السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متفرقات
نشر في الصحافة يوم 12 - 08 - 2012

المقاهي بكسلا: دور يتجاوز تقديم الشاي والقهوة
حامد إبراهيم
تنتشر المقاهي بمدينة كسلا بصورة مثيرة للاهتمام حتى يخيل لمن يزور المدينة للمرة الأولى أنها مدينة للمقاهي، فبين كل مقهى ومقهى يوجد مقهى، وتتكاثر هذه المقاهي وتزداد عدداً وعتاداً في أمسيات شهر رمضان المعظم الذي نتنسم نفحاته هذه الأيام، وكلها لها رواد وزبائن وسوقها ماشي، وتدر دخلا معقولا على أصحابها والعاملين عليها، مما يؤكد صحة المقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فهي بحق استثمار جيد للركود الاقتصادي والعطالة الحقيقية والمقنعة التي يعيشها إنسان كسلا في ظل غياب المنشآت الاقتصادية العملاقة التي بمقدورها استيعاب أعداد كبيرة من الأيدي العاملة والمشروعات المدرة للدخل. وفي ذات الوقت انعدام المواعين الثقافية والفنية التي يمكن أن تستوعب طاقات الشباب الفكرية والبدنية، مما يجعل غالبية سكان المدينة يعتمدون في معاشهم اليومي على ما يرسله أبناؤهم من منافي الاغتراب كما يقول الدكتور حسن يوسف من جامعة كسلا، ويضيف أن إنسان ولاية كسلا يكاد يعتمد في معاشه بصورة كبيرة على تحويلات المغتربين، المهم في الأمر أن هذه المقاهي تلعب دوراً خطيراً في تشكيل الرأي العام الكسلاوي تجاه القاضايا المختلفة، ولها دور يتجاوز مجرد تقديم الشاي أو القهوة «الجبنة»، فإذا أردت مثلاً أن تلم بآخر الأخبار السياسية ومعرفة سعر الدولار اليوم وحصيلة القتلى في سوريا، فما عليك إلا أن تدلف إلى أحد هذه المقاهي، ولا يكلفك الأمر سوى جنيه واحد هو ثمن الشاي أو القهوة الصغيرة «ثلاثة فناجين» ويمكن تقسيم هذه المقاهي من حيث مستوى الخدمات ونوعية الرواد إلى ثلاثة أنواع.. أولها المقاهي الراقية، والرقي هنا نسبي، ويتمثل في أن لها مبنى يأوى إليه الرواد، وبها كراسي يجلسون عليها وطاولات يضعون عليها فناجين القهوة أو أكواب الشاي، ورواد هذا النوع في غالبهم من الموظفين والعمال وشريحة الرياضيين، فما أن تدخل أحد من هذه المقاهي «قهوة المرحوم عم أحمد، قهوة العافية، منتدى الشباب لصاحبه شريف، مقهى الرياضيين لصاحبه العم محمود، مقهى أويتلا» وغيرها، حتى تشاهد وتسمع المناكفات بين الهلالاب والمريخاب، أو بين التاكاب نسبة إلى فريق التاكا الرياضي والميرغناب نسبة إلى فريق الميرغني وحتى بين أنصار برشلونة وغريمه ريال مدريد، كما لا تخلو جلساتهم من التطرق للأمور السياسية والاقتصادية والخدمية، وبعض هذه المقاهي يتخذ من أسطح البنايات والطوابق العلوية مقراً له، مستفيداً في ذلك من رخص إيجارات الطوابق العلوية مقارنة بالمتاجر السفلية التي شهدت أسعارها تصاعداً جنونياً في السنوات الماضية، كما أن بعضها مزود بصالات مشاهدة ثبتت عليها شاشات عملاقة. ومن رواد هذا النوع من المقاهي يحدثنا الأستاذ عبد العزيز مرشود موظف بأنه من رواد المقاهي وخاصة في الأمسيات، مضيفا أن ذلك برنامج ثابت ومفضل جداً بالنسبة له، لأنه يقضي فيه لحظات يخرج فيها من ضغوط العمل وهموم شؤون الأسرة، ويلتقي فيها بالأصدقاء والأحباب، ويجد في المقهي آخر أخبار البلد أو المدينة، ويشبعها نقاشا مع الأصدقاء، ويضيف أن ارتياد المقاهي بالنسبة له يعتبر متنفساً، وبالتالي يحرص كثيراً على أن يكون موجوداً فيها يوميا مهما كانت المشاغل خاصة في الأمسيات.
