الذي لا يدافع عن حقوقه غير جدير بالدفاع عن الآخرين.. والذي يرضى بالظلم فإنه شيطان أخرس.. والذي لا ينتبه للخطر فإنه إنسان مهمل وأخرق.. فقرار تكوين نيابة للصحافة بولاية الجزيرة ناقوس خطر دقه اتحاد الصحفيين.. تجاهله رؤساء التحرير.. الغارقون في قضايا انصرافية.. فرؤساء التحرير تجاهلوا بيان الاتحاد.. وتجاهلوا مذكرته لوزير العدل كأن الأمر يعني الاتحاد.. تجاهلوا صراخ مراسلي الصحف بالجزيرة.. لأنهم تعنيهم الخرطوم وأخبار الخرطوم.. فالولايات وللأسف لا تجد حيزاً مكانياً في صحفهم.. وأجراس الخطر التي يدقها الاتحاد كلما أحس بخطر تجاه الصحافة لا يلتفت اليها (الرؤساء) بقدر ما يلتفتون الى أشياء أخرى.. فقيام نيابة للصحافة لم يكلف واحداً من رؤساء التحرير الاعتراض عليه غير الاستاذ النور احمد نور .. رئيس تحرير الصحافة.. فالاستاذ النور بوعيه النقابي وبتجربته في الاتحاد.. عرف خطورة القرار الذي الغى فيه وزير العدل منشور الاستاذ سبدرات وزير العدل الاسبق.. فالإلغاء خطر يهدد صناعة الصحافة.. يقود الى انهيار المؤسسات الصحفية.. وبالتالي سينعكس ذلك سلباً على معاش الصحفيين.. سيقود الى تشريدهم.. وليس صحيحاً أن الوزير الغى القرار بسبب قضية (مدحت).. فالإلغاء بحسب معلوماتي جاء بطلب من الجزيرة ولا إدري ما الفائدة من وجود نيابة بالجزيرة.. فإذا كان الغرض منها تحجيم ومحاصرة الصحافة.. فإن الجزيرة شعباً وحكومة قد فقدوا ..الصحافة .. كسلطة رابعة. تراقب وتبين مواضع الضعف.. لا أعتقد أن حكومة الجزيرة بحاجة لنيابة تحميها من نقد الصحافة.. فحتى الذين يرون أن النيابة تأديب للصحافيين.. فإنهم مخطئون.. فالصحافة لا تقيدها (القيود) والمكاكيك. وأظنهم يعرفون ما نقصده.. فبعض الشموليين عملوا على فتح بلاغات ضدنا.. وخلوه (حمدوا في بطنوا).. فقيام نيابة صحافة بالجزيرة.. يتقاطع عند نقطة دائرة الاختصاص.. ففتح أي بلاغ نشر .. الذي يعتبر جنحة جنائية.. يعني أن دائرة الاختصاص هي الخرطوم.. مكان وقوع الجريمة أي أن المنشور الذي صدر من وكيل وزارة العدل الاستاذ صلاح ابوزيد لوكلاء النيابات في السودان بضرورة التقيد بالإختصاص القومي والمكاني.. وهو منشور جعله يعتقد المنشور الذي أصدره سبدرات.. لم يجئ من فراغ.. فقد راعت وزارة العدل استقرار الصحافة .. فلا يعقل أن ينتقل رؤساء التحرير من مدينة الى أخرى.. فرئيس التحرير بوصفه القائد للصحيفة فعدم استقراره يقود للفوضى الصحفية.. اعتقد أنه لا معنى لوجود نيابة في الجزيرة التي لا تبعد من الخرطوم ساعتين.. ونيابة الصحافة بالخرطوم. بممارستها الطويلة اكتسبت خبرة.. فنيابة الجزيرة تنقصها الخبرة والتعامل مع الصحفيين والصحافة - فنيابة الخرطوم على سبيل المثال- تكتفي بعد استجواب الصحفي باطلاق سراحه ببطاقة اتحاد الصحفيين.. ضمان شخصي.. في وقت لا يتم اطلاق سراح الصحفي إلا بضامن.. فالطريقة التي يعامل بها رؤساء التحرير والصحفيين فيها كثير من الإذلال والمهانة لا تليق بالجزيرة.. ولا بالصحافة.. فحكومة الجزيرة ليست بحاجة كما قلت الى نيابة.. هي محتاجة الى بناء ثقة بينها وبين الصحافة.. الى جسور ثقة تقود الى شراكة وطنية بين الحكومة والصحافة.. وافتكر أن هناك علاقة جديدة بين حكومة الجزيرة والصحافة.. ولا سيما بعد قيام اتحاد الصحفيين بولاية الجزيرة.. الذي يترأسه الشيخ الفاتح حسين.. وتواصل بين الصحافة ووزارة الإعلام التي على كرسيها البروف ابراهيم القرشي.. علاقة من أجل قضايا وهموم شعب الولاية لا علاقة شيلني واشيلك.. علاقة مسؤولية وطنية.. وحتى لا يدفن رؤساء التحرير رؤوسهم في الرمال فإن الأمر لا يتوقف عند النيابات بل عند حرية الصحافة ومستقبل الصحافة كسلطة رابعة.. يتحملوا مسؤولياتهم.. وأن لا يغرقوا في القضايا الإنصرافية.. وأن يكون لهم دور في تعديل قانون الصحافة لمزيد من الحريات ولاستقرار الصحافة.. فحكاية يوم (الوقفة) لا تفيد. وأننا كما ذكرت قد نبهنا الى مخاطر النيابات في الولايات.. لكن لم ينتبه الزملاء رؤساء الصحف إلا بعد أن وقع الفاس في الرأس.. وما زمان قلنا. الطير بياكلنا.. فحتى لا تقضي الطيور الجارحة على جسد الصحافة.. لابدَّ من حماية الصحافة اتحاداً ورؤساء صحف وصحفيين.. والله الموفق لما فيه خير البلاد والعباد..