رغم المخاوف التي بعث بها الوضع المتأزم بين السودان وجنوب السودان مطلع ابريل المنصرم، تقول قمة الرؤساء والحكام الافارقة التاسعة عشرة المنعقدة في اديس ابابا هذه الايام، ان الأزمة فى مالى هي الاخطر من بين الأزمات التى تشهدها أفريقيا حاليا هذا ما قاله رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى جان بينغ، قبل ان يضيف اليها رئيس الدورة الحالية لمجلس السلم والأمن الأفريقى الاوضاع فى نيجيريا التى تعانى عنفا متزايدا يهدد استقرار المنطقة برمتها، ليجد قادة القارة السمراء في قمتهم العادية المقررة لاستكمال النقاش حول تعزيز التجارة بين دول القارة انفسهم امام أزمات كان مسرحها دول القارة في الستة اشهر التي خلت. ورغم ان قمة نيروبي يناير الماضي كانت قد اختتمت اعمالها بترحيل موضوع التجارة وانتخابات رئيس للمفوضية، لان ملفات الأمن والبحث عن حلول لنزاعات القارة زاحمتها.ها هي المسألة تتكرر ثانية على ما يبدو فقد شهدت جلسات قمة مجلس السلم والامن للاتحاد الافريقي بحث الأزمة بدولة مالي التي وصفها رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ بانها الاسوأ في القارة حاليا، واضاف «لا مجال للشك في ان الوضع في مالي من اخطر الأزمات التي تواجهها قارتنا» ، قبل ان يضيف ان شمال البلاد بات تحت سيطرة حركات اسلامية مسلحة، محذرا من استمرار الامر دون وضع حد للأزمة، وقال «استمرارها يشكل خطرا حقيقيا على ديمومة الدولة المالية والاستقرار والامن الاقليميين» مؤكدا ان «المبادئ على المحك، سواء كانت صيانة وحدة وسيادة البلاد او رفض الارهاب والتغييرات الحكومية المناهضة للدستور، تمثل اهمية اساسية بالنسبة للقارة». لكن طاولة قمة السلم والامن لم يقتصر فيها النقاش حول الاوضاع بمالي المأزومة ليقفز الي التوترات بين السودان وجنوب السودان بحضور رئيسي البلدين وتقديمهما تقريرين احاطا بهما اعضاء الدول الخمس عشرة الممثلة لمجلس الامن والسلم، اتفقوا في خطاباتهم ان لامفر سوي الجوار الحسن والحدود الآمنة بينهما، واكد الرئيسان دعمهما لعملية التفاوض الجارية حالياً بين الجانبين قبل ان يعلن الرئيس البشير ان «ما توصل اليه وفدا السودان وجنوب السودان للتفاوض يصلح لارساء نهج استراتيجي يحكم العملية التفاوضية ويتجاوز بها الاطار الضيق من ازالة التوتر الى افق التعاون الايجابي الكامل». الامر الذي اكده نظيرة الجنوبي سلفا كير ميارديت واضاف ان الجانبين توصلا في المفاوضات الاخيرة الي اتباع استراتيجية جديدة، وزاد اتفق الطرفان علي تطبيقها مضيفا انهم بعد تواجدهم في اديس ابابا اتفقوا علي تحويلها الي اتفاقية شاملة مع الوفد السوداني يتم تطبيقها وفق ضمانات من كل طرف. لكن رغم تلميح الرئيسين عن اقترابهما من توقيع اتفاق للمناطق العازلة لم تخلُ خطاباتهما من الاتهامات المتبادلة التي ظلا يتبادلانها منذ يوليو 2011 موعد انفصال الدولتين، ففي الوقت الذي يري فيه السودان مطالب الجنوب بالذهاب الي التأجيل بمثابة عرقلة التفاوض كما جاء بخطاب البشير، تقول جوبا علي لسان ميارديت ان الخرطوم لازالت تضع شروطا للتفاوض وترفض سحب قواتها، الا ان الاخير اكد علي ان وفد بلاده حريص علي امن الحدود وجاء من اجل تنفيذ الاتفاق الخاص بها، كاشفا عن مباحثات تجري بين الجانبين بخصوص ابيي من اجل التوصل الي اتفاقية تتيح اجراء تقرير مصير لمواطني ابيي، قال ميارديت انه سيكون بعد عام من توقيع كافة الاتفاقات بين الجانبين، وطالب مجلس الامن والاتحاد الافريقي لدعم الاتفاقات ، وتابع من غير دعمها لا يمكننا الاتفاق، وقال ان وفد بلاده المفاوض يعمل علي التوصل الي اتفاق ضخ النفط وانتاجه عبر السودان. البشير قابل حديث سلفا كير بالتأكيد علي أن «السودان التزم بوقف الاعمال العدائية وبما ورد في وثيقتي خريطة الطريق للاتحاد الافريقي وقرار مجلس الأمن من التزامات في المجال الأمني، فضلا عن التزامه بحسن النية والتفاوض». قبل ان يضيف «حكومة السودان شاركت بوفود على مستوى رفيع في كل جولات التفاوض التي بدأت في 29 أيار 2012 وفي كل لجان وآليات التفاوض بدءا بالفريق القيادي للمفاوضات ومرورا باللجنة السياسية الأمنية المشتركة واللجنة الاشرافية لأبيي ولجنة الحدود». وان اختلف الطرفان في العديد من الملفات المتنازع حولها الا ان البشير وسلفا اكدا علي ثقتهما في الجهود التي يبذلها الفريق عالي المستوى التابع للاتحاد الافريقي برئاسة ثامبو أمبيكي في سبيل ايجاد تسوية سلمية دائمة للمسائل الخلافية بين السودان وجنوب السودان، مبينين أن هذه الجهود تؤكد قدرة واحقية القارة الافريقية في مباشرة مشاكلها ونزاعاتها وايجاد التسويات لها». لكن حديث رئيس المفوضية جان بينغ كشف عن تقدم «بطئ ومتفاوت» في تطبيق «خارطة الطريق» التي اعدها الاتحاد الافريقي من اجل ايجاد حل للتوتر المستمر بين السودان وجنوب السودان منذ انقسام السودان والذي ادى الى معارك عنيفة عند حدودهما المشتركة، وتابع بينغ «لكنني الاحظ بكثير من الارتياح ما اكده البلدان مؤخرا من صدق ارادتهما حول العودة الى روح الشراكة في مفاوضاتهما» بهدف «انهائها في المهلة المحددة». حديث الرئيس السودانى عمر البشير ومن بعده غريمه رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير فتح الباب للامال ان تنطلق من عقالها نحو تحقيق تقدم حقيقي وملموس في القضايا العالقة بين البلدين، ورغم أنهما نالا اشادة الاتحاد الأفريقى لقبولهما الجلوس للتفاوض، كان التباطؤ والتأخير في حسم الملفات هو محل قلق الافارقة، لكن ان كانت ملفات الامن في الدول الافريقية هي بداية ملمات الزعماء في القارة السمراء يبقى السؤال الأكبر هل يفلح الأفارقة فى كتابة روشتة تعالج مشاكل القارة السمراء؟.