اضحى جوزيف كوني زعيم جيش الرب اليوغندي في صدارة قائمة اشهر المطاردين في العالم، وربما تفوق على زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، قبيل مقتله، بدرجات، فقد خصصت «4» دول افريقية فضلا عن الولاياتالمتحدةالامريكية والاتحاد الافريقي قوات خاصة للقبض على كوني حيا او ميتا، وهو الامر الذي يبرر جرأة الرئيس اليوغندي يوري موسفيني في اعلان ان قواته ستقتل قائد جيش الرب فور القبض عليه، ولن تسلمه لينعم بفنادق «لاهاي»، مقر المحكمة الجنائية الدولية، والتي تطالب بجلبه هو ايضا منذ العام «2005» بتهم تتعلق بجرائم حرب. دوخ متمردو جيش الرب معظم دول وسط وشرق افريقيا طوال عقدين، وراح ضحية اعمالهم الاجرامية الاف القرويين والاطفال، ومرت على قوات الحركة التي أسسها جوزيف كوني لقلب نظام الحكم في يوغندا واقامة دولة مسيحية تحكم بالانجيل والوصايا العشر، كثيرا من المتغيرات والتحالفات لكن زعيمها كوني ظل يعتنق ما يصفها خصومه برؤية شيطانية مرتبطة بالأرواح والسلطة، ويتهمونه باستخدامها لتجييش أتباعه بعقيدة ماورائية، لكن الثابت ان قائد جيش الرب يدّعي أنه يستمع للأرواح، وهي التي تعطيه الأوامر وينقلها لأتباعه، لكن ذلك ليس كل الحقيقة حسبما يؤكد ،القنصل السوداني السابق في يوغندا، فابناء قبيلة الاشولي في الشمال اليوغندي يحملون مرارات من النظام الحاكم في كمبالا، تزيد من فرص صمود «كوني» اكثر، ويتابع العقيد امن «م» عثمان أحمد حسن بالاشارة الى سمات قائد جيش الرب فيقول ان جوزيف كوني، فضلا عن القبول الشعبي، يتمتع بذكاء فطري حاد مكنه من الصمود واستغلال كل العوامل والمتغيرات في المنطقة للبقاء حتى الان، واشار العقيد امن «م» عثمان أحمد حسن ان جيش كوني دأب على استخدام تكتيكات متقدمة للغاية، وتوظيف المعتقدات الافريقية في ظواهر الطبيعة مثل الرعد والمطر والنحل، فضلا عن اساليب وحشية في الانتقام جعلت من المستحيل كشف تحركاته، واضاف « والى هذا يحظى كوني بزعامة روحية لا يمكن معاداتها في مناطق شمال يوغندا». وقد يفسر هذا عدم نجاح الحملة الدولية للقبض على كوني في مهمتها، فالقوات الضاربة التي تتشكل من نحو «10»آلاف جندي بقيادة قوة امريكية خاصة لتنسيق الاستخبارات والمهام والاتصالات، قوامها «100» خبير، لم تصطد حتى الان غير بعض من افراد جيش الرب، الذي يجوب الان في مجموعات صغيرة منطقة الغابات الكثيفة بين حدود كلا من يوغندا والجنوب والكونغو وافريقيا الوسطي، وربما دعا هذا الفشل الحكومة اليوغندية الى اتهام «السودان» بايواء كوني في اراضيه وهي الدعاوى التي تنكرها «الخرطوم» بشدة، لكن ذلك لم يحل من ان يكون «كوني» مصدرا دائما للغط بين المسئولين الحكوميين في يوغندا والسودان وجنوب السودان، وان تسببت المسألة في خلق اجواء عدائية بين الخرطوم وكمبالا التي تصر على ان السودان لازال يدعم «كوني». وهي الاتهامات التي يري القنصل السوداني السابق في يوغندا بانها غير صحيحة، مشيرا الى التعاون الذي ابدته الخرطوم مع «كمبالا» من اجل القضاء على جيش الرب، رغم انه لم يثمر لعدم جدية يوغندا في خوض المواجهة مع كوني. واوضح العقيد امن «م» عثمان أحمد حسن ان « الخرطوم» فتحت حدودها ليوغندا في العام 2002 عقب توقيع البرتكول العسكري بين البلدين، على مدى «3» اعوام من اجل مطاردة كوني وجيشه، الا ان القوات اليوغندية لم تخض معركة واحدة مع كوني، ولم تستغل المساحات التي منحتها الخرطوم، وهو الامر الذي يرجعه الى عدم رغبة الحكومة اليوغندية في القضاء على جيش الرب، املا في ان يظل نشاطه مصدرا لجلب الدعم والاموال بحجة مكافحة الارهاب، ويتابع القنصل السوداني السابق في يوغندا « كما ان موسفيني لا يرغب في حدوث استقرار ببلاده يجلب بحث قضايا يخشاها مثل الحريات والديمقراطية وتداول السلطة». لكن كيف حول ابن القس « لويغي أبول» حركة التمرد المسيحية الأوغندية المسلحة، والتي ارست جذورها « أليس لاكوينا» في الثمانينيات للاطاحة بالحكومة الأوغندية لما تمارسه من ظلم وجور ضد شعب الأشولي، الى مجموعة عسكرية تعمل بكل وحشية على اقامة نظام ثيوقراطي يتأسس على العهد الجديد والوصايا العشر، ولماذا تغيرت شخصية « كوني» الفاعل والمتميز بين الفتيان في رحاب الكنيسة الكاثوليكية، ليصبح شيطانا في عيون العالم؟، هذه التحولات في نظر سياسي مخضرم «فضل حجب هويته» مفهومة في ظل تركيبة الحكم في الدولة الافريقية، فالنظام اليوغندي حسبما يشير لا ينفصل في طبيعة حكمه ووسائل سيطرته على البلاد عن جيرانه الافارقة، ولذا فان القمع الشديد لاحتجاجات قبيلة الاشولي بقيادة « اليس» ،اول الامر، ادى لان تنهض مرة اخرى بشكل اكثر عنفا ووحشية على يد جوزيف كوني، غير ان السياسي المخضرم اشار الى وجود عوامل اقليمية اخرى مؤثرة على التحولات داخل شخصية كوني وجيشه، ومنها الحروب في المنطقة وتشابك الحدود وتوزع القبائل بين الدول الافريقية الاربع التي يتخذها مسرحا لتحركاته. السؤال الاكثر طرقا الان هو اين قائد جيش الرب اليوغندي؟، تنتشر حول مصير «كوني» في وسائل الاعلان الاقليمية والدولية روايات مختلفة احداها ان الرجل غادر يوغندا منذ «2006»، واخرى تؤكد انه مات قبل خمسة أعوام واضحت عظامه رميما في الاحراش، لكن الحقيقة بشأن ابن القس الذي اصبح مجرما مطاردا على نطاق العالم لم تتضح حتى الان، وقد تسفر الجهود الاقليمية الدولية عن الكشف عنها، ان تم تسليمه حيا الى «لاهاي» وربما لا، بخاصة ان نفذ موسيفيني تعهداته بشأن دفنه حياً. . !؟