لم يبق امام القوى السياسية المعارضة غير طريق التحالفات السياسية لتحقيق ما طال انتظاره من احلام فشلت كل سيناريوهات التحركات السابقة فى وضع لبناتها . ومنذ تحالف التجمع المعارض فى اسمرا والقاهرة نهاية القرن الماضى وحتى نيفاشا والانتخابات العامة والانفصال ومحطة الجمهورية الثانية ظلت هذه القوى تنظر للحزب الحاكم بعين تملؤها الحسرة والاحساس بالظلم ، رغم ان الحزب الحاكم رغم هشاشة مواقفه تجاهها ظل يمد يد المشاركة لهذه القوى عبر كل المراحل حتى الحكومة العريضة التى تعففت المعارضة عن المشاركة فيها. ويبدو ان الظروف السياسية الراهنة وما تمر به البلاد من تطورات خطيرة اضحت مؤشرات تريد المعارضة ان تطل من خلالها عبر تحالفات سياسية جديدة متخذة من ذكرى رحيل القيادي الشيوعي التيجانى الطيب مرتكزا لذلك ضمن انشطة اللجنة القومية لتأبينه، حيث اجمع المشاركون فى ورشة التحالفات السياسية بدار حزب الامة القومى ليل الاول من امس الثلاثاء على ضرورة قيام تحالف جديد مبنى على مصالح البلاد و قدم القيادى بالحزب الشيوعى السودانى الشفيع خضر ورقة بعنوان «الحزب الشيوعى والتحالفات فى السودان» ووجدت هذه الورقة اشادة كبيرة من جميع المشاركين الذين دعوا الى ضرورة الاسراع فى تقنين فكرة التحالفات السياسية والاستفادة من تجربة التحالف والتجمع المعارض، وقال الامين العام لحزب الامة القومى ابراهيم الامين انه لابد من تحالف عريض له اهداف مؤقتة ومتحركة متحدثا عن طبيعة عمل الانظمة الشمولية ، التى قال ان هدفها يتمثل فى ضرورة ان يكون الحزب الحاكم موجودا ، وشدد على ضرورة ان تقف المعارضة مع ذاتها وتناقش تعثر التحالفات السياسية السابقة ، واشار الى ان غياب المنهجية والتسويات جعل من اطراف التحالفات السابقة بعيدين عن بعضهم ، وقال الامين ان السودان يحتاج الى تغييرات شاملة ونظام ديمقراطى مدنى يكون مثالا للتعايش والمشاركة الفاعلة فى الحكم فى وقت عدد فيه الامين مآثر الفقيد التيجانى الطيب ومدى اسهاماته فى صناعة تحالف المعارضة عبر منظومة التجمع المعارض . اما زعيم التحالف المعارض فاروق ابو عيسى قال «ان احزابنا مركزية » وتحرص على ان تؤدى اعمالها فى مناطقها، ووصف الامر بالخلل المنهجى، واشار الى ضرورة توحد الكيان المعارض لمواجهة ما اسماه بالخطر . ومن جهته وصف القيادى بالمؤتمر الشعبى كمال عمر المحامى ما تمر به البلاد من اوضاع بالسيئة ، وقال اننا «نمر بأسوأ مراحل السياسة » ، واشار الى ان التحالف قد يخرج البلد من أزماتها ويجنبها التمزق داعيا الى ضرورة ان يقود ذلك الى اوضاع دستورية وديمقراطية ملموسة، واشار كمال عمر للدور الذى كان يلعبه التيجانى الطيب فى التحالفات السابقة، قائلا ان صدره كان مفتوحا ولم يكن اسيرا لاحقاد ولم يرتم فى براثن التعصب الاعمى ، وكان التيجانى الطيب حاضرا فى جميع مداخلات منسوبى التحالف المعارض الذين اكثروا من الاطناب عليه وعملوا على ضرورة ان تكون ذكراه بداية لتحالفات جديدة يكون هدفها الاطاحة بالنظام او دفعه بالقوة لتقديم التنازلات المطلوبة .