الأخوان في مصر « حزب الحرية و العدالة » ، والإسلاميون المصريون عموماً التحقوا بالثورة بعد اندلاعها ، وحتى لما كانت الثورة تخطو نحو النجاح لم تنقطع اجتماعاتهم ومشاوراتهم مع نائب الرئيس السابق و مدير المخابرات عمر سليمان وآخرين ، وبعد أن أطاحث الثورة بحكم مبارك تملكت الأخوان شهوة السلطة والمصالح الحزبية الضيقة ، فعاشوا شهوراً من العسل مع المجلس العسكري ، وارتكبوا العديد من الأخطاء القاتلة ، والتي أدت في النهاية الى شق وحدة قوى الثورة ، فقد بارك الأخوان « حزب الحرية والعدالة » كل قرارات المجلس العسكري بما فيها الاعلان الدستوري الصادر فى نوفمير 2011 م ، وساندوا بقوة الاستفتاء على تلك التعديلات ، و حشدوا للتصويت لها و باركوا نتائجها ، رغم معارضة بقية قوى الثورة ، حاول الاخوان الاستئثار بالسلطة كاملة ، رغم نصائح زعيم حزب النهضة التونسى راشد الغنوشي ، ونصائح قيادات إسلامية عديدة من بينهم الدكتور حسن الترابي ، ظناً منهم أن نتيجة التصويت في الانتخابات البرلمانية تعكس شعبيتهم ، اخلفوا وعودهم العلنية من أنهم لن يترشحوا لأكثر من نصف البرلمان ، وعدوا بأنهم لن يترشحوا لرئاسة الجمهورية فتقدموا بمرشحين اثنين بدلاً من واحد . قالوا أن تأسيسية الدستور ستكون توافقية ، نكثوا عن ذلك واستولوا على 70% من مقاعدها مشاركة مع االسلفيين ، بعد صدور حكم المحكمة الدستورية ، كان على الأخوان الانسحاب من سباق الرئاسة ولكنهم استمروا فى السباق ، و قدموا لمرشحهم باعتباره مرشح الثورة ، و اطلقوا الوعود و التطمينات ، و هاهو المجلس العسكرى يباغتهم مرة اخرى بالاعلان الدستورى المكمل ، و بتشكيل مجلس اعلى للقوات المسلحة و يحتفظ لنفسه بسلطات التشريع ، و أهم صلاحيات الرئيس ، فالرئيس ، و بنص الدستورهو القائد الاعلى للقوات المسلحة ، و بعد الاعلان الدستورى المكمل ، لا يستطيع اعلان الحرب الا بعد موافقة المجلس العسكرى «المادة 53 «2» معدل « يختص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الاعلان الدستوري بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وتعيين قادتها ومدِّة خدمتهم ، ويكون لرئيسه « رئيس المجلس العسكرى » ، حتى اقرار الدستور الجديد، جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع ». وأما المادة 53 «1» معدل فقد جاء نصها : ( يعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة). كما ان تعديل المادة 56 و حتى انتخاب مجلس شعب جديد ،فالمجلس العسكرى يختص بادارة شئون البلاد و بتولى السلطة التشريعية و اصدار القوانين ، فان اعترض الرئيس عليه ان يلجأ للمحكمة الدستورية ، و يختص باقرار السياسات العامة للدولة و اقرار الموازنة العامة و مراقبة تنفيذها ، فماذا تبقى للدكتور مرسي من سلطات . اذن الجماعة ، بسبب غفلتها وتكالبها على كل شئ ، مكنت المجلس العسكري من تخطيط هجمة مرتدة قاتلة ، ولانه كان يتملكها غرور ساذج، لذا لم تحسن تحليل الخريطة الانتخابية ، واصبحت تبتعد شيئا فشيئا عن مزاج تظن مجرد أن خصمها هو أحمد شفيق فهذا كفيل بترجيح كفة الدكتور مرسي، تناست أنها أخافت واستفزت قطاعات واسعة من الشعب المصري ، فتحت مواضيع لا طائل من ورائها ولا جدوى من اثارتها ، امتلأت الفضائيات بالمتحدثين من الجماعة حول الحجاب و تحريم السياحة والفن واحياء الخلافة الإسلامية . على الجماعة ان تعى ان 13 مليون مصرى صوتوا للدكتور مرسى ، منهم 7 ملايين اعطوا اصواتهم له ، بعضهم لم يرغبوا فى رؤية الفريق شفيق رئيسا لمصر، و البعض الاخر صوت« لأحسن السيئين » و قليل من شباب الثورة . لم تستفد الجماعة من دروس ابو الفتوح و حزب النور « التيار السلفى » ، الى عهد قريب كان ابو الفتوح من قيادات الجماعة المؤثرة ، آثر الخروج على البيعة و ترشح مستقلا ، و حقق نجاحا كبيرا ، وهذا تأكيد آخر على ان الناخب المصرى لم يصوت لجماعة او نخبة ، بل صوت للبرنامج ، مستندا على تجارب مخزونة ، نجح حامدين صباحى فى تحقيق نتائج فاجأت المراقبين ، تراجعت شعبية الاخوان من 47 % فى انتخابات مجلس الشعب ، الى 24% فى انتخابات الرئاسة ، بينما حققق التيار السلفى 24 % فى انتخابات مجلس الشعب و هى دليل آخر على ان الاخوان يخسرون. فاز الدكتور مرسى بفارق ضئيل لا يتجاوز 4% مقارنة مع منافسه الفريق شفيق « 52% الى 48% » ، و هو الان امام تحدٍ حقيقى ان كان قرار جماعة الاخوان و حزب التحرير و العدالة الاستمرار فى السلطة ، عليه اولا ان يستعيد ثقة الشارع المصرى ، و ان يكون رئيسا لكل المصريين ، و ان يبتدر اعلان للمصالحة و الحقيقة ، بما يحقق اندماج كل المصريين فى الحياة العامة دون عزل او تضييق فى الحريات ، و ان يعمل على اعادة اللحمة بين حزبه و قوى الثورة ، و ان يعطى املا فى تجاوز اخطاء الماضى بتكوين حكومة و حدة وطنية ، تمثل فيها كل قوى الثورة و على الاخص الشباب ، و ان تقوم السياسة الخارجية على انفتاح يحقق مصالح الشعب المصرى فى الحياة الحرة الكريمة ، و ان يعمل على استعادة دور مصر عربيا و افريقيا . سودانيا على الرئيس المصرى الدكتور مرسى ان يصدر اعلانا رئاسيا تعترف فيه الحكومة المصرية بأن حلايب سودانية . ما رأى الاخوان في السودان ؟