رغم مضي اكثر من عام على قرار مجلس الوزراء القاضي بانشاء ولايتي شرق ووسط دارفور، وانقضاء ستة اشهر كذلك على تشكيل حكومتي الولايتين، فإن مواطني الاجزاء المقتطعة من غرب وجنوب الاقليم المضطرب منذ 2003، يقولون بانه لا يوجد حتى الآن تغيير ملموس على صعيد الاوضاع التي يعايشونها، مشيرين الى ان ما تغير فقط هو وضع هذه المناطق واللافتات الدالة على ان محليتي «زالنجي» و «الضعين» تم ترفيعهما الى ولايتين قائمتين بذاتهما ، وبدا مواطنون متشائمين من مستقبل الولايتين الوليدتين رغم تأكيدات حكومتيهما والمركز على ان هناك ثمة تغيير ايجابي قد حدث وان وسط وشرق دارفور موعودتان بمستقبل جيد. وكان لغط وجدل كثيفان قد اعقبا قرار مجلس الوزراء الذي قضى في منتصف العام الماضي بانشاء ولايتي شرق ووسط دارفور، وتباينت وقتها وجهات النظر بين الكثير من المواطنين والمراقبين مابين الرفض والتأييد لتلك الخطوة، ففي الوقت الذي ابدى البعض تفاعله مع تلك القرارات باعتبارها هدفت لتقصير الظل الاداري وتمكين حكومات الولايات الحديثة من السيطرة الامنية عليها، ذهب البعض الآخر للقول الى ان تلك القرارات ما هي سوى تمهيد لتقسيم الاقليم على اسس ومعايير اثنية. وما بين وجهتي النظر المتباينتين وقفت وقتها الحكومة في منطقة وسطى، حيث اعتبرت ان القرار جاء انفاذا لبنود اتفاقية الدوحة ومخرجات مؤتمر اهل دارفور الذي انعقد بكنانة وهو الامر الذي قابله مراقبون بتشكيك مرجعين تعجل الحكومة في اصدار قرار انشاء الولايتين سدا للباب امام قيام استفتاء تم تضمينه في ذات الاتفاقية التي اتكأت عليها الحكومة في قرارها، استفتاء يهدف لمعرفة آراء مواطني دارفور حول خياري استمرار نظام الولايات او العودة للاقليم الواحد. كل هذا التباين في الآراء طوته الايام بعد ان مضت الحكومة في انفاذ قرارها الذي قضى بولادة ولايتي شرق ووسط من رحم ولايتي غرب وجنوب دارفور، غير ان مواطنين في الولايتين يقولون ل(اصحافة) ان واقعهم لم يشهد تغييرا ملموسا مشيرين الى ان الاوضاع ظلت تشهد تدهورا كبيرا على الاصعدة كافة معتبرين ان التوقيت الذي خرجت فيه الولايتان الى الوجود لم يأت ملائما وموفقا، وهذا ما يشير اليه معلم اساس بولاية شرق دارفور والذي يرى ان تركيز الحكومة على البعدين السياسي والاثني الناتجين من انشاء الولايتين غيب عن صناع القرار القراءة المستقبلية لاوضاع البلاد الاقتصادية ويشير الرجل الذي فضل حجب هويته في حديث هاتفي مع (الصحافة) الى ان المواطنين اصيبوا بخيبة أمل الآن بعد ان لامست اشواقهم عنان السماء عقب قرار تكوين الولايتين وقال: الاوضاع كانت افضل بالمنطقة مما عليه الآن وعلى الاقل احساس محلية كان يختلف كليا عن ولاية وذلك لأن اخافاقات المحلية في الضروريات امر طبيعي ولكن عجز ولاية في ذات الاساسيات له مؤشرات سالبة وفي ظل الاوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تشهدها البلاد لا اعتقد ان هناك ثمة ضوء في آخر النفق. الولايتان يبلغ مجموع محلياتهما 17 وعدد دستوريهما 60 ولكنهما لم تشهدا جديدا على الاصعدة كافة حسبما يشير مواطنون بل حتى على صعيد البني التحتية المتعلقة بمقار الحكومتين حيث تم تحويل مباني محليتي زالنجي والضعين الى مقرين لامانتي الحكومتين، وتدير الوزارات اعمالها من مبان بائسة كانت تحتضن ادارات المحليتين