واجه قرار وزارة العدل بإنشاء نيابة للصحافة بولاية الجزيرة، انتقادات حادة من الأوساط الإعلامية والثقافية. ويرجع ذلك لما يحمل من سلبيات وحتى تساؤلات، فما دامت هناك نيابة بالمركز الخرطوم فما الداعي لوجود مثيل لها هناك، خاصة إذا علمنا غياب إصدار صحف من الجزيرة بالحجم الذي يؤهل لقيامها، ولماذا هذه الولاية بالذات؟ وما السبب وراء افتعال أزمة مع السلطة الرابعة؟ وبالتأكيد أن هذا القرار قد جاء تلبية لرغبة حكومة الولاية. وكنا نتوقع أن تفتح الولاية ذراعيها للآلة الإعلامية من اجل ارض معطاءة وتشجع حتى إنشاء صحافة، ولاية تعكس هموم سكانها وتتعداها لتشرح دواعي الاستثمار الزراعي بوصفه بديلاًً للنفط الذي جر من المعيقات ما لا تحمد عقباه، وكأن هذا القرار جاء ليوقف كل ما شأنه دفع مسيرة التنمية بالولاية، ويسحب البساط من تحت أقدام الصحافة حتى لا تقوم بهذا الدور، ونراها تطفئ الأنوار لتفعل في الظلام ما لا تريد لأحد أن يعلمه. والسؤال الأعمق ما الذي فعلته الصحافة بالولاية حتى تكافأ بهذا القرار التخويفي مادامت الصحف تصدر في الخرطوم، ويفترض أن تتم محاكمة أو مساءلة أي صحافي هناك دون أن نضطرهم لتكبد مشاق السفر وترك مسؤولياتهم والحضور للمثول أمام نيابة الولاية. وطيلة الفترة السابقة لم تفعل الصحافة غير ما تمليه عليها الوطنية والمصلحة العامة، فوقفت وقفتها الصامدة من أجل استرداد حقوق مزارعي الجزيرة، وحالت دون بيع المشروع بالطريقة المتوقعة، وتحدثت عن تقارير المراجع العام الخاصة بالولاية وما فاح عبرها، وانتقدت في فترة سابقة اهتمام الولاية بغير هموم سكانها، وعكست نصب واحتيال سليلة الأسرة النوبية التي احتفلت بها الولاية وقتها وصرفت عليها ما صرفت. وحسنا فعلت الصحف بمقاطعتها لأنشطة الولاية، لكنا ندعوها لتواصل ما بدأته من اجل مواطن الولاية بالتحقيق وكشف كل ما فيه مصلحته. ونذكر والي الولاية بأن فتح أروقة الولاية أمام الإعلام يمكن أن يأتي بالخير ما دامت الأمور تسير كما ينبغي أو كما يريد إنسان الولاية، وتوسيع الأمر لتشجيع قيام صحف محلية مثل الذي شهدناه بالبحر الأحمر، فالكاميرات التي تجري خلف الوالي وأركان حكومته لن تكون يوماً ساعداً قوياً لبناء وتشييد ما نتطلع إليه، بقدر ما هو محاولة يائسة لتغطية الفشل في ما يتعلق بإكمال مشروعات تنموية انتظرتها الولاية طويلاً في الطرق والتعليم والصحة. أعاد الله علينا أياماً كنا ننتظر فيها الوالد له الرحمة العائد من مكتب الماطوري حاملاً نسخة من صحيفة الجزيرة التي تصدرها إدارة مشروع الجزيرة، ودائما ما تحمل بين طياتها البشريات للمزارعين، ونكاد نحفظها كاملة، لأننا نقرأها لكل من جاء الى الوالد، وبالصوت العالي.