هل يعقل ان تتضاعف تكلفة الحج من ستة ألف جنيه العام الفائت الى نحو خمسة عشر ألف جنيه للعام الحالي ؟ هذه التكلفة مبالغ فيها ومن الواضح بحسب المعلومات المستقاة من مقالات مدير الاوقاف السابق ان عمليات تحميل الحاج السوداني اكثر مما يحتمل ما تزال سارية رغم حديث وزير الارشاد امام البرلمان ، كيف يمكن ان يتصور احد ان تكلفة السفر الى المملكة العربية السعودية ثم العودة منها بعد قضاء ايام الحج المعدودات تبلغ الرقم الخرافي الذي حدده وزير الارشاد في مؤتمره الصحفي الاسبوع الماضي ؟ بالتأكيد هنالك تحميل للحجاج السودانيين رسوماً واتاوات غير مبررة ولذلك تضاعف المبلغ بصورة خيالية والدليل على ذلك واذا قمنا بعملية حسابية بسيطة على تذكرة السفر عبر الطيران او البواخر للحاج الواحد ثم خصمنا تكلفة التذكرة ذهابا واياباً فإن المبلغ المتبقي من جملة التكلفة التي اعلنتها وزارة الارشاد لا يمكن ان يكون لمقابلة الاكل والشرب والسكن والترحيل . اذن هنالك تحميل بما يفهم منه انه فرض الكثير من المشقة والرهق على جيب الحاج السوداني استناداً الى رغبته الاكيدة والصادقة في تأدية شعيرة الحج طلباً لرضوان الله فهل يجوز شرعاً ان يرهق الحاكم ضيوف الرحمن ،ان يسهل عليهم ويشاركهم طلب رضوان الله ؟ ان المملكة العربية السعودية ومن ورائها خادم الحرمين الشريفين لا تنفك تعمل كل ما من شأنه توفير الراحة لحجاج بيت الله الحرام حتى ان سفارة المملكة بالسودان سمعنا انها لا تأخذ رسوماً على منح تأشيرة الدخول للحجاج ومن الواضح ان حكومة خادم الحرمين الشريفين تنطلق من دواعي إيمانية وإسلامية في تعاملها مع الحجاج في موسم الحج ولذلك تسهل عليهم ولا تشق عليهم، وهذا ما تفتقده بعض حكومات الدول العربية التي يبدو بحسب الدلائل والمؤشرات ان الكثير منها اصبحت تترصد موسم الحج لتتكسب منه دون واعز من دين او ايمان وتفرض على الراغبين من مواطنيها رسوماً ما انزل الله بها من سلطان . وبالنظر الى ما كشفه العالمون ببواطن الامور فإن الوفود الرسمية والبعثات الحكومية والامراء المفوجين والاطقم الرسمية كل هذه الجحافل التي كانت تحج وتأكل وتشتري الهدايا على حساب ما يدفعه الحجاج من رسوم غير منطقية واتاوات لمختلف الجهات والمسميات الحكومية ...هذه السلوكيات وانماط الصرف ما تزال سارية بحسب ما اشار الى ذلك في مقاله بالامس المدير العام السابق لهيئة الاوقاف ، اذن هنالك تحميل للحاج السوداني فوق طاقته بحيث يدفع وهو يعلم انه لا يمكن ان يصرف هذا المبلغ الكبير في ايام معدودات هي ايام الحج وانما يدفع لأن وزارة الارشاد قررت ان الحج هذا العام يكلف اضعافاً مضاعفة عن الحج في العام الماضي. والسؤال هو ما الذي جد ؟ هل فرضت حكومة خادم الحرمين الشريفين اجراءات تقشفية بحيث رفعت يدها عن تقديم الخدمات لضيوف الرحمن ؟ هل فرضت المملكة السعودية على الحجيج السوداني ان يسكنوا في فنادق خمسة نجوم وهم الذين جاءوا من كل فج عميق ليغبروا اقدامهم في سبيل الله طمعاً في نيل رضوانه وإيماناً منهم بقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) . ثم ان الحجاج السودانيين الذين اصبحوا تحت رحمة القرارات الحكومية التي تفرض عليهم دفع الرسوم اجباراً او فقدان الفرصة في الحج يعلمون تماماً ان ما يدفعونه للبعثات الرسمية لا يجدون مقابله خدمات محترمة ومن المهم ان تتذكر وزارة الارشاد قصص ومآسي حجاج بيت الله التي يحكونها بعد انقضاء ايام الحج وهي قصص يندي لها الجبين وتتكرر كل عام وسيكون للموسم الحالي نصيبه من القصص ذلك انه ما اؤخذ مال بطريقة مدغمسة الا ومحقه الله. وكانت ثمرته ان يعود على المتورطين فيه بالسمعة السيئة والاحاديث المنشورة في الآفاق عن حكايات ومعاناة حجاج بيت الله الحرام بعد ان دفعوا ما يعتقدون انه مال بذلوه لله رب العالمين . نسأل الله السلامة .