وفاة حميد تمثل ثقبا كبيرا على الشعر السوداني بشكل عام وشعر العامية بشكل خاص، باعتبار أن حميد كان من المساهمين بشكل متفرد في ترقية النص الغنائي وكانت تجربته مع مصطفى سيد أحمد تمثل تجربة جيل متفرد في تصوره الثقافي والوجودي والفني، وبغيابه تفقد الساحة الثقافية أحد فرسانها الذين ربطوا ما بين السياسة والفن من خلال ما اصطلح عليه بأغنية (الحبيب الوطن). وحميد كان تياراً متفرداً في صوره الشعرية العميقة وبأفكارها التي جملتها قصائده التي نافست قصائد الأغنية الأمدرمانية. وفاة حميد خسارة كبيرة للتيار الثقافي المناضل من أجل التقدم وتطور الفن، ولا شك أن مدرسته الشعرية استطاعت أن تؤثر في كل الأجيال الجديدة من المبدعين. الشيء الآخر أن حميد أعطى قيمة كبيرة لكلام الناس البسطاء ووظف هذا الكلام من خلال رؤى ابداعية عميقة لارتباطه بالريف. ولعله غادر الوطن وفي حلقه غصة أن ذلك الوطن الذي رسمه من خلال رؤاه الغنائية مايزال الأمل الذي لم يتحقق. وما يميز قصيدة حميد أنها أعطت البعد الدرامي مجالاً وربما من خلال قصيدة عبد الرحيم يتلمس هذه الصور الدرامية التي تحكي عن حال المواطن المغلوب على أمره. تاريخ حميد هو تاريخ الفنان الذي ارتبط بجذوره السودانوية ولعل هذا ما جعله محبوباً على مستوى السودان ككل وعلى مستوى جهته الثقافية. أتمنى أن يقوم محبو الشاعر بالتوثيق لتاريخه النضالي، كما نتمنى أن يخلد في نوري كواحد من أبنائها الذين حملوا عبق التاريخ الجميل لتلك المدينة وصنع تواصلاً بينها وبين حواضر وبوادي السودان.