أسدل الستار عصر أمس على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والإقليمية في البلاد التي رافقتها مشكلات لوجستية وأخطاء فنية واتهامات بخروقات في أول منافسة تعددية تجري في البلاد منذ 24 عاما ، وتبدأ اليوم عمليات فرز أصوات الناخبين، تمهيدا لإعلان النتائج النهائية الثلثاء المقبل،وتأكد فوز 27 مرشحا بالتزكية وتباينت مواقف القوى السياسية إزاء دعوة حزب المؤتمر الوطني الحاكم إلى تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة. وبات فوز حزب المؤتمر الوطني الحاكم ورئيسه عمر البشير،مؤكدا ويرجح أن ينال الحزب الاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني والمؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي مقاعد في البرلمان،بجانب أحزاب أخرى،كما ستحظى «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بغالبية مقاعد الجنوب في البرلمان القومي،اذ تنافسها مجموعات صغيرة وعدد كبير من المستقلين كانوا جزءا منها تمسكوا بالمنافسة بعد ما رشحت الحركة غيرهم،وسينال إقليمالجنوب نحو 30 في المئة من مقاعد البرلمان «450 مقعدا» ومجلس الوزراء «30 وزارة». وقال نائب رئيس المؤتمر الوطني الدكتور نافع علي نافع ان مقاطعة قوى معارضة للانتخابات لا ينتقص من شرعيتها،وراى ان بعض المقاطعين يريدون تغيير نظام الحكم ولكن ليس عبر صناديق الاقتراع.،مرجحا مشاركة حزبي الميرغني والمهدي في الوزارة الجديدة وفق برنامج محدد،واستبعد مشاركة حزب الترابي في السلطة لتباين مواقف الحزبين. وأكد نافع في حديث بثته قناة «الجزيرة» امس ان حزبه لن يقدم تنازلات في سياساته لان الناخبون منحوه الثقة على برنامج سياسي واضح وانه لن يسترضي أي حزب في ذلك،وقال ان نتيجة الانتخابات ستعزز تعاون حزبه مع قيادات «الحركة الشعبية» في جنوب البلاد برئاسة سلفاكير ميارديت لاستكمال عملية السلام وصولا إلى استفتاء الجنوب على تقرير مصيره،مشيرا إلى أن قطاع الشمال في «الحركة الشعبية» ظل يوتر العلاقة بين الجانبين. و تباينت مواقف القوى السياسية إزاء دعوة الحزب الحاكم إلى تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة ، إذ لم ينف زعيم حزب الأمة الصادق المهدي احتمال مشاركته في الحكومة المقبلة ولكن بشروط، بعد اطلاعه على عرض الحزب الحاكم وتفاصيله،وقال ان السودان امام مرحلة حرجة بين الوفاق والمواجهة بين الحكومة والمعارضة مشيرا الى انه اذا لم يتوافق السودانيون على حل مشاكلهم فسيحل الوباء بوطنهم. ووصف المهدي في حديث لراديو سوا حزب البشير بأنه «مصاب بالانفصام،وبه «صقور» ينطلقون من مرجعيات متطرفة «طالبانية» تسببت في نكبات البلاد وازماتها،كما يوجد في الحزب قيادات براغماتية لا يتعاملون بايدلوجية طاردة للآخر . وذكر انه سيحاول إيجاد موقف مشترك لمواجهة قضايا وتحديات تواجهها بلاده وتحتاج الى تعاون وطني بين القوى داخل الحكومة وخارجها ،موضحا أن الحكومة المقبلة ستواجهها حماية الحريات وحقوق الإنسان والوضع الإقتصادى , لكنه رأى إن التحدى الأكبر الذى يواجه السودان هو المحكمة الجنائية الدولية وكيفية التعاون معها ،موضحا أن الإنتخابات إذا جاءت بالبشير رئيسا فسيكون التحرك الدولى للسودان مشلولا ،مؤكدا أن القضية مستمرة لأن القرار هو قرار مجلس الأمن، وليس قرار المحكمة الجنائية وحدها ،وأن السودان لن