نجحت حملة التهريج كالعادة فى ارهاب المؤتمر الوطنى وبدأ التراجع، وتلك اول علامات الهزيمة. لماذا يرتعب حزب حاكم من اصوات حفنة من المتطرفين يوقدون نار الحرب كلما اطفأها الله!!.هل يمسكون عليه ذلة؟.هذا الارتعاب الواضح يربك تصريحات قادة الحزب بطريقة تضر بصورتهم ، فإما ان يكونوا غير ملمين بخطوات وحسابات حزبهم او انهم يعلمون ويسعون لتضليل الرأى العام وكلا الامرين مضران بصورتهم. لنقرأ تصريحات قادة الحزب اليومين الماضيين لنرى مايعانية الحزب من تضارب فى المواقف.الدكتور كمال عبيد الذى قاد وفد الحكومة المفاوض لاديس ابابا اخيرا بعد تكليفه بملف التفاوض مع قطاع الشمال قال فى تصريحات امس الاول ( ان الاتفاقيات التى وقعت المتعلقة بالشؤون الانسانية سيتم تنفيذها مع الجامعة العربية والاتحاد الافريقى). تفادى الدكتور ذكر الحركة الشعبية قطاع الشمال وهو الجهة التى يفترض توقيع الاتفاق معها. الدكتور كمال فى تصريحات سابقة قال انه لن يتم اتفاق الا بالمشاروة مع اطراف عديدة من الاحزاب والمجتمع المدنى والعلماء!!. انه الخوف وحده من المنابر المتطرفة.لماذا لايتم اشراك هؤلاء فى العملية التفاوضية بدلا من مشاورتهم؟ انها محاولة استرضاء جماعات معينة حتى لاتصب جام غضبها على المفاوضين ولكن هذه المحاولة ستبوء بالفشل. فى منحى اخر، قال الاستاذ ياسر يوسف نائب الامين العام للمؤتمر الوطنى فى تصريات نشرت امس ( انهم لايعترفون بمايسمى بقطاع الشمال) وان وجود السيد ياسر عرمان فى اديس ابابا (شأن يخصة).كثيرا مايعجبنى اداء شباب المؤتمر الوطنى الطالع والمتحدثون الجدد باسمة وخاصة دكتور بدر الدين ونزار حامد وياسريوسف.على ان تخبط الموقف السياسى كثيرا مايوقعهم فى متاهات عدم الاتساق مع الحقائق الجارية فى الساحة.مثلا لابد ان الاخ ياسر على علم بمحتويات قرار مجلس الامن رقم 2046 الذى وافقت عليه الحكومة وتحت سقفه او ضغطه جرت المفاوضات فى اديس ابابا . هذا القرار ينص فى الفقرة الرابعة منه على الاتى ( أن تقيم حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال تعاونا كاملا مع فريق الاتحاد الأفريقي ورئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية بغية التوصل إلى تسوية عن طريق المفاوضات على أساس الاتفاق الإطاري بشأن الشراكة السياسية المبرم في 82 يونيو 2011 بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال والترتيبات السياسية والأمنية المتعلقة بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.).اذن الحقيقة ان الحكومة تجرى تفاوضا ليس مع الشياطين بل مع قطاع الشمال والسيد ياسر عرمان هو رئيس الوفد المفاوض. هذه هى حقائق السياسة لاعلاقة لها بما نكره او نحب او (يفقع مرارتنا) ولايمكن انكارها بغرض ارضاء متطرفين يفضلون استمرار الحرب على اية عملية سلام.يمكن للحكومة او اية جهة ان تدعى انها تفاوض جهة لاتعترف بها ولكن لايمكنها انكار ان هناك مفاوضات جارية معها تحت بصر العالم وهو ينظر للمتفاوضين يتحلقون حول الطاولة امام الكاميرات.!! دعونا ننظر لصورة الحزب من جانب اخر.استاذن صديقى ضياء بلال فى نشر جزء من حواره المميز مع دكتور نافع على نافع قبل يومين لكى يتضح موقف الحزب والمأزق الذى يعانية.وسأعود للتعليق على الحوار غدا ان شاء الله. التفاوض الذي يجري في أديس هو بمثابة اعتراف ضمني بخطأ الحكومة بإلغاء اتفاق (نافع عقار)؟ من المنطق النظر إلى أي قرار في الظرف الذي تم فيه، والذي يربط بين رفض الاتفاق الإطاري مع الحركة الشعبية في ذلك الوقت والآن، إن القرارين صدرا من مؤسسة الحزب من المكتب القيادي، إذاً مادام أن القرار مؤسسي ومهما كانت مؤثرات الظرف على هذه الحيثيات أنا أفتكر أن هذا المنهج مقبول جداً وليس من حرج، أن يتخذ المكتب القيادي قراراً في وقت ما بما بدا له منطق ومبررات، ومن حق أي مؤسسة أن تراجع قراراتها وقت ما تأكد لها وجود مبررات. الواضح للجميع أن قرار مجلس الأمن هو الأساس في قبولكم الحوار مع قطاع الشمال؟ بالتأكيد ليس هو الأساس، لدينا قناعة بضرورة الحوار السياسي مهما كانت الإشكالات المتعلقة بذلك، لأن القضية السياسية لن تنتهي إلا باتفاق سياسي، حتى ولو كان اتفاق (إذعان)، وأنا أذكرك بأن التناول الإعلامي والسياسي لقرار المكتب القيادي برفضه للاتفاق الإطاري كان يشير بوضوح إلى أن هنالك تياراً كبيراً وسط السياسيين يقول إن الحوار ضرورة لابد منها،الرجوع إلى الحوار حول قضية المنطقتين في هذا الظرف منطقي جداً ، على الرغم من أن حركة التمرد ضعيفة جداً في النيل الأزرق وجنوب كردفان لكن الوصول إلى اتفاق سياسي.. ينهي الحرب ويحقق السلام. ذات الجهات التي قامت بنسف اتفاق (نافع-عقار) هي الآن تنشط لنسف الحواربين (كمال عبيد وعرمان). قطعاً بعض المنابر التي عارضت الاتفاق الإطاري هي تعارض بذات الشدة الحوار الذي يدور الآن، لكن هذا الحوار لن يتوقف بالرأي العام وبأثر هذه المنابر، وهو الآن محصن بموافقة المكتب القيادي ، وكل القوى السياسية الأخرى، بجانب أبناء المنطقتين، ولذلك أنا أعتقد أن هذا الحوار لن ينسف بضغوط من بعض المنابر التي نأمل أن تتضح لها الرؤية بأن الخير كله في الاتفاق السياسي.