إن السرير الذي انبجست منه روحك عند الولادة ما هو إلا ضريحك عند الممات ٭ سألني الزميل أحمد فضل (من قسم الأخبار)، أمس، وبلا مقدمات: - متى يمرض الصحافي؟!. قلت له: الصحافي لا يمرض، يموت. قال لي: كيف؟!. قلت: يموت ب (المغصة)، أو بما صبر عليه طويلاً، و(قطَّعه) في مصارينه. فظهرت عليه سحابة من الحزن، فشلت محاولاتي، في تبديدها!! ٭ في تقديري، أن مهنة (الصحافة)، إذا ما أخذت بحقها، ووجدت مستحقها، قادرة على صناعة غد أفضل للدولة والمجتمع. ٭ وفي تقديري، إذا لم تلتفت الدولة (حقيقة) إلى الصحافيين، فسيصيب الدولة وجع. ٭ وفي تقديري، أن قليلا من (الدربة) والعناية، واكتساب المهارات، وتمليك وسائل التحرير الرقمي وفقط قادرة على ملء الفجوة بين الصحافة والسياسة، ناهيك عن تمليك المعلومات، وفتح (المصادر) للموبايلات. ٭ قلت لصحافيتين في صالة التحرير، أمس: أصبرن قليلاً، فالمستقبل أجمل.. سيعود (للرئتين الصهيل)، ويشارك الصحافي في صناعة القرار القومي، دون أن تقعده الهموم الصغيرة. ٭ وستبقى (الصحافة)!! ٭ لا أدري لماذا كلما فكرت في (قبيلة الصحافيين) قفزت إلى الخاطرة قصيدة (الخيول) للشاعر أمل دنقل.. الخيول التي كتبت بدمائها الفتوحات في الأرض.. ورسمت بسنابكها حدود الممالك.. الخيول التي كانت تعدو صبحاً وتغير ضبحا.. الخيول التي كانت لها (شنة ورنة)، وفوق ذلك تمتلك القوة والعنفوان والمبادرة.. انتهى بها الحال، إلى جر عربات الكارو والالتزام ببروتوكولات الشرف والاحتفاء ب (العليقة)، صار أمر (العليقة) يشغل بال الخيول من الصباح للمساء.. صارت الخيول (أرجوزاً) لإضحاك السلاطين أو أراجيح من خشب للصغار الرياحين أو تماثيل من حجر في الميادين. غابت الخيول، وغاب دورها وجف في رئتيها الصهيل.. الخيول كانت تمتلك كل شيء. والصحافي كان يمتلك كل شيء.. كان يمتلك الشمس والعشب والملكوت الظليل.. فلماذا يلين الجسد الحر تحت سياط المروّض؟!، ولماذا الساق مشكولة الزاد؟. ٭ ولماذا؟ ولماذا؟!. لماذا يعدو الصحافي السوداني كأي يتيم، من دون سرج على ظهر القشعريرة.. وبلا (لباد)، سلاحه قلم البيك (كأن أقلام البيك صنعت خصيصاً للصحافي السوداني)، لا يعرف جيبه الباركر ولا الأقلام المذهبة والمرصعة بالجواهر، ما من مزامير ترثي غروبه الأخير إلا الآهة والحبر السايل، وما من لحاف يلفق له راحتيه قماطاً، يقيه من البرد والحر والمشاوير في زمن صارت (العربة) فيه واحدة من (عدة الشغل)، وفي زمن تجاوزت فيه الصحافة العربية والغربية (تفريغ الشريط) الى توصيل الشريط بجهاز الحاسوب. وفي زمن صار فيه الصحافي بلا (لاب توب) وبلا كاميرا ديجتال، كالوردة بلا عطر أو ك (السروال بلا تكة). متى يعود الصحافي نهاية الدوام إن كان هناك نهاية للدوام ويجد (صدراً) حانياً وقلباً رهيفاً؟. متى تترجم رسائل الغرام النبيل بين الصحافيين والصحافيات إلى برنامج عمل و(نصف دين)؟. متى يرتاح الصحافي على سرير من ريش النعام ؟!