٭ كان لابد لي وبلدنا الجريح أصلاً يتعرض من حين لآخر لمشاكل تتعقد أحياناً وتتفاقم أن أتوجه بكلمة لذوي الضمائر المؤمنة بالله وبالوطن وحقوق المواطنين علها تسهم في الخروج من الأزمات التي تحاصر أهلنا الطيبين الصامدين في حلفا الوطن الأم- هى دعوة للمحاسبة ووقفة مع النفس صادقة فبلادنا لا تحتمل أكثر من هذا وشعبنا الصامد لا يستحق كل هذا إنه جزء من الشعب النوبي العملاق دوماً والذي.. عاش المعاناة بالطول والعرض ومارس الصبر حتى ضاق به الصبر وعشق النهر وأغرقه الطوفان وأحب الأرض ولفظته الأمواج والشطآن ومع كل هذا ظل يعيش ويبتسم ويضحك حتى وهو يحمل زاده وزواده مؤمناً وراضياً ومهاجراً من موقع الى آخر ومن مرتفع الى مرتفع ذلك كان قدره وما كتب عليه حتى استقر في جوف الصحراء وبنى بيت الطين بعيداً من اشهر بحيرة عزبة في العالم أسميناها بحيرة النوبة لتخزين مياه الحياة للآخرين الأهل والعشيرة ويا أبناء السودان كافة: ألا يكفي كل هذا اخوتكم في ذلك الجزء العزيز من الوطن الكبير ألا يكفيه ذلك من عنت الزمان وقسوة الايام؟! جراح الغرق والفراق لا زالت تنزف والصدمة لا زالت تشل حركته وتهزه من الاعماق- فقد أغلى ما يملك الأرض والزرع والمأوى وتراث الأجداد فقدها كلها وحلفاالمدينة الوديعة وقراها ال 72 ترقد في جوف البحيرة العاتية بعد أن وهبت حياتها قرباناً لابيها النهر الخالد- النيل سليل الفراديس ألا يكفيه هذا؟.. هونوا عليه.. انزعوا له أرضاً ليزرع وماءً نقياً ليشرب وكهرباء لإنارة الدرب ويواكب العصر بتنمية مستدامة وتطور صناعي وتحديث- فالمنطقة وبعد الاغراق تذخر بالخيرات والامكانات والموارد في البر والبحر وفي انسان المنطقة وأبنائها المنتشرين في شتى بقاع العالم يحملون هموم أهلها ويتوقون في الإسهام في إعادة الإعمار والحياة لبلدهم. ودعوني أتوجه ثانية للصغار قبل الكبار ولذوي الرأى والحكمة والخبرة ولمن تؤهلهم مواقعهم السياسية والاجتماعية والإعلامية والذين يتجردون عند الشدائد من كل المؤثرات والرواسب والمصالح الذاتية إلا من الإنتماء الأصيل والاخلاص لتراث هذه الارض الطاهرة الآمنة والانحياز للحق- أتوجه للجميع بأن يتنادوا لكلمة سواء ويسعوا بكل طاقاتهم لجمع الشمل وتوحيد الكلمة من أجل انسان هذا البلد ومن أجل مستقبل ابنائنا والأجيال القادمة. وأخيراً كان لابد لي أن أشير على ما دفعني لكتابة هذه الرسالة وتلك المقدمة وهو ما اثير مؤخراً في حلفا بإعلان مفاجيء لقيام ميناء بري جاف جديد ودار حوله لغط وحوار في وسائل الاعلام ولقد رأى المواطنون فيه إجحافاً في حقهم وتجفيفاً لمنابع الرزق ووسائل العيش الكريم- ويشكل ذلك المشروع تهديداً حقيقياً لمعاش واستقرار آلاف الأسر التي تعتمد على الميناء النهري والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة به من تجارة وتخليص وترحيل وتخزين وخدمات.. الخ. واتفق الجميع على أن ذلك المشروع في موقعه المقترح البعيد من شأنه تدمير ما أنجز خلال أكثر من خمسة واربعين عاماً من الصمود والتضحيات وحرص الدولة على استغلال المقومات الاقتصادية والمعيشية والمنشآت المصاحبة لهذا المنفذ الحيوي كالجمارك والمواصلات والجوازات والمحاجر الصحية والزراعية والمناشط الأخرى كالفنادق والمطاعم ومراكز الخدمات. وبالطبع يمكن استغلال هذه المرافق في فتح الطريق البري الشرقي طريق حلفا- قسطل بأسوان وبالطريقة التي اتفق عليها مع المسؤولين الأمنيين وشرطة الجمارك. وبحمد الله وبعد أن مرت تلك العاصفة العشوائية بهدوء وتفهم تام نشكر كل الذين اسهموا في وضع الحل الواقعي والأمثل ونشيد بمجهودات الأخوة في القوات المسلحة وبمستوياتها العليا وسلطات الجمارك ووزارة المالية الذين كان لهم القدح المعلى في إنفراج الأزمة- أما الأخوة من أهلنا الحلفاويين بالخرطوم فنقول لهم شكراً على حسن الوفادة ودورهم في ما تم وطبعاً لا شكر على واجب. أخوكم صاوي بتيك وادي حلفا