أما النوع الثاني فيتمثل في المقاهي الشعبية التي تتخذ من الفرندات وظلال الأشجار مقرا لها، وفيها يجلس الزبائن إما على البروش «جمع برش» أو على البنابر «جمع بنبر» في شكل حلقات، ومن هذا النوع نذكر قهوة أم الحفر. والمقاهي حول الموقف العام وروادها في الغالب من ساكني الأرياف، ويتم فيها تبادل المعلومات والأخبار والمنافع، وتعقد فيها الصفقات، وتناقش فيها شؤون القبائل، وتكون أحياناً ميدانا للعمل الاستخباري وترويج الشائعات ونقل المعلومات ذات الطابع الأمني، مما حدا بالجهات الأمنية أيام القطيعة بين السودان وإريتريا إلى أن تضيق على هذا النوع من المقاهي وتصادر أدوات العمل فيها. ومن رواد المقاهي الشعبية العمدة إدريس محمد حاج الذي أوضح أن الجلوس في المقهي برنامج مفضل بالنسبه له رغم تكلفته اليوميه، لأنه يتكفل بدفع ثمن القهوة أو الشاي الذي يقوم بطلبه لكل من يجالسه، وأحيانا يدفع حوالى ثلاثين جنيها في اليوم. ويضيف أن هذه الأشياء وهذه الأريحية لا تقيم بثمن.
وأخيراً هنالك مقاهي الآنسات «ستات الشاي» وهي تتفق مع النوع الثاني في الشكل وتختلف في نوعية الرواد، حيث يطغي على روادها عنصر الشباب، فتجدهم يجلسون في شكل قوس حول ملكتهم غير المتوجة ست الشاي وهؤلاء لا يميلون إلى الحوارات ذات الطابع العميق، ويتركز حديثهم غالباً على مواضيع سطحية الغرض منها لفت نظر السيدة ست الشاي وكسب ودها.. وكانت لهذا النوع من المقاهي في الماضي طقوس وأعراف غير مكتوبة، منها أن الزبون إذا اضطر لدفع مبلغ من الفئات الكبيرة فمن العيب أن يقف أمام ست الشاي منتظرا الباقي، وعليه أن يواصل سيره على طول مهما كانت فئة المبلغ المدفوع كبيرة، حتى لا يظهر أمام الحضور بمظهر الشخص البخيل، وقد اختفت الآن مثل هذه العادات نتيجة للضائقة المعيشية التي يعيشها الناس.
ويجمع بين كل هذه المقاهي أنها مكان للأنس الجميل وساحة للترويح عن النفس والخروج ولو مؤقتاً من دوامة الهموم الناتجة عن البطالة أو الفقر، وكل ذلك في ظل غياب دور الأندية الشبابية والثقافية، وعدم وجود مكتبات عامة، وانتشار ظاهرة العطالة الحقيقية والمقنعة، وركود الحياة السياسية والفنية الذي يعتري كل نواحي البلاد.
قاموس الرياضيين.. المفردات تغرد خارج السرب
الخرطوم: عبد الوهاب جمعة
منذ أن ابتكرت الألعاب الرياضية بهدف تعزيز التنافس الشريف بين مختلف الفرق الرياضية، لم تخرج الالعاب عن اطار قيم الإخاء والروح الرياضية بين المتنافسين، ولم تشذ ساحرة الالعاب واللعبة الشعبية الاولى في العالم عن تلك القواعد الرياضية، بيد أنه في الفترة الأخيرة باتت «المستديرة» تنحو نحو الخشونة والشطط في الرأي، واستعار معلقو الرياضة ومشجعو الفرق أسوأ ما في عبارات الحروب لوصف منافسيهم، وتوجهوا الى دنيا الحياة البرية مستخدمين عبارات الافتراس لاستئصال شأفة الآخرين.. «الصحافة» وقفت على تخوم معارك الرياضيين المتوثبين لافتراس شركائهم في لعبة كرة القدم.
