الموت حق و «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام».. ٭ غيب الموت بالأمس الاستاذ والرياضي المطبوع والصحفي المميز نصر الدين عبد الرحمن، والمرحوم كانت له صولات وجولات في ساحات العمل الاداري الرياضي، وقدم المفيد واضاف الكثير للرياضة السودانية، وأسهم وزملاؤه في حقبة الستينيات والسعبينيات والثمانينيات من القرن الماضي في إكمال البناء السليم للرياضة، وترجم قيم الرياضة السامية الى ارض الواقع من خلال اخلاقه الرفيعة وتجرده وتفانيه في العمل العام. ٭ وتشرفت بمعرفته عن طريق استاذي المرحوم عوض أبشر في عام 1998م، عندما كنت اعمل بالقسم الرياضي بصحيفة «الشارع السياسي» حيث كان المرحوم نصر الدين عبد الرحمن يكتب عموداً راتباً في صفحة الرياضة تحت عنوان: «رأي محايد»، وفي ذلك الوقت كان المرحوم يعمل ببنك النيلين مساعداً للمدير العام، ومن خلال معرفتي به وجدته انسانا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وبمثل تفانيه في العمل الرياضي فهو كذلك في بنك النيلين، ويعتبر من المصرفيين الذين يُشار اليهم بالبنان، وهو مثال للنزاهة. والتقيت به بعد أن تم الغاء وظيفته، وحقيقة لم أعرفه منذ الوهلة الاولى لأن صحته تراجعت ووزنه نقص بصورة كبيرة، وسألته عن هل أصابه مرض مثل السكري، فأجابني بالنفي وحينها علمت أنه تأثر جداً بإلغاء وظيفته..! ٭ فمثل نصر الدين يعشقون العمل ويتفانون فيه، وهو بالنسبة له مثل الهواء والماء، ومما زاد في ألمه وحسرته وحسب ما علمت منه، ان له وزملاءه حقوقاً لم يتسلموها بعد، ووصل الامر الى ساحات المحاكم في سبيل نيل الحقوق، ولكن يد القدر كانت أسرع. ٭ فى بداية مسيرتي العملية فى «بلاط صاحبة الجلالة» التقيت بعدد من الاساتذة الكبار الذين استفدت منهم كثيراً، وحقيقة كنت من الصحافيين المحظوظين بأن أتعرف عن قرب على الاستاذ المرحوم عوض أبشر والاستاذ مبارك خوجلي ربنا يعطيه الصحة والعافية، والاستاذ المرحوم مصطفى عالم، والاستاذ المرحوم حسن عز الدين، وعدد كبير من الاساتذة الذين لا تسع المساحة لذكرهم، ولكنني استفدت كما ذكرت من خبراتهم. وأذكر انه فى عام 8991م كنت اعمل ومعي زملاء كرام الى جانب الاستاذ عوض أبشر فى القسم الرياضي بصحيفة «الشارع السياسي»، وفى تلك الفترة تعرفت على الرياضي النقي والصحافي المحترم والمصرفي الكبير، الا وهو الاستاذ نصر الدين عبد الرحمن الذى اختطفته يد المنون يوم الجمعة الماضي، وكان فى ذلك الوقت يتعاون مع القسم الرياضي، وعندما يأتي بعد الظهر قادما من بنك النيلين حيث كان يعمل، وقبل ان يسلم عموده «رأي محايد» يحرص على الجلوس معنا ويتجاذب الحديث مع أستاذنا عوض أبشر، وكنت الى جانب زميلي محمد عبد العزيز وصلاح المليح نستمع الى حديثهما العذب وحكاياتهما الجميلة عن الرياضة فى الزمن الجميل، وكيف كانت تجمع ولا تفرق وتسعد ولا تحزن. ومنذ ذلك التاريخ أي فى عام 8991 توطدت العلاقة بيني وبين الاستاذ الكبير نصر الدين عبد الرحمن الذى كان يعشق عمله فى البنك، ولكن للأسف الغيت وظيفته ليتأثر الرجل كثيراً، ،وفي هذا الخصوص تحدثت معه بأن لا يهتم، وا،ضحت له آن هذا حال الدنيا، فالايام دول بين الناس وقلت له إن عزاءك فى أنك خرجت مرفوع الرأس نزيهاً أميناً وأضفت الكثير فى أي موقع نقلت اليه، وكنت أنموذجاً للموظف المثالي. ٭ أتحدث اليوم عن الأستاذ المرحوم نصر الدين عبد الرحمن لأنني استفدت منه كثيراً، فالرجل موسوعة فى مجال الرياضة، خصوصاً فى كرة القدم الذى عرفت منه الكثير عن تاريخها فى السودان ومسيرة فرقنا ومنتخباتنا واتحاداتنا المحلية بمختلف مدن السودان، والرجال الأفذاذ الذين خدموا الرياضة بتجرد ونكران ذات ووضعوا لبناتها. وبالاضافة الى ذلك عرفت منه الكثير عن الخدمة المدنية ورجالها، والعمل فى مجال البنوك والرياضيين الذين خدموا فى هذا القطاع المهم الذى أسهم فى فترة من الفترات في نهضة الرياضة بالسودان. ٭ فى الختام لا أملك إلا أن ادعو الله لأستاذي الجليل نصر الدين عبد الرحمن.. بأن يرحمه الله ويغفر له ويدخله الجنَّة مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.