الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    محسن سيد: اعدادنا يسير بصورة جيدة للقاء انتر نواكشوط    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محلية سربا ( الواقع المرير و المستقبل المظلم)

فى البدء أود الإشادة بصحيفتكم الرائدة التى تمثل منبراً ثقافياً و إجتماعياً و سياسياً و رياضياً و تمثل مدرسة فريدة وعريقة فى إرساء معانى الوطنية الحقة و الديمقراطية و السلام و الوحدة ، مما أجبرنى على قراءتها و تتبعها بإستمرار و نهل الأفكار و الآراء المختلفة التى تجود بها عبر صفحاتها المتنوعة.
أساتذتى أسرة تحرير الصحيفة انا من أكثر المعجبين بكتاب الأعمدة وكتاب الرأى وتأسرنى كلماتهم الرصينة ذات السحر العجيب و القدرة المهولة فى التأثير على القارئ الذكى و انا لست أفطن منهم ، و لكن كل الأفكار و الآراء و الأخبار التى تجود بها علينا صفحات هذه الجريدة تجدنى أقوم بتنزيلها فى شكل حوارات ونقاشات مع أصدقائى و إخوتى ، مما أكسبنى الثقة فى كتابة هذا المقال الذى نرجو نشره عبر جريدتكم لتعم الفائدة الجميع , و الموضوع فيه من الريف وأطراف المدن ، إذ أن كل الآراء ليس ضد أحد بقدر ما نرجو منه التقويم والتنبيه و التحذير، و موجه للجميع فى محلية سربا يمكنهم العمل به او تركه ، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى وأتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) سورة المائدة. ولا أريد من كتابة هذا المقال إلا شحذ الهمم الى القضايا الحقيقية التى نحس بها ويحس بها المواطن فى محلية سربا عملا بقوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربون).
قبل تأسيس محلية سربا كانت تتبع إدارياً لمحلية كلبس حتى عام 2007م ، ومن ثم تم تقسيم محلية كلبس إلى محلية سربا ومحلية كلبس ومحلية جبل مون فى نهاية عام 2010م. ومحلية سربا جغرافياً تقع فى ولاية غرب دارفور فى نطاق دار مساليت ، وتحدها من الناحية الشمالية محلية كلبس ومن الناحية الشمالية الشرقية محلية جبل مون ومن الناحية الجنوبية الشرقية محلية كرينك ومن الناحية الجنوبية محلية الجنينة ومن الناحية الجنوبية الغربية محلية عيش بره ومن الناحية الغربية دولة تشاد.
ومنذ تأسيسها وحتى الآن تعاقب على منصب معتمد المحلية ثلاثة معتمدون ، إلا أنه ومنذ تأريخ التأسيس إختلف الوضع تماماً إذ أصبحت مسرحاً لصراع ونزاع يقوم على تداخل معقد وهذا ما سنتناوله فى هذا المقال ، ونتناول مكونات الصراع وهى عبارة عن مجمل القبائل و الكيانات التى تعيش فى هذه البقعة من أرض الوطن منذ آلاف السنين ويحترفون الزراعة والرعى ، وهذه الكيانات هى:
+ المراريت: ويقطنون فى الجزء الشمالى الغربى من المحلية فى مناطق بئر سليبة و رفيدة و فى الشرق فى كجا.
+ الإرنقا: ويقطنون فى الجزء الشمالى الشرقى والوسط والغربى والجنوبى من المحلية فى مناطق سربا و ابى سروج وسرف جداد.
+ المجموعة العربية: الغالب منهم يقطنون فى الجزء الجنوبى الشرقى من المحلية والآخرون رحل.
+ المسيرية درومى دريهمات: يقطنون فى الجزء الشرقى للمحلية فى منطقة كفانى ووادى كجا.
+ القمر: ويقطنون فى الجزء الشرقى والشمالى الشرقى فى منطقة تنجكى و شراكين.
+ المسيرية جبل.