قامت كرة القدم على قواعد ومبادئ التنافس الشريف واعلاء اخلاقيات الروح الرياضية التي تتقبل النصر والهزيمة بكل سهولة، وكانت معنية بتعزيز سبل التواصل بين الرياضيين وزيادة تناسق الاجساد واكتمال الاخلاق، على أن التحول الكبير في كرة القدم حدث عندما باتت لكرة القدم اقتصاديات تقوم بتعظيم الارباح دون النظر الى معاني قيم الرياضة الحميدة، وعززت حقوق البث والمشاهدة والاعلانات التجارية غلبة روح الحرب بين متنافسي الرياضة، وسرعان ما تلقف مشجعو الفرق القفاز من المراسلين الحربيين، ولم تعد للتنافس الرياضي قيمه، وصار كل المشجعين ينعتون أنديتهم بوصف القلعة، فتسمع معلقاً يذكر القلعة الحمراء او الزرقاء، وفي ذلك بداية الحرب، اذ يتخندق كل معلق ومشجع وراء أسوار قلعته منتظراً لحظة الانقضاض على الاعداء، بينما البعض الآخر يحلو له وصف فريق ناديه ب «الكتيبة» حشداً لها لسحق المنافسين، أو أن يصف رئيس ناديه بأنه «الكيماوي» في إشارة إلى قدرته على إبادة الخصوم بكل السبل بما فيها الأسلحة الجرثومية والكيميائية المحظورة عالمياً، وينقل البعض مسرح الحرب من البر الى البحر والجو ، فقد حول بعض المعلقين فريق هلال الساحل الى بحارة مارينز يواجهون ترسانة فريق الاهلي الذي يطلقون عليه الآرسنال، وطفق بعض المعلقين الصحافيين يستخدمون صفات الحرب وتكتيكاتها في معرض حديثهم عن مباريات الاندية، وتجد البعض يكتب في خطوط ومانشيتات اخبار الرياضة «المريخ في كامل جاهزيته لمنازلة الخرطوم الوطني بقلعته الحمراء»، ويبرز عنوان آخر «الحضري وساكواها يقودان الكتيبة الحمراء والجهاز الفني يطالب اللاعبين بالنصر ولجنة التعبئة تناشد» أو أن يكون المانشيت «الهلال أكمل جاهزيته للقاء»، و «البرير يجدد الثقة في الكتيبة الزرقاء»، والبعض يحلو له ان يكتب «أنصار النادي يعلنون التصدي للمندسين وأصحاب الأجندة».
والبعض الآخر من كتاب الاعمدة الصحفية الرياضية عندما استنفدوا قوى البشر توجهوا الى العالم السفلي .. حيث الجن والجان والمردة والشياطين، والبعض يحلو له وصف فريقه بالشياطين الحمر او الزرق، والبعض الآخر بات ينعت الفرق المنافسة لفريقه بأنها أسود الجبال كناية عن هلال كادوقلي او الذئاب ويقصدون بذلك الرابطة كوستي، أو أن الفريق الفلاني يغرق تماسيح النيل في إشارة الى هزيمة فريق النيل الحصاحيصا.
ويتلقف الجمهور المتعطش الى النصر تلك الرسائل المبطنة بالعنف ويزداد هيجانه، وينظر الى جمهور المنافسين على أنهم الاعداء، ويصفون أنفسهم وفريقهم بانهم الاخيار المصطفون، ويزداد تدفق هرمون الأدرنالين في عروق المشجعين عند لحظات التشجيع الأعمى، وستكون الكارثة ذات يوم فادحة الثمن. وفي الحقيقة هي حروب أولها كلام يقضي على نسيج المجتمع في لحظة جنون كروي.
ورحل مصطفى التماري واسطة عقد مدينة الأبيض
٭ الابيض مدينة عظيمة انجبت الكثير من العظماء كل في مجاله- انجبت الفاتح النور صاحب أول صحيفة ولائية وصاحب فكرة عيد الشجرة، وصاحب فكرة جامعة كردفان، ومن قبله الشاعر الفذ محمد عوض الكريم القرشي ورجال الحركة الوطنية حسن عبد القادر وميرغني حسين زاكي الدين. وأنجبت مصطفى حسن التماري المصرفي المتميز والرياضي المطبوع- نجم مجتمع الابيض في كل المجالات، اجتماعية- اقتصادية وسياسية- الذي رحل في الرابع من رمضان الحالي. فجعت مدينة الابيض برحيله المفاجيء وهبت عن بكرة أبيها لوداعه الحزين.