فيما لجأت الحكومتان الى ايجار منازل لبعض المرافق والعدد الكبير للمحليات والدستوريين والاموال التي تصرف على ايجار وصيانة المقار الحكومية تمثل في نظر البعض اعباء ومنصرفات على حساب خدمات المواطن الاساسية، ولعدم وجود مبان حكومية او امكانيات لتشييدها لم يعقد مجلسا الولايتين التشريعيان جلسة حتى الآن للقيام بادواره الرقابية والتشريعية. وازاء كل ذلك تشير الناشطة السياسية بولاية وسط دارفور سلمى الطاهر ادريس موسى الى ان المواطن لم يحصد شيئا من انشاء الولاية، وتؤكد في حديث هاتفي مع (الصحافة) الى ان الخدمات قبل انشاء ولاية وسط دارفور كانت افضل، بيد انها شهدت تدهورا كبيرا خاصة في الكهرباء والمياه على اثر ازمة الوقود الاخيرة على حد قولها، واضافت: عندما كانت محلية كان التيار الكهربائي يستمر من منتصف النهار الى الساعة الاولى من اليوم التالي، ولكن مؤخرا اقتصر على ساعات معدودة تبدأ من السابعة مساء الى الواحدة صباحا، وكشفت الناشطة السياسية عن استياء كبير يتملك المواطنين الذين قالت انهم توقعوا وضعا افضل بعد انشاء الولاية معربة عن تشاؤمها من قدرة حكومة الولاية في تحسين الواقع . ورغم حالة الاحباط التي تملكت مواطني الولايتين، الا ان هناك من يرى ان ولايتي شرق ووسط دارفور ما تزالان في مراحلهما الاولى ولم تبارحا بعد محطة التأسيس ومن هؤلاء والي ولاية وسط دارفور المهندس يوسف تبن الذي اكد أن المرحلة القادمة ستشهد التركيز على تمكين مشروعات التنمية وإنزال كافة برامجها وخططها لأرض الواقع في شتى المجالات بجانب الاستغلال الأمثل للموارد للنهوض بالبنيات الأساسية للولاية بما ينصب في مصلحة خدمة المواطنين. ويعتبر مراقبون ان تزامن انشاء الولايتين مع الازمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد اثرت سلبا على برامج الحكومتين، مشيرين الى ان تأسيس بنية تحتية للحكومتين سيؤثر سلبا على التنمية وخدمات المواطنين، غير ان هؤلاء توقعوا ان تشهد الولايتان تطورا جيدا في المستقبل، وهذا مايشير اليه المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر الذي يؤكد في حديث هاتفي مع (الصحافة) امتلاك الولايتين امكانيات ضخمة اذا تم استغلالها يمكنها ان تسهم في تغيير واقع المواطنين الى الافضل، وقال ان عدم ايفاء المركز بالتزاماته تجاه الولايتين لم يحل دون تدفق الدعم من الحكومة القطرية. الا ان معتمد شؤون الرئاسة بحكومة ولاية شرق دارفور الزين الصافي يعترف بعدم تقديمهم جديداً للمواطنين ويشير في حديث هاتفي مع (الصحافة) الى ان ترقية الخدمات واندياح التنمية مقرونان بتوفر الامكانيات المادية التي اكد افتقار حكومة ولايته لها، مقرا بضعف الخدمات المقدمة للمواطنين الذين كشف عن معاناتهم في الصحة والتعليم ومياه الشرب، مبينا ان معاناتهم ستستمر في ظل الازمة الاقتصادية، الا انه اكد سعي الحكومة لتنفيذ العديد من البرامج التنموية والخدمية رغم ضعف الامكانيات . ويعود المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر ليرهن تطور الولايتين بتوفير المركز للبنية التحتية ومدخلات الانتاج الزراعي والحيواني والتركيز على استتباب الامن. وقال ان دارفور بصفة عامة تعاني بصورة واضحة في البنية التحتية والخدمات مجددا التأكيد على ان ثمة مستقبل جيد ينتظر الولايتين الوليدتين.