وبشأن وصف المؤتمر الوطنى للمعارضة بالعمالة اشار كمال عمر المحامى الى ان الوطنى هو العميل لانه فصل الجنوب عن الشمال وقاد البلاد الى ما هى عليه من أزمات . وفى مداخلة عبر «الاسكاى بى » من مقر اقامته بالخارج امتدح الكاتب فتحى الضو مجاهدات التيجانى الطيب وقال انه رحل دون ان يقطف ثمرات مجاهداته، واشار الى انه كان كثير الانتقاد حتى للحزب الشيوعى الذى ينتمى له، وانتقد الضو تجربة التجمع المعارض وقال انها قبرت دون ان تعالج ووصف الامر بانه يندرج تحت بند الاهمال، ودعا الى ضرورة المحاسبة ووضع التجربة على بساط الشفافية لتقويمها ، وقال الضو ان ما يمر به الشعب السودانى الان يعد من اسوأ المراحل وانه لابد من قيام تحالفات عريضة تعمل على فصل الدين عن الدولة والدين عن السياسة، وطالب بجائزة سنوية تحمل اسم التيجانى الطيب فى وقت امن فيه كمال عمر على طباعة كتاب يحمل كل المجاهدات تكتب على خلفيته «الشعب يريد اسقاط النظام» . وقال ممثل اللجنة القومية لتأبين التيجانى الطيب صبرى مرقس ان مسألة التحالفات ضرورة فرضتها التطورات السياسية الراهنة واصبحت لابد منها لمواجهة ما اسماه بالدكتاتورية وسياسات القمع، وقال ان التحالفات اضحت ضرورة قصوى بعد ان نجحت فى الكثير من بلدان العالم ، وامتدح دور التيجانى الطيب فى ترسيخ مفهوم التنمية وقال انه كان مناضلا ورمزا لها ولم يكن حجر زاوية فحسب . وابدى مرقس اسفه لما وصل له حال التعصب الذى وصل لمرحلة حرق الكنائس على حد تعبيره . وفى السياق اكد القيادى بحزب البعث السودانى محمد وداعة ان التحالفات تحتاج لعمل مشترك واكد ان اكبر صدمة من الممكن ان تواجههم كمتحالفين فى المرحلة المقبلة هى انفصال الجنوب وما يحدث فى المحيط الاقليمي من تطورات عبر الربيع العربى وما يحدث من استقطاب دولى . ودعا محمد وداعة الى ضرورة ان يكون هنالك ميثاق ليتم اخراجه للشارع فى ظل وجود قضايا اساسية كالفساد والحريات والسلام وما يدور من حرب، وقال انه لابد من تحالف على اسس صحيحة ومتينة وانه لابد من تقييم التجربة السابقة وان تكون نواة للتحالفات القادمة . وفى ذات الاتجاه اكد القيادى بحزب الامة القومى عبد الرحمن الامين فى تصريحات مقتضبة عبر مداخلة لقناة الجزيرة ان الندوة تأتى ضمن برامج تخليد ذكرى الفقيد التيجانى الطيب وانها تناولت قضايا الراهن السياسى وما يشهده من تعقيدات، وقال ان البلاد تمر بمنعطف خطير الخروج منه يتطلب رؤى واستراتيجيات واضحة المعالم فى وقت وصف الانقاذ بالاقصائية وامتداد الشمولية والدكتاتورية البغيضة . كان حفل تأبين الراحل التيجانى الطيب نقطة التقاء جمعت احزاب المعارضة على هدف واحد يتعلق بما يسمى بالتحالفات السياسية التى من المتوقع ان تأتى قوية هذه المرة لتغير الكثير من المفاهيم، ومثل تأبين التيجانى الطيب حلقة وصل لتجمع الاحزاب المعارضة والتى على ما يبدو تعانى نقص المال وشح الامكانات لذلك بدأت المطالبات بضرورة ان تكون هنالك دار ومالية لتدبر امر التحالف الذى يبحث عن آليات جديدة عبر تحالفات سياسية لها موقف ثابت بشأن ما يحدث من تطورات سياسية على مستوى المركز والولايات.