تميز المرحوم التماري بحسن الخلق والود وكرم الضيافة، مثلما تميز مهنياً فقد ظل مديراً لبنك الخرطوم في الابيض لفترة طويلة- شهدت الابيض في عهده ازدهاراً كبيراً وذلك لتجرده واخلاصه في عمله- بل كان مدرسة يحتذى بها في الشأن المصرفي ونموذجاً للمصرفي الذي لا يشق له غبار فقد كان نعم المنصح والمرشد لعملائه، سيما ان حركة ازدهار الصناعة في الابيض في الستينيات تمت في عهد ادارته لبنك الخرطوم فقد كان مستشاراً محايداً مخلصاً عفيف اليد واللسان، كذلك عمل رئيساً لنادي المريخ ما يقارب الاربعين عاماً، شهد النادي في عهده التفوق والصدارة على مستوى الابيض وخارجها وذلك بفضل حنكته وقدراته الادارية الفذة وحب الناس له، بل شهد عهده افضل فترات ازدهار الكرة بالابيض، نشطاً في كل مجالات العمل العام حتى بعد تقاعده عن العمل المصرفي والرياضي، فهو عضو مؤسس في مجلس جامعة كردفان وعضو لجنة التعليم ولجان تطوير الابيض وعضو متطوع بلا من ولا أذى في كل مناشط المدينة، وكان مبادراً وصاحب رأى ومساهم وذلك لخبرته الطويلة في العمل ولمعرفته الجمة بشؤون المجتمع ولعلاقاته وصلاته الطيبة بكل الناس.
هذا وقد تم تأبينه في مدينة الابيض في السادس من رمضان في تجمع فريد شمل الاهالي الذين عددوا مآثر الفقيد والحكومة التي قال ممثلها الفريق محمد بشير نائب الوالي ان التماري صاحب المبادرات القيمة والداعي دائماً الى الخيرات وكثيراً ما تمت في منزله المصالحات الصعبة وذلك بفضل ما لديه من قبول لدى كل اطراف الطيف المجتمعي والسياسي.
كذلك اشترك في تأبينه المؤتمر الوطني الذي هو عضو مكتب قيادي فيه، وقال خالد معروف ان المرحوم التماري كان من أنشط أعضاء المكتب القيادي واكثرهم عطاءاً وتجرداً وقدرة على انجاز وتوجيه العمل، وهو رجل لا يحمل حقداً لأحد لذلك كانت مبادراته محل تقدير وتوصية للعمل السياسي بالولاية.
كما اشاد ممثل اتحاد أصحاب العمل بالولاية بمجاهدات المرحوم التماري في المجال الاقتصادي وبخاصة القطاع الصناعي الذي كان دائماً في خدمته وتقديم الاستشارات والنصح له بلا مقابل.. فهو عضو نشط فيه.
أيضاً تحدث ممثل نادي مريخ الابيض الاخ فتح الرحمن معدداً مآثر الفقيد الذي كان أباً روحياً للمريخ على مدى سنوات طوال، وشهد عهد ادارته للفريق نجاحات مقدرة مما جعل الفريق من افضل فرق المريخ خارج العاصمة القومية.
أما د. فتحي بلدو، ممثل جامعة كردفان فقد ذكر مساهمات الفقيد في تأسيس جامعة كردفان وتواصل جهده في مجلس إدارة الجامعة بلا انقطاع وبمستوى مشرف، ومشاركة في كل مناشط الجامعة بلا مقابل حتى منحته الجامعة قبل أعوام درجة الدكتوراة الفخرية.
أما الشيخ ابراهيم السنوسي القيادي الاسلامي وابن مدينة الابيض والذي عاصر الفقيد في مراحل مختلفة من حياته، فقد ترحم على الفقيد وعدد مآثره وفضائله وانه دائماً كان هاشاً باشاً يسعى بين الناس بالمعروف والاصلاح، يستقبل الناس دائم الابتسام ويسعى في اعمال الخير والبر والتواصل. كان في خدمة مدينة الابيض في كل مناحي الخدمات ومشاركاً في كل الاعمال كبيرة كانت ام صغيرة فقد كانت بصمات التماري ماثلة في كل انجاز يتم بالمدينة.
وأشار الشيخ السنوي الى انه يشارك الفقيد حبه لنادي المريخ فهو مريخابي ايضاً.
