(وطنى ولا ملى بطنى)... كلمات سودانية خالصة محدودة في النطق وشاملة في المعنى والبعد الوطنى النبيل .. وبهكذا فهم يجب أن يكون مدخلنا للمواطنة الحقة التى يجب أن تمنحك رصيدا يؤهلك للإستثمار في بنك الوطن بقدر عطائك وقدراتك وولائك للاجندة الوطنية(الجغرافيا والتأريخ ) دون سواها كتلك التى أصبحنا نحسها جهرا ونعايشها غفلة في الولاء للقبلية والجهوية ...و على رصيف المشاهدة اليومية المتجددة يمر أمامنا شريط إخبارى من الافعال والاقوال السالبة نمارسها كسودانيين بعفوية جاهلة مع سبق الاصرار والترصد مما يجعلنا مدانين تحت طائلة قانون حصة التربية الوطنية التى فقدت صلاحيتها وخرجت مغضوبا عليها من منهج التدريس السودانى الذى أصبح عبئا ثقيلا على التلاميذ ،للدرجة التى جعلت رئيس الجمهورية يتدخل مؤخرا عبر رجاءات مكررة لاهل الشأن من خبراء التربية والتعليم في البلاد بأهمية مراجعة محتويات وزن شنطة الطالب على طول مسيرة التعليم ..ولكن يبدو أن وزارة التربية والتعليم العام ظلت خارج شبكة التنفيذ الفورى بفعل غياب الإرادة التنفيذية الكاسحة مضافا اليه نقص المال الذى أحال معظم خطط وبرامج عمل الوزارة الى رفوف الارشيف ورجاءات التمنى فأضحت الوزارة أشبه (بشملة كنيزة تلاتية وقدها رباعى ) ... ومن أبرز الثقوب على جدار التربية الوطنية نلاحظها في التمييز القبلى بين أبناء الوطن الواحد في الالتحاق بالوظيفة العامة التى أصبحت فيها خانة القبيلة ثابت تكامل في بعض أرانيك وطلبات التقديم والالتحاق ولعمرى أنها وصمة عار تفت في عضد ولحمة الوحدة الوطنية عن طريق عمل حقن أمصال مركزة لهرمون الكراهية والازدراء بين ابناء الامة الواحدة للدرجة التى أنجبت طوفاناً من النكات السودانية في هذه الجزئية..وعلى خلفية مسرح هذا الداء شبت عن الطوق فرق مسرحية مبعثرة كتيراب والهيلاهوب التى تتوسل إضحاك الجماهير خصما على رصيد عافية الوطن وسلامته الاجتماعية التى نخر فيها سوس القبلية لدرجة التعفن ..والسؤال المنطقى لخبراء الاجتماع وعلم النفس والتربية كيف الرجوع لزول تعب (بكسرالتاء ) شايل رفات قلبو الحرق ؟مع وافر الاحترام للراحل الفنان - مصطفى سيد أحمد الشال فرع الغنا (بضم الغين ) الميل كما نعته بذلك الصحفى الكتاب حيدر المكاشفى ..فالوطن فوق كل الاعتبارات وعفوا حيدر العترة بتصلح المشى .. وهناك العديد من الشواهد التى تزيد من كمية الطمى والاوساخ التى علقت بثوب التربية الوطنية فخبرونى كيف تفسرون ظاهرة إنتشار وتفشى اليافطات الملونة التى تتباهى بأن هنا مقر ممارسة الانكفاء القبلى لقبيلة ...........السودانية؟؟؟؟ومصدر الدهشة والحيرة أن الردة الوطنية تمارس في قلب مدينة تسمى العاصمة الوطنية التى شبت عن الطوق في مطلع الاربعينيات من القرن الماضى وفى رحمها تخلقت نواة الوحدة كجمعية اللواء الابيض وتأسيس مؤتمر الخريجين وغيرها من اشكال النضال الوطنى .. وبعد قرن من الزمان تشيد سواعد وعقول الاحفاد غابة من مصانع الهلوسة القبلية (تحت بصر وموافقة السلطات كمان ) لتشد إلى الخلف نهضة الوطن وتوقف حركة إندماج مكوناته الإثنية التى تنافرت وتباغضت وتقاتلت منذ الاستقلال وحتى إشعار آخر سيظل في خاطر الزمن .. وللاسف النتيجة تؤول الى الصفر بلغة أهل الرياضيات.. وحتى منهج تنفيذ خطط وبرامج التنمية في السودان بعد الاستقلال لم يسلم في بعده الاجتماعى والجغرافى من أمراض الجهوية والقبلية مما أفقد الوطن خاصية الاستفادة من التحالف المنطقى بين رأس المال المستثمر ووفرة الموارد المحلية وتفوق التقنية الاجنبية مما تسبب في إهدار ضخم للموارد التى إستثمرت بغريزة حب الذات التى دمرت فينا الكثير من القيم الوطنية التى أودعناها جراب الأحاجى والحكى الشعبى فجعلنا كل مستقبلنا في خزائن الماضى وأصبحت ياحليل ايام زمان هى أغنيتنا المفضلة في برنامج مايطلبه المستقبل الوطنى الحبيب .. وبنفس الزاوية المنفرجة التى نطل بها على رداء التربية الوطنية الذى لايستر عورة الوطن نكتشف أن هناك درجات من التمييز في المعاملة بين الطلاب بمقياس الخدمات المتاحة لبرامج العمل الصيفى أو الرحلات العلمية مما اوغرصدر الآخرين المحرومين من مثل هذه الخدمات التى يحظى بها فقط البعض المرضى عنهم من الاجهزة الرسمية ..فماذا ننتظر أن نجنى من غرس الحرمان غير العقوق ونقص ڤيتامين الوطنية في جسد طاقة شبابية ستظل في أحسن الاحوال إضافة سالبة تتفرج على رصيف بناء البلد هذا إذا لم تتحول الى طاقة تهدم بناء الوطن في شكل وقود للحرب يخدم منفستو متوالية التمرد الذى سكن فينا وما مرق منذ 1955،ومازالت سحائب الحزن تحملها إلينا رياح حوالينا وعلينا ...ومن الحكمة وقف سياسة التمييز بين الطلاب لتفادى آثارها المدمرة نفسيا وماديا ومعنويا. وتكمن الخطورة بأن هناك تغييرات جذرية قد حلت بخارطة قيم الاخلاق السودانية الفاضلة والجمل يغرق بما حمل والكل يلوم الدهر في مغالطة بيزنطية للنتائج مع إغفال تام للاسباب التى نعلمها ونحسها ولكننا نكابر في مناقشتها لتلافيها ومع الايام تراكم هشيم النتائج فصرنا مجتمعاً تذروه الرياح وضاعت ملامحنا ورغم ذلك نكابر وفى خداع للذات نغنى :-__ أغنية الشاعر الفحل اسماعيل حسن لوماجيت من زى ديل وا أسفاى وا ذلى وا مأساتي ..وفى إنكسار مذل نعتذر لامثال هؤلاء لاننا خنا الامانة وبعنا الوطن لأطماعنا واشترينا ببخس الثمن التمزق وغياب الرؤية ..فوا أسفاه لقد سلكنا طريقا لاتجاه الهاوية والرجوع الى الحق فضيلة وكل الحق في تحقيق العدالة الاجتماعية و قبول الآخر والاعتراف به حقيقة وليس شعاراً ندخره للحظات الطوفان وكفى ........... ودمممممممممتم بألف خير .