يستطيع فى هذا الوضع شطب ديونه، أو الإستفادة من مستحقاته فى الإتفاقات الدولية. وفي السياق ذاته استبعد الحزب الشيوعي المشاركة في أي حكومة يدعو لها حزب المؤتمر الوطني «وفق رؤاه السابقة، حتى لا نكون كأحزاب حكومة البرنامج الوطني التي تتحرك وفق منهج المؤتمر الوطني دون غيره». واعتبر الحزب -في بيان- الدعوة «دعاية انتخابية كونها جاءت أثناء سير الانتخابات لتحفيز قواعد الأحزاب المقاطعة للاتجاه نحو صناديق الاقتراع بجانب اعترافها بعملية التزوير المنظم والممنهج لتأكيد الحزب على ضمان فوزه». وأشار إلى أن ما وصفها بالانتخابات المزورة «عمقت من أزمات السودان»، مشيرا إلى أنها محاولة للتنفيس عن الشعب السوداني». وقال إن البلاد تعاني من أزمات «هي في الواقع أهم من الإستوزار» لأنها تمثل المخرج الحقيقي لكافة المشكل السوداني. أما رئيس هيئة التحالف المعارض فاروق أبو عيسى فعلى الرغم من قبوله مبدئيا مواقيت الدعوة فإنه طالب بأن تكون «صادقة وليست قفزة على فضيحة الانتخابات الحالية». واعتبر أن المعارضة «هي الأصل» في إطلاق شعار تشكيل حكومة قومية، وجدد ذلك عبر مذكرتها لمؤسسة الرئاسة خلال الفترة الماضية بحيث تشرف هذه الحكومة القومية على الانتخابات حتى تكون حرة ونزيهة تنقل البلاد نحو التحول الديمقراطي الحقيقي. كما، انتقد نائب الأمين العام ل «الحركة الشعبية « ياسر عرمان المنسحب من السباق الرئاسي دعوة المعارضة الانضمام إلى الحكومة، وقال إنها تأكيد للاتهامات الموجهة الى حزب المؤتمر الوطني بتزوير الانتخابات، ورأى ان حركته ستضطر الى التعامل مع الحكومة المقبلة، مجددا اتهامه بعدم شرعية الحكومة المقبلة بسبب ممارسة التزوير من قبل الحزب الحاكم. وفي تصريح ل»العربية.نت» قال البروفيسور الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم إن المؤتمر الوطني بدعوته لأحزاب المعارضة للمشاركة في الحكومة القادمة يريد أن يقدم شيئاً مقابل الخروقات الكبيرة التي حدثت في الانتخابات وأنه يسعى لتجاوز هذه المحطة إلى محطة تكوين الحكومة ليغري هذه الأحزاب بأنه سيكون لها موقع في الحكومة القادمة. وقال إنه يرى أن الوقت لم يحن بعد كي يتحدث المؤتمر الوطني عن تكوين حكومة خاصة أن نتائج الانتخابات لم تعلن بعد. لكن القيادي بحزب المؤتمر الوطني الدكتور قطبي المهدي أكد في تصريح ل»العربية.نت» أن دعوة د. غازي صلاح الدين للمعارضة للمشاركة في الحكومة القادمة عبرت عن مبادئ المؤتمر الوطني والتوجه الشعبي. وقال «عادة في الأوضاع الديمقراطية في السودان تقوم حكومات مؤتلفة نتيجة لطبيعة التنوع الموجود سواء كان سياسي أو قبلي أو جهوي». وتوقع أن يشرك المؤتمر الوطني عدداً من الأحزاب الأخرى التي تمثل قاعدة كبيرة من الشعب، مضيفاً أن بإمكان المؤتمر الوطني أن يشكل حكومة بمفرده لأنه حصل على تفويض شعبي ولدية من الكوادر والكفاءات ما يغنيه، إلا أن الروح الديمقراطية التي جرت أثناء الانتخابات وبعدها لها تأثير على توجهات المؤتمر الوطني وقيادته. ويعتقد أن الأمر سيتجه إلى إشراك فعاليات تمثل التعددية الموجودة مؤكداً نزاهة الانتخابات بكل المقاييس الدولية مشيراً إلى أن ما حدث فيها من أخطاء مسألة عادية ونحن لا نحتاج لتغطية أي شيء. واعتبر أن أحزاب المعارضة هي التي تحاول أن تغطي على الصدمة التي أصابتها عن الشعور الشعبي نتيجة انسحابها.