+ المراسى.
+ الأورا.
+ التاما.
+ الزغاوة.
النظام الإدارى الأهلى لكل هذه الكيانات يقوم على نظام الفروشيات ، إذ أن لكل كيان قديم و عريق فروشية و يتملكون حواكير المحلية بأسمائهم و جميع هؤلاء الفرش تحت مظلة سلطان عموم دار مساليت. وبجانب اللغة العربية هنالك لهجة غالبة فى محلية سربا ويجيد التحدث بها أغلب هؤلاء الكيانات بما فيهم القبائل العربية و المراريت و القمر وهى لهجة التاما مع قليل إختلاف عن اللهجة الأصلية للتاما وتسمى (لهجة الإرنقا) حالياً.
تربط هذه القبائل روابط تاريخية وعلاقات طيبة وحسن جوار وتعايش سلمى ظلت سمة مميزة للعلاقة بين هذه الكيانات والتى مازالت موجودة حتى الآن ، ومكونات هذه المحلية تشبه مكون الشخصية السودانية الأصيلة و الدارفورية بصفة خاصة من حيث التدين والزى واللغة و العادات و التقاليد الإجتماعية فى الأفراح و الأتراح و أعراف فض النزاعات التى لم يتدخل فيما بينهم غريب او صديق من رجال الإدارة الأهلية من كيانات جوار المحلية ، ونحمد الله ونشكره على هذه النعمة ، لولا ظهور بعض الممارسات السالبة و التوجهات النخبوية الصفوية من بعض أبناء المحلية الذين بدأوا فى تسميم الجو العام للمحلية ، مما أضطررنا للكتابة وعكس الصراعات و النزاعات التى بدأت تطل برأسها وتعكر صفو كل هذه الكيانات.
إن أسباب الصراع فى المحلية تكمن فى التخلف وآثاره من فقر و جهل و مرض وضعف السياسات الإدارية ودعم الحكومة والحركات المسلحة لكيان واحد فى إطار المحلية و ايضاً من أكثر أسباب الصراع و النزاع فى المحلية تكمن فى هذا التعدد العرقى المتباين و محاولة التعالى والهيمنة على الآخرين من ذات الكيان المدعوم وكذلك غياب التنمية العادلة على قلتها إذ تستأثر عواصم الوحدات الإدارية على خدمات التعليم و خدمات الصحة والمياه و التنمية و الأمن ، وكمثال لا للحصر (إذ أن كل قرى المحلية متشابهة) ، إن منطقة بئرسليبة وضواحيها فيها أوضاع مأساوية وتردى مخيف فى مجال التعليم إذ ليس فيها غير مدرسة واحدة للاساس ولم تقم وزارة التربية والتعليم او إدارة التعليم بالمحلية بتزويدها بأى إحتياجات مدرسية ، ولم تقم بتوزيع او تعيين حتى معلم واحد مع أنه هنالك معلمان متطوعان من أبناء المنطقة ويقومان بتدريس تلاميذ المدرسة القديمة التى تم تأسيسها فى عام 1986م ، وحتى الآن مبانيها وفصولها من المواد المحلية (القش) ، ويدرس التلاميذ حتى الصف الثالث ومن ثم يتخرجون ليصبحوا فاقداً تربوياً او من ساعدته ظروف أسرته يواصل مسيرته التعليمية فى مدارس مدينة الجنينة.
أما فى مجال الصحة فحدث ولا حرج ، فإن منطقة بئر سليبة فيها أعلى معدل للمرض والوفيات من دون سائر مناطق المحلية و الولاية عامة ، خاصة بين النساء والأطفال وكبار السن إذ ليس فى المنطقة مركز صحى اوحتى شفخانة ولأكثر من خمسة عشر عاماً لم تزر المنطقة أية عربات او قوافل لتحصين الأطفال !!! وللعلم يبعد أقرب مركز صحى عن بئر سليبة أكثر من أربعين كيلو متر وهو مركز ابى سروج ، وإذا كانت الحالة تصعب معالجتها فى ذلك المركز فإن المريض يكون عليه أن يموت فى الطريق إلى مستشفى الجنينة او أن يلحق وهو فى حالة متأخرة جداً ، علماً بأن بئر سليبة ولإنعدام الأمن بها لا تصلها العربات و يتم نقل المرضى عادة إلى ابى سروج بالحمير او الكارو ومنها بالعربات الى مدينة الجنينة وتصل العربات الى ابى سروج كل يوم إثنين وجمعة من كل أسبوع.