هذا وقد حضر التأبين نفر كريم قدم من العاصمة ومن شتى أنحاء السودان اضافة الى اعداد ضخمة من رجالات الابيض وشبابها من الرياضيين وشباب الكشافة وأعيان المدينة امثال عثمان السيد رجل الاعمال الكبير بالمدينة وعبد الماجد فرويد والشيخ حسين والحاج عيسى رئيس محلية شيكان، وسليمان الدومة من رجالات التعليم والبروفيسور عثمان مدير جامعة كردفان السابق وعدد من موظفي الدولة وأجهزتها المختلفة، والمهندسون في شؤون المياه، الطيب سوار، وحمد سعد مدير المياه بالابيض، أضافة الى أعضاء الحكومة نائب الوالي ووزير المياه ووزير الصحة ومعتمد محلية شيكان فتح الرحمن عوض الكريم ومبارك حامد مستشار الوالي وعدد من رجالات الاحزاب والطوائف الدينية وعدد من أعضاء مجلس تشريعي الولاية و أبناء الولاية بالمجلس الوطني، البرلماني محمد صالح والامراء وفي مقدمتهم ميرغني زاكي الدين وعدد لا يحصى من زعامات المدينة وشيوخها وشبابها.
لقد رحل التماري المصرفي العريق والرياضي الفذ والرجل الاجتماعي العلم، المتواصل مع كافة قطاعات المجتمع بصدق وود وترحاب وباب منزله فاتح في كرم فياض ورحابة.
ظل التماري يعمل بلا كلل ولا ملل ولا من ولا أذى ديدنه حب الناس والتواضع الجم والزهد في الدنيا.
كل همه خدمة الناس في تجرد.
الا رحم الله الفقيد التماري واحسن اليه، وجعل الجنة مثواه. برحيله فقدت الابيض أبناً باراً وعلماً بارزاً ورمزاً وضئياً وقائداً اجتماعياً فريداً قل ان يجود الزمان بمثله- رجل تربى على القيم والمثل وشيم الكرم والسخاء والعطاء وبذل النفس والنفيس من أجل الوطن حتى ظل اسمه مطبوعاً على ذاكرة الابيض وكردفان عامة، وذكره على كل لسان على مستوى الوطن كله، لقد غاب (حليم) الابيض رحمه الله وجعل الجنة مثواه، والهم آله الصبر وحسن العزاء.
(إنّا لله وإنّا إليه راجعون).
د. بابكر محمد توم
غول الأسعار يحكم قبضته على أكبر أسواق دارفور
نيالا: عبد الرحمن إبراهيم
شهد سوق مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور ارتفاعا خرافيا في اسعار السكر ، الدقيق ، الزيت ،... الخ كما زادت اسعار بقية السلع من صابون ودهانات وعطور بزيادة بلغت اكثر من 100% لبعض السلع و200% لسلع اخرى،. ولم تسلم اسعارالملبوسات من الزيادات التي طالت اكبر اسواق دارفور في وقت بات فيه عيد الفطر المبارك على الابواب ليزيد من هموم الاسر في كيفية شراء مستلزمات العيد التي لا تحصي ولا تعد، ما اضطر الاسر الي ان تنتهج سياسة «التقشف الاسري» بتقديم الضروريات علي الكماليات.
«الصحافة» تجولت في سوق نيالا والتقت بعدد من التجار والمواطنين، وتعمل لنقل المشهد في ارجاء المدينة الحالمة التي تشهد يوميا فصلاً جديداً من فصول المعاناة بدءاً بانقطاع الكهرباء الي انقطاع الامداد المائي، مرورا بازمة الوقود الحادة التي ادت للاحتجاجات الاخيرة وانتهاء بالزيادت غير المبررة لبعض السلع. ومن المواطنين من يقول ان كل هذه البلاوي بسبب الانفصال، ومنهم من يري غير ذلك، ويعزوها البعض الي رفع الدعم عن المحروقات، وآخرون يرونها في الازمة الاقتصادية العالمية.
