اتجاه بعض الممثلين إلى الاعلانات، ظاهرة أطلت في الساحة الفنية وأصبحت الشغل الشاغل للبعض. الظاهرة ليست بدعة سودانية ولها جذورها وأصولها في الساحة العربية والعالمية وفي الوطن العربي، نجمات تتسابق الشركات للظفر بهن للترويج لمنتجاتها ولكن في العالم العربي هناك عطاء موازي ولم نجد للاعلانات فقط فنانسي عجرم واليسا وعمرو دياب لهم أعمالهم الفنية وشغلهم في الساحة الفنية وتكون المشاركة في الاعلانات (زيادة خير)، والأهم من ذلك أن المشاركة لا تتم في أي إعلان فلا يمكن أن يروج عمرو دياب لزبدة أو طحنية ولا يمكن أن تروج نانسي واليسا (للسمن البلدي)!! ومشاركة النجوم في الاعلانات تكون لماركات عالمية وبأسعار دولارية باهظة ورغم ذلك فإن هناك العديد من النجوم يرفض أن يشارك في الترويج والإعلان للشركات باعتبار أن مهمة الفنان هي التعبير عن هموم الناس وليس أن يتحول إلى أداة لبعض الشركات والمصانع. في السودان اتجه العديد من النجوم للترويج للشركات والمشاركة في البرامج الاعلانية بلا رؤية ولا فهم وفي وقت انحسرت فيه الدراما السودانية نجد أن العديد من الممثلين وجدوا ضالتهم في البرامج الاعلانية يستخدمون كل طاقاتهم الابداعية في الاعلانات، طاقات لو استخدموها في أعمالهم الدرامية لما وصلت الدراما السودانية لهذا الدرك السحيق. أحزن كثيراً لحال الممثل جمال حسن سعيد يمثل أحد أهم نجوم الدراما عندنا موهبة فطرية وخفة دم وقدرة عالية على الابداع هذا الممثل تحول إلى مروج لسلع الشركات ما أن يدخل في باب إعلان إلا ويخرج من شباك إعلاني آخر! وكأنه تحول إلى فتى الإعلانات الأول!! مثل هذه الأساليب تفقد الفنان المصداقية كيف يصدق الجمهور، الفنان وهو يروج في الصباح والمساء لكل المنتجات! الفنان الذكي هو الذي يرسم خارطة طريق لمشواره الابداعي ولا يقدم المادة على المكاسب المعنوية لأن الفنان الذي يسقط في بورصة الجمهور لن تنفعه ملايين الشركات. الفن مصداقية ومباديء واحترام للجمهور وليس لهاثاً نحو الربح المادي والاعلانات. وكما أضرت الاعلانات بالممثل الموهوب محمد المهدي الفادني ها هي تضر بجمال حسن سعيد وآخرين ولجوا إلى باب الاعلانات بلا رؤية. في ظل عدم وجود مؤسسات فنية توعي الفنانين وتنير لهم الطريق يحدث هذا الوضع الذي أصبح خصماً على الحياة الفنية بأثرها والمطلوب من الفنان أن يكون واعياً ومدركاً لرسالة الفن ومتجرداً لخدمة الأهداف النبيلة السامية للفن. وأن لا يغامر باسمه وتاريخه من أجل حفنة جنيهات لا تغني ولا تثمن من جوع. المطلوب من جمال حسن سعيد واخوانه العودة إلى ابداعهم وترك هذه الاعلانات الهباب من أجل المشاهد ومن أجل فنهم. [email protected]