وأما خدمات المياه و إصحاح البيئة ، انا غير قادر على نقل ما يعانيه المواطن فى منطقة بئر سليبة من مشقة فى الحصول على الماء الصالح للشرب ، والتى أصفها بأنها غير صحية حتى لشرب الدواب ، إذ لا توجد فى كل مناطق بئر سليبة (بئر) أرتوازية واحد او حتى مضخة واحدة لتساعد فى شرب مياه نقية ، وحتى لا يتهمنى أحد بأننى غير صادق فأرجو من كل من هو قادر على زيارة المنطقة التقصى حتى يتأكد من هذه المعلومات التى تبدو أنها ليست من منطقة من المناطق السودانية المأهولة بأكثر من خمسة عشر ألف نسمة من السكان.
وأمافى مجال الأمن فإن تلكم القرية المنسية ومناطقها ذات الإرث التأريخى لم تنعم بالأمن و الإستقرار منذ عام 2003م ، إذ كان بها مركز للشرطة قبل هذا التأريخ ولكن مع بداية الأحداث فى دارفور فى عام 2003م تم قفل المركز و أصبحت المنطقة حتى الآن بدون شرطة او قوات أمنية ، ولكن بحفظ الله ورعايته مازال المواطنون مستقرين فى ديارهم مع الدعوات لله بأن يحفظهم ويجلب لهم قوات لحفظ النظام و الأمن.
حتى لا تندهشوا وتبدو علامات الرثاء فى وجوهكم ( لأنها الحقيقة المُرة) ، أعود بكم للصراع و النزاع فى محلية سربا ومسبباتها ، حيث بات الحذر والشك بين مكونات المحلية هى المسيطرة ، إذ أن الشعور بالتميز القبلى من كتلة معينة ومعروفة لدى باقى الكيانات ، قامت بالقراءة غير الموفقة للتأريخ و المنطقة فقدم أبناء هذه الكتلة المثقفون منهم و النخبة السياسية قدموا أنفسهم وكيانهم صانعة للوقائع ومفسرة لها ، وساعدت هذه الكتلة تأهيل أبنائها سياسياً من قبل الحكومة (فى العشر سنوات الماضية) ليصبحوا النخبة السياسية و الثقافية للمحلية ، و بالمقابل عدم تأهيل أبناء الكيانات الأخرى بالمحلية ، مما خلق عدم توازن بين مكوناتها وكل هذا أدى إلى إقصاء جميع الكيانات الأخرى سياسياً و ثقافياً ، ويتضح ذلك فى هيمنة أبناء ذات الكتلة لكل منظومات المجتمع المدنى و السياسى و الثقافى ، و مشاركة الآخرين فى بعض الأحيان بصفة صورية او رمزية.
و تظهر صور الصراع جلية فى محاولة تذويب الآخرين فى ذات الكيان ، ومثال وأنموذج لهذا التذويب و الإستيعاب كيان المراريت المعروفة على نطاق السودان وجذورها فى محلية سربا ، ضعفت بعوامل كثيرة لا يسع المجال لذكرها ولكننى أذكر عوامل الطبيعة من جفاف و تصحر ومجاعات ، وكانت النتيجة نزوح عدد كبير جداً من أبناء هذا الكيان إلى بقية أجزاء ولايات دارفور وإلى انحاء السودان المختلفة ، وعاش كل فريق مع القوم الذين قدم إليهم ، و تعلموا لغات هؤلاء فبدأت هذه الكيانات تصرح بأن هذا الفريق من أبناء المراريت جزء من كياناتهم ، وعلى غرار ذلك حاولت الكتلة المعروفة فى محلية سربا تذويب المراريت (الكيان) فى كيانهم ، وكل ذلك بعد أن تأكدوا من ضعفها و لكن أنى لهم ذلك.
