعت مع حكومة جنوب السودان حددت لها فترة زمنية محددة تنتهي في الثامن من ابريل القادم، وهو نهاية الفترة الانتقالية لاقامة مواطني جمهورية جنوب السودان في الشمال. واوضح السناري ان مذكرة التفاهم حددت اطرا عامة وهي ان العودة حق مشروع ويجب ان تنبع برغبة حرة من كل مواطن جنوبي يرغب في العودة الطوعية الي موطنه في جنوب السودان، ويجب ان تكون العودة بسلامة وبكرامة وابان السناري ان الطرفين اتفقا علي تسهيل اجراءات العودة وتأمين ممرات امنه برية وجوية ومائية، واوضح انه تم الاتفاق علي ان تكون الممرات الجوية لذوي الاحتياجات الخاصة وهم (العجزة والاطفال ) والممرات البرية السكة الحديد، والمائية لشحن بقية الفئات التي ترغب في العودة، واشار السناري الي ان الحكومة السودانية في شمال السودان ودولة جنوب السودان اتفقتا علي تأمين خط السكة الحديد من الخرطوم الي اويل والي واو وتأمين مسارات البصات السفرية في مسارين الاول منها يبدأ من كوستي مرورا بالجبلين والرنك، والمسار الثاني من كوستي مرورا بالابيض والي بانتيو، اوضح السناري ان التأمين لها سيكون من الخرطوم وانه تم الاتفاق على ان توفر حكومة البلدين المساعدات الضروية التي نصت عليها مذكرة التفاهم. وعن المذكرة قال الاستاذ جوزيف ملوال وزير الشؤون الانسانية لجمهورية جنوب السودان ل(الصحافة ) ان مذكرة التفاهم الهدف منها حماية المواطنين الجنوبيين الذين يرغبون في العودة الي ديارهم الاصلية، وليس لها اية علاقة بالمفاوضات التي تجري في ادس ابابا،مبينا انهم كانوا يرغبون في توقيع اتفاق بخصوص هذا الصدد ولكن الحكومة السودانية اكتفت بذلك، موضحا ان المذكرة احتوت على تفاصيل اجراءات العودة الطوعية ،باستخدام الطيران لذوي الحاجات الخاصة والمسنين، والطرق البرية والتى يشرف عليها المركز القومى للنزوح والعودة الطوعية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة في حكومة جنوب السودان، واضاف جوزيف ان الخرطوم وافقت على هذه المذكرة بدون اية تحفظات، معربا عن امل حكومة جنوب السودان في المزيد من التعاون في هذا الملف الانساني والاجتماعي، واشاد جوزيف بالخطوة قائلا انها تأتي في اطار العمل الانسانى ،مؤكدا ان رغبة حكومة جهورية جنوب السودان فى التعاون مع شمال السودان بشأن اللاجئين كبيرة جدا، وستعمل حكومة جمهورية جنوب السودان علي تنفيذ المذكرة في اسرع وقت ممكن حتي يعود من يرغبون في العودة الي وطنهم بسلام، مبينا ان هذا الاتفاق يمكن ان يجنب المواطنين المزالق التي وقعت فيها قوافل العودة التي تعرضت الي قرصنة من بعض قطاع الطرق في الحدود بين دولتي شمال السودان وجمهورية جنوب السودان مما ادي الى سقوط العشرات ضحايا، واكد جوزيف ان حكومة جنوب السودان ستعمل علي الفور في تنفيذ الجانب الذي يليها، موضحا ان هناك اعدادا كبيرة من المواطنين الجنوبيين في شمال السودان يريدون ان يعودوا الي مناطقهم، ولكن الهواجس والخوف ينتابهم بسبب تلك الاحداث التي وقعت في الشهور الماضية. ويذكر ان عددا من قوافل العودة الطوعية علي متن قطارات وبصات سفرية برية تعرضت الي اعتداءات من جهات غير معروفة في المناطق المتاخمة لشمال السودان. وان كانت المذكرة تحمل بشريات لكثيرين من العالقين في مدن شمالية مختلفة بقرب موعد عودتهم الى ديارهم في وطنهم، فإن بعض المراقبين يقدرون انها تتجاوز حقوقا اصيلة لهؤلاء العالقين حيث يصف الاستاذ نبيل اديب المحامي والناشط في حقوق الانسان اتفاق مذكرة التفاهم الموقعة بين حكومتي دولتي شمال السودان وجنوب السودان بأنها تمثل انتهاكا بالنسبة الي الحقوق الاساسية للانسان،وفيها تجاوز واضح لحقوق ابناء الجنوب الذين هم سودانيون بالميلاد فبحكم ميلادهم يستحقون الجنسية السودانية، وان المواثيق والمعاهدات الدولية تمنحهم ذلك ولايحق لاية جهة اوشخص ان يرحلهم علي اعتبار انهم مواطنيون لدولة اخري لتمنحهم جنسيتها، واوضح اديب ان ترحيل ابناء الجنوب بهذه الطريقة يفتح ابوابا من الاجراءات العقابية ضد خمسة ملايين سوداني من الرعاة، ومعهم مليارات من قطعان الماشية ظلوا يتحركون بدون اية اجراءات مفروضة عليهم من اية جهة، وابان اديب ان استمرار دولة الشمال في الاجراءات العقيمة هذه يمكن ان يشجع الدولة الجارة في ان تتخذ اجراءات اكثر تعقيدا حيال مواطني الشمال ومواشيهم. ومضي قائلا ان دولة الجنوب بعد حين ستطلب جوازات سفر وجنسيات للمواطنين وماشيتهم، الامر الذي يزيد الامور تعقيدا، ودعا اديب، حكومة الشمال الى ان لاتتشدد في المسألة الانسانية، وأشار الي ان كل المعاهدات والمواثيق الدولية لسنة (1959) تلزم الدولة بتوفير الطعام، المأوى، الرعاية الصحية والتعليم، وتشتمل الحماية على ضمان حق اللجوء وضمان الحقوق الأساسية للإنسان و توفير و ثائق السفر وتسهيل تطبيق الحلول الدائمة للعودة الطوعية التي تشجع العودة إلى الديار الأصلية و الاندماج في المجتمعات المضيفة، وإعادة التوطين في بلد ثالث. وتساءل اديب هل طلب المواطنون الجنوبيون هذه الحلول الدائمة التي تعبر عن العودة الطوعية إلى ديارهم الأصلية؟ واشار الي انه وبموجب قانون مسؤولية الدول، فإن جميع الأشخاص المهجرين نتيجة لانتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان أو جراء جرائم الحرب، يتمتعون بالحق الكامل في العيش في دولة شمال السودان دون إرغامهم علي العودة القسرية.