اكرم الجلابي صاحب محل لبيع الخبز في سوق نيالا الكبير قال ان ارتفاع اسعار الخبز من اربعة قطع خبز الي اثنين فقط مقابل الجنيه، سببه زيادة الحجم من قطعة الخبز والارتفاع في اسعار الخميرة والدقيق والعمالة، ويشير حمادة حامد من سوق المحاصيل الي ارتفاع اسعار الذرة والدخن، اذ وصل سعر جوال الدخن الي «340»ج، وطالت الزيادة عينات الذرة طابت، الفتريتة والقمح الذي لا يعتمد عليه المواطنون في الولاية كثيراً، واشار التاجر حمادة الى ان هنالك ذرة المخزون الاستراتيجي او ما يعرف بالذرة الهندي وهو غير مرغوب من قبل المواطنين، بل ان الحيوانات تحجم عن اكل ذلك النوع من الذرة غير المعروف لانسان وحيوان الولاية.
وفي سوق الخضار الذي يتكئ علي ضفاف «وادي برلي» وجدنا السوق يكتظ بالبائعات والبائعين، واشارت حواء يعقوب الي استمرار تدفق اللواري المحملة بالبضائع من منطقة بليل ومويسي وبعض المناطق الاخري وهي محملة بالبطاطس والبصل والخضروات بانواعها المختلفة، واوضحت التاجرة حواء ان كيس الخضار الكامل يكلف حوالي «10»ج وفي العام الماضي لا يتعدي ثلاثة جنيهات، وارجعت ارتفاع اسعار الخضار الي ارتفاع اسعار الوقود التي يعتمد عليها اصحاب الجناين التي تعمل بواسطة الوبورات.
في سوق الملجة نيالا وهو من الاسواق المعروفة علي نطاق واسع، اشار احمد علي وهو تاجر فواكه الي ان معظم الفواكه تأتي من جبل مرة ومنطقة زالنجي والجناين الداخلية لمدينة نيالا، ونوه بأن سعر دستة البرتقال تتراوح بين «14»ج الى «20»ج، واوضح التاجر احمد ان هذه الاسعار مقارنة بما سبق من اعوام بل شهور مرتفعة جداً، مشيراً الي ان في رمضان الماضي اغلي دستة من البرتقال وصلت «10»ج. وارجع كل الزيادات الي فتح اسوق جديدة للفواكه في كل من الابيض والخرطوم، فاصبحت العربات الآن تشحن من نيالا الي المدن المذكورة آنفاً ما ادي الي زيادة جنونية للفواكه رغم وفرتها في سوق الولاية.
في سوق العطور التقت «الصحافة» التاجر مزمل اسماعيل وهو صاحب بوتيك للاحذية الرجالية، النسائية والاطفالية. ويرى أن الاسعار يومياً في زيادة حتي وصل سعر الجزمة الايطالية «160»ج والتي كانت في العيد الماضي فقط ب «60»ج، واوضح أن اقل حذاء سعره الآن «20»ج، وعزا الزيادات لارتفاع تكلفة الترحيل والجمارك العالية التي يدفها التجار والدولار وما يصاحبه من ازمات، فكل هذه الاسباب تؤثر في رفع قيمة الحذاء.
وفي سوق نيالا الجنوبي الشهير بسوق «ام دفسو» اشار التاجر آدم سليمان وهو صاحب محل لبيع العطور والكريمات والكماليات إلى ان اسعار العطور قد زادت بصورة جنونية، وأن بعض العطور التي كانت تباع بسعر «10» ج قفزت الى «30» ج، وهكذا كل البضائع ارتفعت أسعارها، فسعر معجون الاسنان البريطاني «سانسوداين» قبل اقل من شهرين كان «10»ج واصبح الآن «24»ج، وعندما سألته عن حركة السوق الشرائية اوضح التاجر آدم ان هنالك ركوضاً في السوق وعزوفاً من المواطنين عن الشراء، إذ أن العطور ليست ضرورية والمواطن الآن يبحث عن «قفة الخضار».
وفي سوق الملبوسات سألت حليمة اسماعيل عن الأسعار، فاوضحت لي أن الاسعار عالية جداً، وسعر الفستان الاطفالي «125» جنيها، وهي بالتالي غير معقولة. من جانبه اشار علي الزين صاحب بوتيك للملبوسات والثياب النسائية إلى أن سعر أحدث الثياب وصل إلى «500»ج، وكان قبل فترة ب «300»ج. وأرجع الاسباب الى ارتفاع قيمة الجبايات المختلفة والجمارك وايجار الدكان، فكل حاجة اضحت غالية في السوق، وابان التاجر علي ان سعر بنطلون الجينز الرجالي «80»ج، وهذا السعر لم يصل إليه قبل هذا اليوم، والقميص يتراوح سعره الآن بين «40»ج الى «50»ج، والقوة الشرائية ضعيفة للغاية، مشيراً إلى ان هنالك إحساساً سائداً في السوق بحدوث ركوض وخمول شرائي.