و مع بزوغ فجر المحلية وقبلها بأعوام قليلة بدأ أبناء الكتلة المعنية فى محاولة وضع تأريخ مزور للمنطقة ، ونحن لا نغفل عن النية فى تشتيت وتفريق الكيانات والمجموعات الأخرى ، الذين ظلوا متحابين فيما بينهم متآلفين يصاهرون بعضهم بعضاً ويعيشون حياة آمنة مستقرة ، لولا هؤلاء الأسر الذين لهم أهواء ومصالح شخصية لأبنائها ، ومن الملاحظ محاولة إقناع أبناء الكتلة المعنية لأبناء الكيانات الأخرى بأن هذه المحلية محليتهم و محاولة تسميتها بدار كيانهم على غرار (دار فور و دارمساليت) ، إلا أنهم فشلوا فى فرض التسمية الجديدة والحديثة لعدم نظر الكيانات الأخرى بوصفها دار كتلة معينة ، لأن التأريخ لا يمكن تزويره ، فبدأت هذه الكتلة الصراع مع الآخرين ولجأت الى القوة المادية والإضطهاد لتحقيق الإقناع والخضوع للواقع ، وإنعكست صورة جلية لهذا الصراع فى العام الفائت عندما قدمت كل مجموعات المحلية مذكرة للسيد/ والى ولاية غرب دارفور تشكو فيها ممارسات مجموعة واحدة ضد المجموعات الأخرى بالمحلية.
ومن اهم وسائلهم التى يستخدمونها لتمرير أجندتهم الخفية منها و الظاهرة وسائل الإعلام المختلفة ، وخاصة التى تحضر للمحلية لتغطية الأحداث الهامة و دائماً ترتكز فى حاضرة المحلية و لو ذهبت الى عاصمة أى وحدة إدارية مثلاً تجدهم وبتعمد يغيبون أبناء الكتل الأخرى ويظهرون كل ما بإمكانه يمكن توثيقه بإسمهم و صالحهم ، وبتحدى نؤكد أن كل التغطيات الإعلامية كانت محصورة فى عواصم الوحدات الإدارية الثلاثة ، مع أن بقية أجزاء المحلية مرت بها أحداث جديرة بالتوثيق إعلامياً ، وهذا الإغفال من الإعلام لا نلومها عليه فقد تكون لجهلها بمكونات المحلية وإتجاهاتها.
وبما أن المنطقة حدودية مع دولة تشاد ، كانت الحركات المسلحة متمركزة قريبة من المنطقة ، وأدى ذلك إلى تعرض المنطقة لإستقطاب حاد وخاصة لفئة الشباب من قبل الحركات المسلحة وللمثقفين من قبل الأحزاب السياسية ، وكل هذا أدى إلى جعل المنطقة مسرحاً للإضطرابات الأمنية التى لازالت آثاره حتى يومنا هذا ، و بدوره أدى إلى ضمور الأعراف القبلية للتعايش السلمى بين مكونات المحلية وسيادة ثقافة الحرب التى خلقت جواً من عدم الإستقرار بالمحلية. و لكن المشكلة الأساسية ليست حركات مسلحة او أحزاب سياسية ، بقدر ما هى أفكار غريبة وجديدة أتى بها البعض وأرادوا تطبيقها على حساب الهوية و الأرض والتآلف ، وليس هناك عاقل ينجرف وراء هذه الأفكار ولا أحد ينسى التعايش السمح. و من أكثر أسباب الصراع تكراراً هى أن هؤلاء النخبة السياسية يريدون فرض أنفسهم غصباً عن الكل ، وذلك بالإستفادة من مناصبهم و قربهم من مراكز القرار ويريدون ايضاً فرض معتقداتهم على الآخرين الذين لايرونهم ممثليهم او الناطقين بإسمائهم ، وكذلك عدم إيمان هذه النخبة بالتعددية العرقية للمحلية و هذه الجزئية البسيطة هى التى أودت بنا الى هذا الطريق وسوف تؤدى إلى إدخال المحلية فى نفق مظلم ، إذ قال الله تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، وقال تعالى فى الحديث القدسى: (يا عبادى إنى حرمت الظلم عن نفسى وجعلته محرماً بينكم فلا تظالموا).
و من المؤسف أن من أسباب تعاميهم وتماديهم والمواصلة فى طريق التشتيت والتفريق ولائهم المظهرى لضمان دعمهم من قبل الحكومة خاصة.
يعلم الجميع أن مشاكل الناس تختلف فى درجاتها ووطأتها ولكنها تتشابه فى أنها بحاجة إلى حل ينفع الناس ويشبع حاجاتهم المشروعة ويضبط سلوكهم ، لذلك رأيت أن أنقل الواقع المرير حتى ينتبه أبناء محلية سربا و نلتقى كلنا ونقتدى جميعنا بنموذج الرسول الكريم (ص) فى دولة المدينة ، فقد أرسى مبدأ محاربة الظلم والظالمين فقد بدأ بالمسلمين اولاً إذ آخى بين المهاجرين والأنصار على أن يقيموا العدل ويحاربوا الظلم والظالمين بينهم ، ثم أرسى مبدأ السلام الإجتماعى و الدفاع المشترك لدولة المدينة وتأمين الحقوق الدينية و الإدارية لكل المجموعات القبلية التى شكلت مجتمع المدينة وقتذاك.
أختم مقالى هذا وأذكر بعض الحلول والتى أراها ممكنة من وجهة نظرى لتكون خارطة طريق لإخراج المحلية من النفق المظلم التى هى فيه الآن مما قد يؤدى إلى تشظى المحلية وعدم تنميتها ، وأجمل الحلول فى النقاط الآتية:
+ يجب أن نرسى مبدأ الشورى بين كل مكونات المحلية فى الذى فيه مصلحة المحلية ومواطنها المغلوب على أمره.
+ يجب المحافظة على التعايش و التآلف الموروث منذ أمد بعيد والتى لا نريد أن تمحوه أحداث الحاضر.
+ مشاركة المثقفين من أبناء المحلية من جميع المكونات فى وضع أهداف إستراتيجية لنشل المحلية من التخلف الذى تسببه النزاعات و الصراعات و التباعد و التباغض.
+ إحترام خصوصية الآخرين وعدم التدخل فى شؤونهم بصفة خاصة بين مكونات المحلية ، و ذلك بالإبتعاد عن حصر شؤون المحلية لأسر معينة والتى لا ترى إلا مصالح أبنائها.
+ يجب وضع حد لكل الأفكار الهدامة من قبل المستنيرين و العقلاء الذين يحملون هموم المواطن والمحلية وقضاياها المصيرية فى حدقات العيون.
+ المشاركة السياسية لأبناء جميع المجموعات وذلك لتحقيق العدالة بين جميع مكونات المحلية وايضاً بقصد إحتواء التنوع العرقى للمحلية.
+ العمل على تحقيق مصالح المحلية وإستغلال الإمكانات الشحيحة فى تنمية المحلية وتطويرها حتى تلحق برصيفاتها من محليات الولاية.
+ على حكومة الولاية و مؤسساتها إنجاز خريطة معلوماتية متكاملة عن محلية سربا.
+ على النخبة السياسية الإبتعاد عن التمييز بين مكونات المحلية ، والذى يولد الأحقاد و الفتن ويخلق الكثير من المشاكل فى مجتمع المحلية.
و الله من وراء القصد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.