انهيار الطرق في الخريف
حالة طريق العيلفون
تعتبر الطرق احد اهم مقومات النهضة للامم والشعوب، اذ تساهم بقوة في خفض تكلفة النقل كما انها تساهم بقوة في تمتين الحس الوطني لدي المواطنين، وتعتبر صناعة الطرق من الصناعات المكلفة جدا اذ تقارب تكلفة الكيلومتر الواحد الخمسمائة الف دولار، ويذهب الكثيرون من الخبراء حول العالم الي ان افتقار اية مجتمعات للطرق ذو مردود سلبي خطير علي المجتمع ويقلل كثيرا من الناتج الاجمالي للاقتصاد الوطني كما انه يساهم في تراجع الحس الوطني خاصة اذا كان الافتقار للطرق موجها لمناطق معينة ما يؤدي الي بروز وتعضيد الجهويات والقبلية خصما علي القومية .
ظلت بلادنا تفتقر لشبكات الطرق وبرغم ان مساحة البلاد كانت مليون ميل مربع الا ان شبكة الطرق بها لم تتجاوز الالفي كيلومتر وبذلك ظلت البلاد تصنف بانها احدي اكثر الدول فقرا، وفي العقدين الاخيرين اضيف للشبكة ما يقارب الثلاثة الاف كيلومتر ابرزها شريان الشمال وطريق التحدي وبعض قطاعات الانقاذ الغربي مثل الابيض الخوي النهود وكريمة السليم حلفا والعيلفون الجنيد ودمدني.
طريق الخرطوم العيلفون وهو نواة لطريق ودمدني الخرطوم بشرق النيل تم تشييده علي نفقة الحكومة الليبية، وقد ظل هذا الطريق بمثابة الشريان لكافة مناطق شرق النيل اذ يربطهم بالعاصمة وقد اسهم هذا الطريق في احدث نهضة ملموسة لمنطقة شرق النيل التي اضحت تضم اهم مشروعات الامن الغذائي التي تقيمها ولاية الخرطوم .
الكثافة المرورية الضخمة علي الطريق بعد وصوله الي مدينة ودمدني كانت تحتم عمل توسعة وصيانة دورية علي الطريق بيد ان الواقع الراهن يقول بأننا ربما فقدنا هذا الطريق تماما بفضل التجاهل واللامبالاة، واذكر انني التقيت السيد مدير ادارة الطرق بالولاية قبل شهور بمكتب الاخ عماد فضل المرجي حمزة مدير عام وزارة المياه والبني التحتية فقلت له حرام ان تتجاهل ادارة الطرق بالولاية شارع العيلفون حتي يغدو مجرد مطبات وحفر خاصة انه بات يتآكل في جانبيه بصورة تهدد بذهاب كل طبقة الاسفلت، وان الطريق لا يحتاج الا لبعض الردميات علي جانبيه، فقد تآكلت الردميات بفعل عدم الصيانة واعمال الجرف الناجم عن الكثافة المرورية واذكر ان السيد مدير الطرق بالولاية قد قال لي بأنهم بصدد عمل تلك الردميات.
مرت شهور وجاء الخريف وواصلت المياه المتساقطة من الطريق في جرف الردميات وباتت طبقة الاسفلت مجرد طبقة عالقة بدأت تنهار، ولعل ابرز علامات الطريق التي يلاحظها مستخدمو طريق القذافي هي تلك الكميات المتآكلة فجر كل يوم جديد ويبدو ان نفير ادارة الطرق سيأتي بعد نصب صيوان العزاء
ومن هنا فإنني اهمس في اذن مدير عام وزارة المياه والبني التحتية المهندس عماد فضل المرجي بأن عليه متابعة مثل هذه الامور بعيدا عن التقارير ومسؤولي ادارة الطرق خاصة ان ما يشهده طريق العيلفون يهدد السلامة المرورية ويهدد حياة مستخدمي الطريق خاصة ان سائقي شرق النيل يتميزون بالتهور في السرعة والتجاوز.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.